إضاءة شمعة بدل لعن ظلام العدوان

منذ ٥ ساعات ١٠

توقفت الدراسة في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ثم دمر جيش الاحتلال الإسرائيلي المدن والمخيمات والمؤسسات التعليمية والصحية والخدمية، في محاولة لجعل حياة الفلسطينيين مستحيلة.

وفي غضون حرب الإبادة تلك تعذرت حيازة أي من سبل الحياة، من مأكل ومشرب وتعليم، لكن الكثير من المعلمين والمعلمات لم يكتفوا بلعن ظلام العدوان، بل قرروا إضاءة شموع التعليم رغم مخاطر اجتماعهم مع تلاميذهم في خيام من القماش والبلاستيك، فيما القذائف تتطاير من حولهم. لم تعرف غزة مكاناً آمناً يمكن ممارسة التعليم فيه، وكان مصير الناس في كل لحظة مجرد سؤال مجهول، خصوصاً أن العدوان لم يفرق بين طفل وامرأة ومسن ومقاتل، وكان يكرر في أعقاب كل مجزرة مزاعم وجود غرف عمليات أو مقاتلين.

وخلال الحرب، تحولت المدارس إلى أماكن إيواء للعائلات التي فقدت منازلها، ومن ثم تعذر إخراج العائلات من الصفوف الدراسية، وفتحها للتلاميذ بما يتوافر من كتب ودفاتر يحتفظون بها من العام السابق. قاد حرمان مئات الألوف من حق التعليم إلى مضاعفات نفسية وسط الرعب المسيطر. في مثل هذا المناخ، حولت معلمات ومعلمون الخيام إلى مدارس تضج بالأمل في المستقبل. كانت هذه المبادرات تستجيب لرغبة الأولاد من صبيان وبنات في الابتعاد عن الصدمات والانغماس مع أقرانهم في القراءة والكتابة واللعب، وكأن شيئاً لا يحدث في الخارج. لم تكن الكتب والقرطاسية متوافرة، وكذلك المقاعد وباقي التجهيزات.

هكذا نشأت بين عشية وضحاها مدارس من خيام، حيث المعلمات والمعلمون يتشاركون مع أبناء المخيم الإمكانات المتاحة، وفي الوقت نفسه الشعور بالخطر. أثارت هذه المبادرات دافعية المزيد من التلاميذ الذين تقاطروا إلى تلك المدرسة لتسجيل أسمائهم، والحصول على حيز يقعدون فيه لمتابعة الدروس، واندفع الأهل بدورهم إلى تأمين المواد التي تساعد على تحسين ظروف الدراسة. فهناك من أحضر لوحاً خشبياً ودهنه ليصبح صالحاً للكتابة عليه، وهناك من أحضر ما لديه من كتب ودفاتر قديمة وقرطاسية، ومنهم من عمل على توسيع المكان لاستيعاب أعداد أكبر.

أما المواد التي تلقى التلاميذ دروسهم فيها، فراوحت بين الإنكليزية والرياضيات واللغة العربية، أي المواد الأساسية. أهمية هذه المبادرات ليست فقط في قدرتها على تعويض دروس فائتة، بل في المناخ النفسي الذي حققته للتلاميذ الذين اجتمعوا مع أقرانهم، رغم ما تعرضوا له من عذابات خلال رحلات نزوحهم المتكررة ضمن إبادة جماعية يتعرض لها الغزاويون لا تأبه بقرارات الأمم المتحدة ولا محكمة الجنايات الدولية وسائر الهيئات والمنظمات الإنسانية.

قراءة المقال بالكامل