4 أسئلة حول حزمة الإنفاق الضخمة التي أقرتها ألمانيا

منذ ٦ أيام ٩

تجاوزت حزمة الإنفاق الضخمة لتعزيز الجيش وتحديث البنية التحتية في ألمانيا العقبة الأخيرة اليوم الجمعة، عندما وافق مجلس الشيوخ على التعديلات المالية، وذلك بعدما كان المستشار القادم فريدريش ميرز قد أعرب عن ثقته بأنها ستُقرّ، كما حدث في مجلس النواب قبل أيام، بمساعدة الاشتراكيين الديمقراطيين بزعامة الزعيم المنتهية ولايته أولاف شولتز وحزب الخضر. وشدد ميرز على ضرورة بناء دفاعات أوروبا ضد روسيا المعادية، في الوقت الذي شكك فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في القوة المستقبلية لحلف شمال الأطلسي (ناتو). وتسابقت وسائل الإعلام الألمانية في وصف الخطة المالية، وسمّتها "البازوكا" التمويلية الضخمة.

وتعفي الخطة الإنفاق الدفاعي الذي يتجاوز 1% من ناتج ألمانيا المحلي الإجمالي من قواعد الدين الصارمة، وتُنشئ صندوقًا بقيمة 500 مليار يورو (545 مليار دولار) للبنية التحتية على مدى 12 عاماً. وفي المجمل، يُمهّد هذا الطريق لإنفاقٍ يتجاوز تريليون يورو في أكبر اقتصاد أوروبي، الذي انكمش خلال العامين الماضيين. وفي ما يلي لمحة عامة عن حزمة الإنفاق المقرّة اليوم:

1 - ما الذي يحتاج إليه الجيش الألماني؟

تتمثل أولوية ميرز القصوى في بناء القوات المسلحة مع تزايد المخاوف من أن روسيا قد تُهدد مستقبلاً حليفًا للاتحاد الأوروبي، مع تراجع الثقة بأن الولايات المتحدة ستهب للدفاع عن أوروبا. ولطالما ترددت ألمانيا، بتاريخها المظلم في الحرب العالمية الثانية، في إنفاق مبالغ طائلة على جيشها، وانخفض تمويلها بشكل حاد بعد انتهاء الحرب الباردة.

وفي السنوات الأخيرة، تعرّض الجيش الألماني للسخرية بسبب أعطال في معداته، بما في ذلك طائرات هليكوبتر لا تُحلّق وبنادق لا تُطلق النار بدقة. ودفع الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا قبل ثلاث سنوات شولتز إلى التحرك، فأعلن عن إنفاق دفاعي إضافي بقيمة 100 مليار يورو، ما سمح لألمانيا بتحقيق هدف الناتو البالغ 2% من الناتج المحلي الإجمالي. لكن لا يزال هناك الكثير مما يجب القيام به، وقد حذّرت إيفا هوغل، المفوضة البرلمانية للقوات المسلحة، من أن الجيش لا يزال يفتقر إلى كل شيء.

لقد وُضعت طلبات كبيرة، بما في ذلك غواصات جديدة ألمانية الصنع، لكن بناءها وتسليمها سيستغرقان سنوات. وفي هذا الصدد، قال أرمين بابرغر، رئيس شركة راينميتال، أكبر شركة دفاعية في ألمانيا، الأسبوع الماضي: "لقد بدأ عصر إعادة التسليح في أوروبا، وسيتطلب الكثير منا جميعاً".

2 - ماذا عن الطرق والجسور والمدارس؟

لطالما اشتكى السياسيون الألمان من تأخر القطارات، وانهيار الجسور، وضعف تغطية شبكات الهاتف المحمول والإنترنت في مناطق شاسعة. وتقول وزارة النقل، التي تُقدّر أن خمسة آلاف جسر بحاجة إلى إعادة بناء: "لدينا الكثير من البنية التحتية التي يعود تاريخها إلى ستينيات وسبعينيات القرن الماضي". وبناءً على إصرار حزب الخضر، ستُخصَّص 100 مليار يورو لصندوق المناخ، ما قد يُسهم في تمويل مشاريع مثل الطاقة المتجددة ومحطات شحن السيارات الكهربائية.

3 - هل سينتعش اقتصاد ألمانيا المتعثر؟

أعرب الخبراء عن أملهم أن يُسهم الإنفاق في إنعاش اقتصاد انكمش خلال العامين الماضيين، وتعزيز النمو في منطقة اليورو ككل. لكن المحللين يُحذرون من أن المال وحده لن يكون الحل، ويدعون إلى إصلاحات لخفض تكاليف الطاقة، وتقليص البيروقراطية، وجذب المزيد من العمالة الأجنبية الماهرة.

وكتب كارستن برزيسكي، المحلل في بنك "آي إن جي" (ING)، أن "البنية التحتية الحديثة ضرورية لأحد أكبر اقتصادات العالم، لكنها لا تُحفّز الابتكار، أو تحوّل القطاعات، أو فرص النمو الجديدة". وقال إن "فرص حدوث انتعاش دوري في الاقتصاد الألماني قد ازدادت بشكل واضح"، لكنه شدد أيضًا على الحاجة إلى "إصلاحات هيكلية حقيقية".

4 - هل أصبحت ألمانيا المُقتصدة مُبذراً كبيراً؟

يُشير هذا الإسراف المالي إلى تحوّل جذري في بلدٍ معروف بتردده في الاقتراض، خوفاً من أن تُثقل أعباء السداد كاهل الأجيال القادمة. وإلى جانب منح الضوء الأخضر لمزيدٍ هائلٍ من الاقتراض لأغراض الدفاع، ستسمح الحزمة أيضاً لحكومات الولايات بإدارة عجزٍ سنوي يصل إلى 0.35% من الناتج المحلي الإجمالي.

وكتب برزيسكي أن الحزمة الجديدة تعني أن نظام كبح الديون "لم ينتهِ رسمياً، بل دُفن حياً"، فيما أكد ميرزـ الذي أصرّ خلال الحملة الانتخابية على التمسك بنظام كبح الديون، أنه ليس مجرد أداةٍ ضخمةٍ للسياسيين. وحذّر الحزب الاشتراكي الديمقراطي من ضرورةِ تقليص الإنفاق في مجالات أخرى، خاصةً في الإنفاق على الرعاية الاجتماعية. وسيزداد الدين الألماني، لكن الخبراء يقولون إنه مع نسبة حاليةٍ تبلغ 62% من الناتج المحلي الإجمالي، أي حوالي نصف نسبة الولايات المتحدة، لا يزال هناك مجال للمناورة.

(فرانس برس، العربي الجديد)

قراءة المقال بالكامل