أزمة تشكيل حكومة كردستان: اجتماعات إيجابية بين الحزبين الرئيسين

منذ ٣ ساعات ٧

شهد إقليم كردستان العراق، خلال الأشهر الخمسة الماضية، استعصاءً بالمشاورات والاجتماعات بين القوى والأحزاب الكردية الفائزة بالانتخابات التشريعية التي أجريت في 20 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، إذ لم تسفر المباحثات، منذ إعلان النتائج، عن تشكيل الحكومة الجديدة، إلا أن الأيام الأخيرة شهدت تقارباً سياسياً بين الحزبين الرئيسين في الإقليم، الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل الطالباني.

واجتمع الحزبان، مساء أمس الأحد، وهو الاجتماع الثاني من نوعه بين الجانبين، وبدت الأجواء إيجابية. وأكد رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، أن اجتماعه مع الطالباني كان "إيجابياً وجيداً للغاية". وأوضح في تصريح صحافي مشترك، بعد الاجتماع الذي عُقد بينهما في مصيف صلاح الدين، بمدينة أربيل، عاصمة الإقليم، أن المناقشات تركزت على التقارب وبحث القضايا المهمة. من جانبه، وصف بافل الطالباني الاجتماع بأنه "جيد جداً"، مشيراً إلى التوصل إلى تفاهمات حول بعض القضايا الاستراتيجية التي تصب في مصلحة الشعب.

وأكدا استمرار المباحثات، مشدداً على أن الهدف المشترك هو تشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن لخدمة المواطنين. وقال بافل الطالباني: "ما فهمته هو أن اجتماعنا كان جيداً جداً، واتفقنا على عدة أمور استراتيجية تصب في مصلحة شعبنا. وأعتقد أن مناقشاتنا ستستمر، فهدفنا المشترك هو تشكيل حكومة في أقرب وقت ممكن لخدمة شعبنا".

رئيس حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني يستقبل رئيس الاتحاد الوطني الكوردستاني بافل طالباني في أربيل pic.twitter.com/6Ojfa8SqDA

— Rudaw عربية (@rudaw_arabic) March 16, 2025

وخلال الشهرين الماضيين، عقد الحزبان عدة جولات من المفاوضات انتهت بتشكيل لجنة مشتركة، هدفها صياغة مسودة يجري الاتفاق عليها للبرنامج الحكومي المقبل، وآلية توزيع المناصب التنفيذية لحكومة الإقليم، لكن الاتفاق لم يفض إلى أي نتائج تدفع نحو الإسراع بحسم ملف تشكيل الحكومة. وفرضت نتائج الانتخابات في الإقليم الذي يتمتع بحكم إداري شبه مستقل عن بغداد، معادلة سياسية صعبة، إذ لم يحقق أحد الحزبين الكبيرين الفائزين، الأغلبية البرلمانية التي تمكنه من تشكيل الحكومة وحده، وهي معادلة النصف زائد واحد، أي 50 مقعداً بالإضافة إلى مقعد واحد.

وقال عضو في الحزب الديمقراطي الكردستاني، إن "الاجتماع الذي جمع الحزبين، يُعد من الاجتماعات الأكثر إيجابية على مستوى التفاهم حول شكل الحكومة المقبلة"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "الأسابيع المقبلة ستشهد عملية تشكيل الحكومة، وخلال هذه الفترة سيجري الاتفاق على تقاسم المناصب داخل الحكومة الجديدة التي سيُعاد اختيار مسرور بارزاني رئيساً لها، لكن بقية المناصب لم يجر التوصل إلى حلول بشأنها حتى الآن".

من جهته، أكد عضو الاتحاد الوطني الكردستاني كوران فتحي، أن أجندات خارجية كبيرة تعمل على عرقلة تشكيل حكومة الإقليم، وأن المباحثات بين الطرفين ما زالت مستمرة، رغم وجود نقاط مشتركة، لكن الخلافات حول توزيع المناصب الكبرى ما زالت قائمة، موضحاً في تصريح صحافي أن "الاتحاد الوطني يضع شروطاً هذه المرة لضمان مشاركة حقيقية في الحكومة، وأن المناصب الكبرى يجب أن تكون بصلاحيات مطلقة".

وفاز الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في الإقليم، ويقوده مسعود البارزاني، بـ39 مقعداً من مجموع مقاعد البرلمان البالغة 100 مقعد، تضاف إليها ثلاثة من مقاعد الأقليات التي فازت بها قوى مقربة منه، بينما يمتلك منافسه حزب الاتحاد الوطني، الحاكم في مدينة السليمانية، بقيادة بافل الطالباني، 23 مقعداً، إضافة إلى مقعدين من مقاعد الأقليات، يليهم بالنتائج أحزاب وقوائم إسلامية ومدنية مختلفة، أبرزها حراك "الجيل الجديد" المعارض الذي حصل على 15 مقعداً، ثم الاتحاد الإسلامي الذي حصل على سبعة مقاعد، فحزب الموقف الوطني الذي فاز بأربعة مقاعد، وجماعة العدل بثلاثة مقاعد، ومقعدان لحزب جبهة الشعب، ومقعد لكل من حركة التغيير والحزب الاشتراكي.

من جانبه، بيّن المحلل السياسي ميران سعيد، أن "الخلافات بين الحزبين عميقة، وكان بافل الطالباني قبل إجراء الانتخابات يريد إجراء تغيير شامل على مستوى قيادة الحكومة، بل كان يفكر بإجراء تغيير جذري من حيث اختيار رئيس حكومة جديد، لكن واقع نتائج الانتخابات لم يسعفه، ما دفعه إلى الضغط باتجاه الحصول على مكاسب أقل"، مستكملاً حديثه مع "العربي الجديد"، بالقول إن "الديمقراطي الكردستاني لا يتنازل عن بقائه في أعلى هرم الحكومة والقيادة الكردستانية".

وأكمل سعيد أن "الاتفاقات الأخيرة التي جرت في الاجتماع الثاني بين الحزبين الكبيرين توصلت إلى تحقيق توازن في المشاركة السياسية، وإدارة الإقليم"، مشيراً إلى أن "الاتحاد الوطني الكردستاني سيحظى بتمثيل أكبر في الحكومة الكردستانية الجديدة، وهذا أحد الاتفاقات".

قراءة المقال بالكامل