أزمة تجنيد الحريديم تتواصل: الحل يمر عبر تعيين رئيس أركان جديد؟

منذ ٢ شهور ٣٧

يواجه الائتلاف الإسرائيلي الحاكم في إسرائيل بعد عام وثلاثة أشهر من الحرب على غزة، تصدّعات جديدة ــ قديمة، محورها أزمة قانون التجنيد، الذي ترغب الكتل الحريدية في أن يُفصّل على مقاسها. ولا يبدو، حتى الآن، أن المقترحات التشريعية المطروحة تتسق مع رغبات الحريديم ومصالحهم، وهم الذين لوّحوا أكثر من مرّة بأوراق مقاطعة التصويت لصالح مشاريع قانونية يطرحها الائتلاف، وصولاً إلى الانسحاب من الحكومة. وبينما أقدموا على الأولى، وامتنعوا حتّى الآن عن استخدام الثانية، يدرك الائتلاف الحاكم حجم القوّة التي تتمتع بها الكتل الحريدية، ولذلك يحاذر صنّاع القرار في حكومة نتنياهو التعامل مع هذا الملف، بغية استرضائهم.
وفي خطوة لافتة، برزت اتهامات وجهتها المعارضة لوزير الأمن يسرائيل كاتس، بينما كان الأخير يعقد لقاءاته في مقر وزارة الأمن في تل أبيب، مع المرشحين لخلافة هرتسي هليفي إثر استقالته من رئاسة أركان الجيش. مفاد هذه الاتهامات أن كاتس يسترضي الحريديم هذه المرّة، من خلال رهن تعيين المرشح لرئاسة الأركان بدعمه لقانون إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية الإلزامية. 

والواقع، أن كاتس لا يسترضي الحريديم، بقدر ما يبحث عن مخرج لحلّ الأزمة لإنقاذ الحكومة من أي مُهدد جديد لاستقرارها، خصوصاً بعد استقالة حزب "عوتسماه يهوديت"، فيما يهدد الحزب الثاني المنضوي في الجناح الصهيوني الديني، بالانسحاب هو الآخر إذا لم تستأنف إسرائيل الحرب بعد تطبيق المرحلة الأولى من اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة. في خضم ذلك، تواصلت احتجاجات الحريديم خارج مكتب التجنيد في قاعدة "تل هشومير"، بموازاة متابعة أعضاء الكنيست من كتلتي "شاس" و"يهوداة هتوراة"، دعم الموجة الاحتجاجية، التي انطلقت منذ صباح اليوم الثلاثاء، فيما استمرت المناقشات بشأن قانون الإعفاء من الخدمة العسكرية في لجنة الخارجية والأمن في الكنيست.
إلى ذلك، احتجّ رئيس لجنة التربية في الكنيست، النائب عن "شاس"، يوسي طايف، على عدم التوصل إلى صيغة قانونية تتيح للحريديم التهرب من الخدمة؛ إذ قال في مقابلة خلال برنامج "شموني: إيفس إيفس" الذي يبثه راديو "كول بِرَماه" إن "ابني تلقى أمراً أوّلياً بالتجنيد، وقد سألني: ما العمل؟ فأجبته: لديك رئيس يشيفاه (رئيس المعهد التوراتي الذي يدرس فيه)، وثمة مجلس حكماء التوراة. وفي العموم، لست قلقاً. وإن كانوا سيعتقلونه، فسيتابع دراسة التوراة من السجن".
ويأتي ما سبق غداة مناقشات انعقدت في الكنيست، انتقد خلالها النوّاب الحريديون الرأي المهني لمسؤولي وزارة المالية، الذين تحدثوا عن الاحتياجات الاقتصادية التي تستلزم تبديل جنود الاحتياط بجنود الخدمة الإلزامية، لكون الجندي في الأخيرة أقل كلفة من نظيره في الاحتياطية. وفي جزء من هذا الانتقاد، قال عضو الكنيست يعكوف آشر من "ديغيل هتوراه" إن "دولة إسرائيل قامت منذ 76 عاماً على قيمة دراسة التوراة، والآن يأتي المسؤول عن التمويل والميزانيات في وزارة المالية، ليقترح تفريغ قانون توراتو أُمناتو (مصطلح يوصف من يُكرس جُلّ وقته وحياته لدراسة التوراه) من ماهيّته".
ومنذ مطلع الأسبوع الجاري، ينظّم الحريديون تظاهرات في مكتب التجنيد في قاعدة تل هشومير احتجاجاً على القرار بتجنيدهم للوظائف الداعمة للقتال تحديداً. وفي جزء من احتجاجهم هذا أغلقوا اليوم الشارع المؤدي إلى قاعدة تل هشومير، واشتبكوا مع الشرطة التي وصفوها بـ"النازية"، واشتبكوا مع سائقي السيارات الذين عارضوا إغلاقهم للطريق، وفي الوقت نفسه حاول المحتجون إقناع شبّان من ملّتهم كانوا قد وصلوا إلى هناك تلبية لأمر التجنيد، بالتراجع عن قرارهم.

كل هذه التطورات تأتي بعد نحو أسبوع من استماع لجنة الخارجية والأمن لإحاطة قدّمها رئيس شعبة القوى البشرية في الجيش حول احتياجات الأخير، وموقف المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف-ميارا من الإشكالات التي تشوب المبادئ الاساسية التي استعرضها كاتس؛ فيما استعرض سكرتير الحكومة، يوسي فوكس، أمس، جهود الحكومة الرامية إلى التوصل إلى قانون الإعفاء. 
وفي خلال اجتماعات الكتل البرلمانية، اتهم رؤساء المعارضة الصهيونية الوزير كاتس بأنه يرهن تعيين رئيس جديد للأركان بدعم قانون الإعفاء؛ إذ قال رئيس حزب "يسرائيل بيتينو"، أفغدور ليبرمان، في افتتاحية جلسة كتلته: "لقد حان الوقت للقول إنه إذا لن يتجنّد الحريديم، فلن نصوّت". وأضاف: "رأيت أمس كاتس يلتقي في الكرياه المرشحين لرئاسة الأركان. قال إنه يبحث عن رئيس أركان هجومي، ولكن فعلياً هو يبحث عن رئيس أركان يدعم التهرب من الخدمة، فهذا معيار سيحدد من سيكون رئيس الأركان".
أمّا رئيس المعارضة يائير لبيد، فتطرق هو الآخر إلى المقابلات التي أجراها كاتس، وقال في افتتاحية جلسة كتلته إن "وزير الأمن يربط التعيين بقانون التهرب. أتوقع من المرشحين الثلاثة أن يقولوا لوزير الأمن إنه لن يكون هناك قانون تهرب، وإذا كان هذا شرطك فلن نكون رؤساء أركان". ورداً على هذه الاتهامات، قال كاتس إنه "خلافاً لأكاذيب المعارضة، لا يوجد أي مرشح لرئاسة الأركان سُئل حتى عن موقفه من قانون التجنيد"، على حد زعمه.

قراءة المقال بالكامل