حذّرت فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، من أن الفلسطينيين يواجهون خطرًا حقيقيًا يتمثل في التطهير العرقي الجماعي، في ظلّ تنفيذ إسرائيل خطتها طويلة الأمد للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وإجلاء الفلسطينيين منها تحت ستار الحرب.
وأشارت ألبانيز في بيان صحافي صادر عن الأمم المتحدة في جنيف (صدر مساء أمس) إلى أن إسرائيل ستستخدم "الحرب ضد حماس" للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية ومواصلة تهجير الفلسطينيين، قائلة: "ما تفعله إسرائيل في فلسطين المحتلة اليوم يُذكّر بقوة بنكبة 1947-1949 ونكسة 1967". وأضافت: "في هذه الأثناء، يتظاهر العالم بأنه لا يرى التاريخ يُعيد نفسه".
وصرّحت ألبانيز بأن التطهير العرقي ليس جريمة قائمة بذاتها، إلا أنه ينطوي على أفعال تُشكّل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، بل وحتى إبادة جماعية. وقال البيان الأممي إنه خلال 16 شهرًا، "قتلت القوات الإسرائيلية 48,570 فلسطينيًا في غزة وشرّدت 1.9 مليون شخص"، ودمّر القصف الإسرائيلي المتواصل القطاع، مما جعل العودة مستحيلة، وإنه حتى الحكومات الغربية تقترح الآن ترحيل الناجين قسرًا، الأمر الذي يجعل "هذه الفكرة غير قانونية وتزيد الملح على الجرح".
وأشار البيان إلى أن تصعيد القوات الإسرائيلية ومليشيات المستوطنين عنفها في الضفة الغربية منذ يناير/كانون الثاني 2025 أدى إلى تهجير أكثر من 40 ألف لاجئ من جنين وطولكرم ونور شمس قسرًا من منازلهم وقتل ما يقرب من 70 شخصًا. وقالت ألبانيز إن الضفة الغربية تواجه أسوأ هجوم عسكري لها منذ الانتفاضة الثانية، والذي اتسم بالغارات الجوية والجرافات المدرعة وعمليات الهدم المُتحكّم فيها لشنّ غارات وهدم المنازل وتدمير القرى والبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك الأراضي الزراعية.
وأضافت المقررة الخاصة: "نشهد "مسارات دموع" جديدة في الضفة الغربية، تعكس مصير غزة. في عام 2025، لن يكون هذا الظلم مقبولًا فحسب، بل وصمة عار في ضميرنا الجماعي". كما أشارت إلى أن التاريخ يُظهر أن استراتيجية إسرائيل لبناء "إسرائيل الكبرى" الخالية من الوجود الفلسطيني تعتمد على التهجير القسري وقمع الفلسطينيين وأن تدمير حياة الفلسطينيين ومنازلهم وبنيتهم التحتية مع حرمانهم من العودة يُعزز هذا الهدف، فيما وصفت ألبانيز السلوك الإسرائيلي "الرامي إلى التطهير العرقي للأرض الواقعة بين النهر والبحر" على أنه يرقى إلى حملة إبادة جماعية لمحو الفلسطينيين بوصفهم شعباً.
وطالبت ألبانيز المجتمع الدولي بالإيفاء بالتزاماته بحماية الفلسطينيين من الفناء قائلة: "السبيل الوحيد هو إنفاذ الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الذي أقرّ بعدم قانونية الوجود الإسرائيلي المستمر في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأمرَ بإنهائه دون قيد أو شرط، وفرض تدابير مؤقتة ملزمة على إسرائيل لمنع ارتكاب إبادة جماعية في غزة". وأضافت حول ذلك: "رئيس وزراء إسرائيل ووزير أمنها السابق (يوآف غالانت) مطلوبان من المحكمة الجنائية الدولية، ويجب على الدول دعم مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة"، داعية أيضًا إلى فرض عقوبات محددة، ووقف جميع عمليات نقل الأسلحة، وحظر التجارة مع إسرائيل التي قد تضر بالفلسطينيين، ومحاكمة المسؤولين عن الجرائم في الأراضي المحتلة. وخلص البيان إلى القول "فلسطين جرحٌ عميق. ما يحدث للفلسطينيين مأساةٌ مُتنبأ بها، ووصمة عار في تاريخ إسرائيل نتحمل مسؤوليتها جماعيًا. لم يفت الأوان أبدًا للعالم أن ينهض ويفعل الصواب".
وبدءًا من 23 فبراير/شباط الحالي، أذن وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس بتعزيزات عسكرية في الضفة الغربية، مما منع 40,000 نازح فلسطيني من العودة إلى المناطق الشمالية. وأدت الهجمات التي قادها المستوطنون بدعم من الجيش الإسرائيلي بين يناير 2023 ويناير 2025 بحسب تقارير أممية إلى تهجير أكثر من 2,275 فلسطينيًا، من بينهم 1,117 طفلًا.
وشاركت ألبانيز مساء أمس الثلاثاء، في محاضرة في جامعة كلية لندن "يو سي إل" بدعوة من منظمات طلابية مناصرة للفلسطينيين، تحدثت فيها عن طريق المساءلة الدولية للاحتلال الإسرائيلي في ظل الإبادة الجماعية في قطاع غزّة، وسط تحريض من مجموعات صهيونية متطرفة، إذ تظاهر العشرات ضد حضورها إلى الجامعة فيما حضر المئات من الطلاب والمناصرين لدعم وحماية محاضرة ألبانيز التي خصصت فقط لطلاب الجامعة ضمن تقييدات مشددة فرضتها إدارة الجامعة على الحدث.
ani.says2: Francesca Albanese was due to talk at UCL in London when there were threats made to her safety by a group called Bethar.
However London's streets do not belong to them and the community protected the event in their 100s.
Just a snippet when we saw Francesca after the… pic.twitter.com/0aT9oBwHBK
وفي مقابلة لها مع القناة الرابعة البريطانية خلال زيارتها القصيرة إلى لندن هذا الأسبوع حول الإطار القانوني للإبادة الجماعية في غزة، قالت إن بعض قادة الدول الغربية يرفضون مقابلتها، فيما يقبل مسؤولون آخرون ذلك. وتساءلت خلال المقابلة "كيف ينظر القادة، بمن فيهم في هذا البلد، إلى أطفالهم هذه الأيام، ويتناولون وجباتهم، ويشترون أغراضهم من أمازون أو أي شيء آخر. كيف يُمكنك أن تُمضي حياتك مُعتقدًا أن لديك القدرة على إيقاف ذلك (الإبادة الجماعية في غزة) وأنت لا تفعل ذلك؟".
