أبلغ رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) رونين بار المحكمة العليا، اليوم الجمعة، أنّ رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو طلب منه مراراً وتكراراً تقديم رأي يُفيد بعدم قدرته على الإدلاء بشهادته في المحاكم على نحوٍ مُنتظم (في قضايا الفساد المتهم بها) لأسباب أمنية، مضيفاً أن رفضه ذلك أدى إلى "فقدان الثقة" من نتنياهو تجاهه، في إشارة صريحة إلى أن هذا السبب هو الذي يقف وراء قرار الحكومة إقالة بار من منصبه، في حين اتهمه نتنياهو بالكذب، وأنّ الإقالة تتعلق بمسؤوليته في إخفاق السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يوم تنفيذ حركة حماس عملية "طوفان الأقصى".
وانتقد بار، إلى جانب المستشارة القضائية للحكومة غالي بهراف – ميارا، في ردهما على الالتماسات المقدّمة للمحكمة بشأن إقالته قرار الحكومة، محذّرَين من المساس باستقلالية "الشاباك". وذكر بار أن علاقاته مع نتنياهو تدهورت أيضاً بسبب فتح "الشاباك" تحقيقاً في قضية سرقة مقربين من نتنياهو وثائق سرية من مكتب نتنياهو وتسريبها إلى وسائل إعلام، موضحاً أن "التحقيق في هذا الموضوع كان مصدر انزعاج كبير لرئيس الوزراء، الذي انتقد علناً السلطات المسؤولة عن التحقيق ووصفها بأنها آلات تصيّد"، وأضاف أنه جرى إجراء 17 تحقيقاً إضافياً في قضايا مماثلة، لكن في هذا التحقيق فحسب تعرّضت السلطات للانتقاد من المستوى السياسي، كما قال بار: "مورست عليّ ضغوط للعمل ضدّ مواطني الدولة".
وكتب بار في رده للمحكمة: "ما هو على المحك الآن هو قدرة رؤساء الشاباك المستقبليين على قيادة الجهاز وتحقيق أهدافه وفقاً للمبادئ المحددة في القانون.. حسب فهمي، فإن سبب إنهاء ولايتي يعود إلى توقّع المستوى السياسي ولاءً شخصياً (أي من رئيس الشاباك لرئيس الحكومة)، وعندما توصل المستوى السياسي إلى استنتاج بأن هذا الولاء غير متوفر من جانبي، قررت الحكومة المضي قدماً في إنهاء ولايتي".
وأوضحت المستشارة القضائية من جانبها أن قرار الحكومة اتُخذ في عملية سريعة ومستعجلة، دون الالتزام بالآلية المحددة في قرارات حكومية أخرى، ووصفت العملية بأنها "جرت دون تقديم قاعدة حقائق منظمة لأصحاب القرار، ودون إجراء جلسة استماع كما هو مطلوب"، وكتبت ميارا أن "قرار الحكومة فيه خلل من أساسه ولا يمكن أن يصمد"، وأن "هذا القرار له تداعيات تتجاوز بكثير قضية رئيس جهاز الشاباك الحالي".
ورد ديوان نتنياهو في بيان هاجم فيه بار، مؤكداً: "انعدام الثقة برئيس الشاباك الذي نشأ لدى رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة كافة دون استثناء، لم يكن بسبب مسألة الولاء الشخصي، بل بسبب انعدام الثقة في أدائه بسبب مسؤوليته الحاسمة في فشل السابع من أكتوبر، إذ اختار عدم إبلاغ المستوى السياسي، وكذلك نتيجة سلسلة من الأحداث التي زعزعت الثقة المهنية به لاحقاً"، وأضاف ديوان نتنياهو: "الشخص الوحيد الذي يتصرف بناءً على دوافع شخصية هو رئيس الشاباك الذي يتمسك بمنصبه ويرفض مغادرته رغم فقدانه ثقة الحكومة بأكملها، ورد رئيس الشاباك مليء بتضارب المصالح الواضح، وليس من المستغرب أن يتزامن مع رد المستشارة القضائية للحكومة، التي هي الأخرى موجودة في تضارب مصالح واضح".
ووفقاً لما ذكره مكتب نتنياهو، فإنّ "رد بار مليء بالأكاذيب، بما في ذلك الادّعاء بأن رئيس الحكومة طلب منه استخدام صلاحيات الجهاز بطريقة غير مناسبة"، وفيما يخصّ الادّعاء الذي يتعلق بشهادة نتنياهو، أوضح مكتب رئيس الحكومة: "رئيس الوزراء تحدث مع رئيس جهاز الشاباك حول الطرق التي تسمح له بالإدلاء بشهادته أمام المحكمة، في ظل التهديدات الصاروخية على إسرائيل وعلى رئيس الحكومة خصوصاً. وقد دار النقاش حول مكان الإدلاء بالشهادة وليس حول عقدها"، وأضاف: "خبراء جهاز الشاباك قرروا أنه يجب إجراء الجلسات في المنطقة الآمنة داخل المحكمة المركزية في تل أبيب وليس في مكان آخر، وهكذا تُعقد الجلسات بالفعل".
