أمن شرق آسيا ودول البلطيق والكاريبي في ختام مؤتمر استراتيجيات الدفاع

منذ ٢ شهور ٣١

اختتمت اليوم الثلاثاء أعمال المؤتمر السنوي الخامس لوحدة الدراسات الاستراتيجية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الذي ناقش في الدوحة، على مدى ثلاثة أيام، "استراتيجيات الدفاع للدول الصغيرة والقوى الأصغر: التكيفات التكتيكية والابتكارات العملياتية"، بمشاركة 36 باحثاً وأكاديمياً وخبيراً من 28 دولة، إذ خصص اليوم الأخير للمؤتمر لبحث الأمن في شرق آسيا، ودول البلطيق والبحر الكاريبي.

وترأس الباحث في المركز العربي، هاني عوّاد، الجلسة التي خصصت لبحث الأمن في شرق آسيا، والتي شارك فيه أربعة باحثين، استهلها فو كو ليو من معهد العلاقات الدولية في تايوان، بورقة عمل عنوانها، "تعزيز قدرة تايوان الدفاعية في مواجهة حرب محتملة في مضيق تايوان"، بحث فيها سبل تعزيز الأمن الوطني والقوات المسلحة، واختيار الأساليب المناسبة لتعزيز القدرات الدفاعية لردع الصراع المحتمل، لا سيما في ظلّ الجهود التي بذلتها تايبيه لزيادة ميزانية الدفاع وتسريع التعاون الدفاعي مع الولايات المتحدة الأميركية، فقد سعت حكومة الحزب الديمقراطي التقدمي لدفع الأجندة السياسية بعيداً عن الصين.

وفي ورقة بعنوان "استراتيجية كوريا الجنوبية الدفاعية ومعضلتها: الأولوية للتحالف أم الاعتماد على الذات؟"، تناول أستاذ علم الاجتماع في الأكاديمية العسكرية الكورية بكوريا الجنوبية إنسو كيم، فوائد وتكاليف الدفاع القائم على التحالف في تحقيق الأمن القومي للدولة الصغيرة، من خلال تحليل الحالة الكورية الجنوبية، وتطرق أولاً للتحالف مع الولايات المتحدة من أجل ردع تهديد كوريا الشمالية، وثانياً السعي لسياسة دفاعية مستقلة.

وعرض الفريق الأول المتقاعد والباحث الكوري الجنوبي، إنبوم تشون، في ورقته "القدرات العسكرية لكوريا الشمالية: من شرق آسيا إلى شرق أوروبا"، وتدخل كوريا الشمالية في الصراع الدائر في أوروبا والدعم الموسع لروسيا، معتبراً أن ذلك سيعزز القدرات العسكرية لكوريا الشمالية، لا سيما في مجال المسيّرات. واعتبر أن هذا التعاون لا يعزز الجهود العسكرية الروسية فحسب، بل يوفّر أيضاً للقوات الكورية الشمالية خبرة عملية في ساحة المعركة، في إشارة إلى لجوء روسيا للاعتماد على وحدات عسكرية كورية شمالية في حربها على أوكرانيا.

أمّا الورقة الأخيرة في هذه الجلسة، فكانت بعنوان "الدفاع الشامل في سنغافورة بعد أربعين عاماً: استجابة تطورية للتهديدات الهجينة وغموض المنطقة الرمادية"، قدّمها رئيس برنامج دراسات الأمن القومي في كلية إس راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة، أونغ ويتشونغ، وعرض فيها إستراتيجية سنغافورة "الدفاع الشامل" ابتداءً من عام 1984، والأسلوب الذي انتهجته لمعالجة التهديدات الهجينة.

وبحثت الجلسة الثامنة، التي ترأسها مدير مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني، غسان الكحلوت، ورقة عمل عرضت فيها مديرة معهد العلاقات الدولية والعلوم السياسية في جامعة فيلنيوس في ليتوانيا، مارغريتا سيسيلجيتي، "سياسة الدفاع الليتوانية في سياق النفوذ الجيوسياسي الروسي". وناقشت استراتيجيات الأمن والدفاع في ليتوانيا بوصفها دولة صغيرة، والشراكات مع الحلفاء، وتعزيز قدراتها الدفاعية الداخلية، لا سيما مع النفوذ المتزايد للسياسة الخارجية الروسية، إذ ركّزت ليتوانيا على الدفاع الجوي والدفاع الشامل وعمليات التسلح السريع لمعالجة التهديدات الناشئة.

أمّا نائبة المدير ورئيسة برنامج أبحاث الشرق الأوسط في المعهد اللاتيفي للشؤون الدولية، سينثيا بروك، فبحثت في ورقة بعنوان "استراتيجيات الدفاع للدول الصغيرة: تحوّل القوات المسلحة اللاتفية"، تطوّر استراتيجيات الدفاع اللاتفية بعد الاستقلال، مع التركيز على مستويَين استراتيجيَين: التحالفات العسكرية العابرة للحدود الوطنية وجاهزية القوة وبسط القوة، وتحديث لاتفيا لقواتها المسلحة مع التركيز على نماذج الدفاع الهجينة التي تجمع بين القوات المهنية والتجنيد وتعزيز الأمن الوطني.

وختم المحاضر في علوم أنظمة الدفاع والأمن في جامعة الدفاع السويدية، مايكل فايسمان، الجلسة بورقةٍ عنوانها "تحولات التحالف والدفاع في السويد: التغيرات الاستراتيجية في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا 2022"، تناول فيها تأثير البيئة الأمنية الجديدة في السويد ما بعد الغزو الروسي الكامل لأوكرانيا عام 2022، الذي قاد إلى قرارها التاريخي بالتخلي عن سياسة عدم الانحياز العسكري، التي حافظت عليها بأشكال مختلفة مدة 200 عام، حيث أصبحت عضواً في حلف شمال الأطلسي "الناتو".

وناقشت الجلسة الختامية للمؤتمر التي ترأسها أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في معهد الدوحة للدراسات العليا، أدهم صولي، انتصار كرواتيا في حرب الاستقلال، إذ عرض نائب رئيس جامعة فرانجو تودجمان للدفاع والأمن في كرواتيا، جوردون أكراب، للتحولات التي شهدتها كرواتيا ولتنظيم القوات المسلحة والمجتمع الاستخباري وتحولاتهما، مستنداً إلى خبرته بصفته مشاركاً في تنظيم القوات المسلحة والمجتمع الاستخباري بكرواتيا.

وفي ورقة بعنوان "المرونة الدفاعية والاستخبارية الداخلية للدول الصغيرة: كيف تجنبت مقدونيا الشمالية الحرب الأهلية" تناول الأستاذ المساعد في جامعة توب كابي للاقتصاد والتكنولوجيا بتركيا، المزايا الاستراتيجية للأطر العسكرية والاستخبارية التي تجنبت اندلاع حرب أهلية أثناء تصاعد التوترات الإثنية بين المجتمعَين المقدوني والألباني في مقدونيا، مركّزاً على المرونة بوصفها عنصراً حاسماً في إدارة الصراعات الداخلية، ومنع الحرب الأهلية في المجتمعات غير المتجانسة إثنياً.

أمّا رئيس قسم الأبحاث في مركز كوسوفو للدراسات الأمنية، رمضان إلازي، فقدّم ورقةً بعنوان "بناء القوات العسكرية بعد انتهاء الصراع في غرب البلقان: تحليل مقارن لأداء القوات المسلحة في البوسنة والهرسك وجمهورية كوسوفو"، اعتمد فيها تحليلاً مقارناً لتطوّر القوات المسلحة في البوسنة والهرسك وكوسوفو وبنيتها وأدائها، وتموقعها في سياق الأمن الإقليمي وبناء الدولة بعد الصراع، إذ عرض للتطور المؤسسي في كِلا البلدين، بما في ذلك الاستعداد العملياتي، وتخصيص الموارد، والالتزام بمبادئ الرقابة الديمقراطية للقوات المسلحة.

كما قدّمت الأستاذة في جامعة توركواتو دي تيلا في الأرجنتين، روت ديامينت، ورقة عمل عن تحولات القوات المسلحة الثورية الكوبية وتطورها ودورها، لافتة أنها الأقل دراسةً في أميركا اللاتينية من جهة، وتطرقت لأهمية الاعتماد على دعم بعض قطاعات الجيش إذا كان التحوّل نحو نموذج ديمقراطي في كوبا ممكناً.

جدير بالذكر أنّ مخرجات المؤتمر، ستنشر في كتاب بعنوان "دفاع الدول الصغيرة: التحولات الاستراتيجية والتكيفات التكتيكية"، يضم فصولاً مختارة من الأوراق المشاركة، سيصدره المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات باللغة العربية، كما ستنشر نسخة باللغة الإنكليزية عن دار نشر جامعية غربية. كما ستنشر بعض الأبحاث المشاركة ضمن سلسلة "أوراق استراتيجية" التي يصدرها المركز العربي.

قراءة المقال بالكامل