تتجه الحكومة المغربية نحو تنظيم سوق الدواء في المغرب، بما يؤدي إلى محاصرة هوامش الأرباح المرتفعة التي تفضي إلى غلاء الأدوية في الصيدليات بالمملكة.
ويذهب محمد العربي، نائب رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، إلى أنه يفترض في الحكومة تنظيم سوق الأدوية، عبر ضبط هوامش أرباح مختلف المتدخلين من مصنعين ومستوردين وموزعين وصيادلة.
ويؤكد في تصريح لـ"العربي الجديد" أن هناك أدوية منظمة أسعارها بقرارات للدولة، غير أنه يؤكد أن الأسعار قد تصبح في بعض الأحيان مرتفعة جداً خاصة عندما يتعلق الأمر بأدوية الأمراض المزمنة. ويشير إلى أن أسعار الدواء المرتفعة تؤثر على القدرة الشرائية للأسر، لكنها في الوقت نفسه قد تمس بالتوازنات المالية لصناديق الضمان الاجتماعي التي تعوض المؤمنين، رغم ضعف حجم ذلك التعويض.
ودأبت السلطات العمومية في الأعوام الأخيرة على خفض أسعار الأدوية، عبر تحديد أسعار جديدة للعموم، وخلق نوع من الانسجام بين القواعد المطبقة على الأدوية المصنعة محلياً والمستوردة. وقد نبه فوزي لقجع الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية، المكلف بالميزانية، أمس الأربعاء في اجتماع مع الاتحاد لمقاولات المغرب، إلى ارتفاع هوامش أرباح المستوردين، مؤكداً ضرورة تنظيم قطاع الأدوية.
وذهب الوزير في حديثه للاتحاد الذي يمثل مصالح رجال الأعمال في المغرب، إلى أن المصنع المحلي يجب أن يبقى منتجاً، ولا يمكن أن يتحول إلى مستورد للأدوية، لأن هناك فرصاً سانحة في السوق الخارجية. ويشدد على أنه يفترض في المستورد أن يتصرف بتلك الصفة، حيث يمكنه بعد استخلاص كل التحملات والتكاليف، تحقيق في حدود 10%، معتبراً أنه من غير المقبول أن يصل الفرق إلى 300% بين السعر المصرح به لدى الجمارك والسعر الذي يباع به الدواء في الصيدليات.
وأكد أنه في المنطق الجبائي، تُعد حماية الإنتاج المحلي أولوية الأولويات، مشدداً على أنه لا يجري البحث عن عائدات جبائية عبر الدواء، ومعتبراً أنه لا يمكن للدواء أن يكون مجالاً لتحقيق هوامش أرباح تتراوح بين 30 و40%. وشدد على أن الهدف هو عدم زيادة العبء الجبائي على الدواء وحماية الإنتاج المحلي، والعمل بمبدأ "الأفضلية الوطنية"، غير أنه ألح على ضرورة الاكتفاء بهوامش أرباح غير مبالغ فيها من قبل مستوردي الأدوية.
كما لفت إلى أن الوزارة تتوفر على البيانات حول السعر المصرح به لدى الجمارك عند الاستيراد والسعر عند البيع بالصيدليات، بينما تجري الإحاطة بهامش الربح عبر البيانات التي يصرح بها المستورد لدى الإدارة الجبائية. وكان مجلس المنافسة قد أكد في تقرير له أن سوق الأدوية ضيقة في المغرب، حيث لا يتعدى معدل الاستهلاك للفرد الواحد 45 دولاراً سنوياً، بينما يصل ذلك المعدل إلى 300 دولار في العام على المستوى الأوروبي.
ولاحظ مجلس المنافسة أن مستوى الاستهلاك الضعيف يدل على "العجز الكبير لولوج الساكنة المغربية للدواء، وهو عجز يتفاقم مع المستوى المرتفع لمساهمة الأسر في نفقات الصحة، والتي تناهز حوالي 48%، في الوقت الذي يبلغ فيه المتوسط العالمي 25%".
وخلص تقرير لمجلس الحسابات إلى أن أسعار الأدوية تتأثر بهوامش تجار الجملة والصيادلة، وكذلك بالضريبة على القيمة المضافة، مشيراً إلى أن هوامش الصيادلة تتراوح بين 47 و57%، بالنسبة للأدوية التي يقل سعرها أو يساوي 59 دولاراً، بينما تتراوح بالنسبة للأدوية التي تجاوز سعرها 59 دولاراً بين 30 و40 دولاراً.
غير أن الصيادلة دأبوا على التأكيد على أن هوامش أرباحهم لا تتعدى 27%، مشيرين إلى أن هناك العديد من المتدخلين في القطاع مثل الموزعين الذين يساهمون في تحقيق أرباح تحدد الأسعار المطبقة.
