أهم احتياجات أوروبا العسكرية للتخلّص من الاعتماد على واشنطن

منذ ٤ ساعات ١١

تعاني أوروبا جدياً في سياساتها الدفاعية الاعتمادية في سياق التحالف التاريخي مع واشنطن، ولو أن الأمر عائد لرئيسة حكومة الدنمارك ميته فريدركسن فإنّ على الاتحاد الأوروبي أن يكون "في غضون ثلاث إلى خمس سنوات مستعداً للدفاع عن نفسه كلياً وباستقلالية"، وينظر عدد من قادة التكتل إلى "إعادة التسلح" بوصفها ضرورةً "لردع الأعداء وفي مقدمتهم روسيا"، بينما لا يروق للآخرين استخدام عبارة إعادة التسلّح، كرئيس حكومة إسبانيا بيدرو سانشيز، بينما يؤمن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأن التسلّح يتطلب "قروضاً مشتركة" لتحقيق الاكتفاء العسكري الذاتي.

وبدت نغمة أن القارة "تحت التهديد" في اجتماعات بروكسل للقادة الأوروبيين، أمس الخميس، محفزاً للأغلبية من أجل تبنّي ما ذهبت إليه رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي، أورسولا فون ديرلاين، في وقت سابق من هذا الأسبوع، بشأن البحث في وضع خطة دفاعية مشتركة تكون من خلالها القارة "مستعدة للحرب" على حدّ تعبيرها.

ودفعت الخشية من روسيا بأغلبية قادة الاتحاد الأوروبي، الخميس، إلى خلاصة تقول إنّ هناك حاجة لإعطاء زخم إضافي "لتسريع العمل في المجالات كافة لزيادة جاهزية أوروبا الدفاعية على نحوٍ كبير خلال السنوات الخمس المقبلة"، ووفق خطة "الاستعداد 2030" بحسب فون ديرلاين، فإنه على أوروبا "إذا أرادت تجنّب الحرب، الاستعداد لها"، ويلعب توتر علاقة الأوروبيين بواشنطن، مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، والخوف من روسيا، دوراً رئيسياً لتوجههم نحو "تعزيز صناعة الدفاع (التسليح) الأوروبية".

واختزل رئيس ليتوانيا (ليتوانيا دولة من دول البلطيق السوفيتية السابقة مع إستونيا ولاتفيا) غيتاناس نوسيدا القضية بالقول إنه "سيتعين علينا تسليح أنفسنا، وإلا فإننا سنصبح الضحايا التاليين للعدوان الروسي"، كما نقلت عنه وكالة الأنباء الدنماركية ريتزاو. ويأتي ذلك بعد نحو أسبوعين من موافقة رؤساء الدول والحكومات على توفير نحو 800 مليار يورو إضافية لتعزيز دفاعهم، وتلك الأموال ستؤمن من خلال سماح المفوضية الأوروبية بجمع قروض تصل إلى نحو ألف مليار يورو، لتعزيز نواقص الدفاع الأوروبي، ومن بينها تعزيز الدفاع الجوي والصاروخي وأنظمة المدفعية والطائرات بدون طيار.

وأبدت فريدركسن تفاؤلاً يوم أمس بشأن قدرة معسكر القارة على تحقيق الاستقلال الدفاعي في غضون سنوات قليلة، وهذه النغمة الاستقلالية تجد تشجيعاً في منطقة الشمال الأوروبي وبعض شرقها، بينما تبدي أخرى، بعيدة جغرافياً عن روسيا، تشككاً في الأمر مثل إيطاليا وإسبانيا واليونان جنوباً.

وفي السياق عبر رئيس الحكومة الإسبانية سانشيز عن "معارضة جوهرية بشأن استخدام مصطلح إعادة التسليح"، وهو يرى أن الاتحاد الأوروبي يقوم على مشروع سياسي ويعتمد في المقام الأول على القوة الناعمة، ونقل عنه موقع بوليتيكو، الخميس، قوله إنه يفهم الدفاع "تحت مظلة أوسع بكثير (من التسلّح) ألا وهي الأمن"، مطالباً بأن تأخذ القارة في الحسبان أن "التحديات نواجهها في المنطقة الجنوبية تختلف قليلاً عن تلك التي تواجهها المنطقة الشرقية"، وبأنه لا بد من توسيع الدفاع المشترك ليشمل على سبيل المثال الهجمات السيبرانية والإرهاب و والذكاء الاصطناعي، وعواقب تغيّر المناخ.

من جهتها، طمأنت رئيسة المفوضية فون ديرلاين دول جنوب القارة بالتشديد على أن الخطة الجديدة ستركّز أيضاً على أشياء أخرى غير الأسلحة والذخيرة، بما في ذلك البنية التحتية ومكافحة التهديدات السيبرانية. وفي الأسبوع المقبل، ستقدم المفوضية الأوروبية الجزء الثاني من خطة الطوارئ، التي ستأخذ في الاعتبار الأزمات الأخرى، مثل الكوارث الطبيعية، كما يتطلب الأمر عند الفرنسيين توفير الأموال جماعياً لتخفيف الأعباء المالية عن بعض دول القارة في الجنوب التي تعاني تعثراً اقتصادياً ومالياً، وأكد ماكرون بُعيد قمة بروكسل على أنه سيتعين على القارة "الحصول على قرض مشترك مرة أخرى".

بالأرقام.. قدرات أوروبا العسكرية أمام واشنطن وموسكو

من خلال الأرقام المتخصصة، يمكن تتبع المجالات التي يعاني منها الدفاع الأوروبي على مستوى القدرات العسكرية المعتمدة على مساعدة الحليف الأميركي الحاسمة للدفاع عن قارتهم. فسدّ الثغرات في قدرات القارة العسكرية الحاسمة يتطلب، وفق الأوروبيين أنفسهم، جسر هوة النقص والتأخر عن الأميركيين، وعلى سبيل المثال لديهم نقص في طائرات النقل وطائرات تزويد المقاتلات بالوقود في الجو، وبينما تملك أميركا نحو 408 طائرات تزويد بالوقود وروسيا لديها 15 منها، يمتلك معسكر الاتحاد الأوروبي 26 طائرة، وذلك بحسب أرقام ورقة بحثية للباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية كاميل غراند (عمل سابقاً مساعداً لأمين عام حلف شمال الأطلسي)، نشرها المجلس في 3 يوليو/ تموز 2024 حول مدى الاعتماد الأوروبي على الأميركيين في مجالات مختلفة.

وستعاني أوروبا من فعالية الطائرات الحربية، إذ تحتاج إلى مزيد من الأقمار الصناعية العسكرية وطائرات المراقبة، فلدى أميركا 171 قمراً عسكرياً وروسيا لديها 93 قمراً أي ضعف ما لدى الاتحاد الأوروبي الذي يملك 36 قمراً أوروبياً (44 لكل دول القارة). وفي مجال طائرات المراقبة فإن لواشنطن 78 ولروسيا 10 في حين لدى النادي الأوروبي 14 طائرة. وفي مجال طائرات مكافحة السفن الحربية فلدى أميركا 135 منها ولأوروبا 41 طائرة مقابل امتلاك روسيا 44 منها. هذا بالإضافة إلى طائرات النقل العسكرية، إذ لدى واشنطن 488 طائرة ولروسيا 71 فإن دول اتحاد أوروبا لديها 210 طائرات نقل (288 لكل أوروبا)، أضف إلى ما تقدم فإنه وفقاً لورقة "الأوروبي للعلاقات الخارجية" ورغم تقدم دول الاتحاد الأوروبي الـ27 على موسكو في عدد الدبابات إلا أنها متأخرة مثلاً على مستوى الغواصات بنحو 43 مقابل 50 لدى روسيا.

كما أن الأوروبيين يعانون نقصاً في كثير في أنواع الذخائر والصواريخ الدفاعية والهجومية وأيضاً في أنظمة القيادة والسيطرة، التي تمنح القادة العسكريين نظرة عامة على قواتهم والسيطرة عليها في جميع مجالات الحرب، من الفضاء والجو، إلى القوات البرية والبحرية والفضاء الإلكتروني.

وبالإضافة إلى ذلك تعاني أوروبا نقصاً في الطائرات بدون طيار المجنّحة (لديها 56 مقابل 297 لدى أميركا)، وأيضاً في المنظومة المضادة لها، كذلك تعاني من نقص في مجال الذكاء الاصطناعي والحرب الكمومية، التي تشمل الاستشعار والملاحة وأنظمة الأسلحة ذاتية التشغيل والرادارات، إلى جانب التشفير وتوفير اتصالات عالية الأمان، بالإضافة إلى الوسائل الاستراتيجية لحماية البنية التحتية الحيوية.

قراءة المقال بالكامل