أميمة الخليل في صيدا... "بسهر أنا وياك"

منذ ٢ أيام ١٥

حضرت أميمة الخليل إلى صيدا، بوابة الجنوب اللبناني، في أمسية رمضانية حملت عنوان "بسهر أنا وياك"، واختارت لها أن تكون تحية للفن والمقاومة والحياة. في قصر دبانة التراثي، وتحت قناطره العثمانية، صدح صوتها وسط جمهور تحدّى التوتر القائم في مخيم عين الحلوة، محتفلاً بمرور أربعين عامًا على تحرير المدينة الجنوبية من الاحتلال الإسرائيلي.
غنّت أميمة من أرشيفها القديم والجديد: "عصفور طل من الشباك"، و"الكمنجات"، و"دعاني"، و"بسهر أنا وياك"، و"شو بحب غنيلك"، وقدّمت بعضها بتوزيع موسيقي جديد برفقة الفنانين هاني السبليني وحسين الخليل. كما أهدت تحية خاصة لصباح ومحمد عبد الوهاب، مبدعة في أداء أغنية "كل ما بشوفك"، وسط تصفيق جمهور غمره الدفء في واحدة من ليالي رمضان الصيداوية التي تختزن روح المدينة القديمة.
في حديثها إلى "العربي الجديد"، تؤكّد أميمة أن الغناء ليس ترفًا، بل حاجة وجودية، تقول: "ما أحوجنا إلى الغناء والابتهال للخروج من مآسينا! الموسيقى من أجمل وأرقى طرق التعافي للفرد والجماعة". في هذا السياق، أطلقت عشية الأمسية أغنيتها الجديدة "نتفة عتم"، وهي قصيدة بالعامية لماهر يمين، حازت العام الماضي جائزة الشاعر الراحل عصام العبدالله، ولحّنها هاني السبليني بعد فترة انقطاع طويلة، قادته إليها هذه الكلمات، كما تقول أميمة، بـ"روحها الصادقة والبسيطة والمؤثرة في آن".
ولعل هذا الاختيار للقصيدة يُلقي أيضاً على كاهل الشاعر ماهر يمين عبئاً ثقيلاً لفوزه بجائزة شاعر لبناني كبير هو من جيل المُجددين في القصيدة اللبنانية المحكية وفوزه الثاني بصوت أميمة وألحان هاني السبليني، فكانت هذه الأغنية "باكورة عمل جديد سوف يُطلق تباعاً ونقوم بتصوير كليباته بطريقة مبتكرة جداً هي طريقة الدمى المتحركة ثلاثية الأبعاد" في محاولة فنية بصرية للعودة إلى الحكاية الشعبية بروح حداثية.
وتمثل "نتفة عتم" خطوة أولى في مشروع موسيقي أكبر تعمل عليه الخليل، يشمل سلسلة أغانٍ جديدة ستبصر النور تدريجياً.

تضيف الخليل أن الأغنية "بقعة ضوء وسط العتمة التي يعيشها الناس. في كلماتها وموسيقاها مساحة أمل وتعبير صادق عن معاناة الناس اليومية، من الغلاء والعزلة والقلق". أما اللحن، كما تقول، فـ"اشتغله هاني بروحه المرحة والإبداعية التي اشتقنا إليها"، مؤكدة أن العودة إلى التعاون مع السبليني تمثل عودة إلى روح العمل المشترك التي ميّزت بداياتها.
في صيدا، المدينة التي تجمع بين البحر والهوية والحنين، بدا صوت أميمة كأنه ينهض من حجارة المدينة القديمة، ليعيد تشكيل العلاقة بين الموسيقى والمكان. هي ليست مجرد فنانة تؤدي على المسرح، بل صوت يحمل تاريخاً من الالتزام، وذاكرة من الغناء الذي لا ينفصل عن السياق، عن الأرض، عن الإنسان.
فأميمة الخليل، كما يعرفها جمهورها، ليست صوتاً فقط، بل تجربة تعيش داخل الأغنية وتخرج منها إلى العالم، لتقول: ما زال في هذا العالم من يُغنّى له. وما دام في القلب نبض، ثمة دوماً "نتفة عتم"... تُضاء.

قراءة المقال بالكامل