اتفاق غزة في صالح الاقتصاد المصري... كيف؟

منذ ١ شهر ٤٤

الاقتصاد المصري يعد واحداً من أبرز المستفيدين من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة وقبله في لبنان، والمؤشرات عدة، فتراجع منسوب المخاطر الجيوسياسية والأمنية في منطقة الشرق الأوسط ستكون له تداعيات إيجابية على الأنشطة الاقتصادية المختلفة في مصر وفي مقدمتها قناة السويس والسياحة والصادرات والاستثمارات المباشرة والبورصة.

كما أنّ وقف الحرب سيفتح الباب واسعاً أمام الشركات المصرية والقطاع الإنتاجي للمشاركة في مشروع إعادة إعمار قطاع غزة والبالغة تكلفته الاجمالية ما يزيد عن 80 مليار دولار، وكذا الباب أمام المصانع المصرية التي تعاني من ركود حاد في المبيعات والتسويق، مع احتمالية زيادة الصادرات المصرية وتزويد الأسواق في غزة باحتياجاتها من كل أنواع السلع سواء كانت غذائية ومنزلية ورئيسية أو سيارات، أو مواد بناء من إسمنت وحديد ودهانات وغيرها.

والمحصلة في النهاية زيادة معدل النمو الاقتصادي في مصر، وزيادة الموارد الدولارية من قطاعات حيوية، وتخفيف الضغوط على سوق الصرف الأجنبي، وتوفير فرص عمل، وقبلها تخفيف وطأة الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد والناتجة بشكل أساسي عن التوسع في الاقتراض الخارجي، وبيع أصول الدولة، وإهدار المال العام، والتوسع في تنفيذ عدة مشروعات لا علاقة لها بالمواطن واحتياجاته، وعجز الميزان التجاري وغيرها.

أبرز تلك الأنشطة المستفيدة من وقف حرب غزة هي قناة السويس، أهم ممر مائي في العالم، التي تأثرت بشدة بسبب المخاطر الجيوسياسية الناجمة عن حرب استمرت ما يقرب من 16 شهراً، والهجمات التي شنتها جماعة الحوثي اليمنية على السفن المارة في البحر الأحمر، سواء كانت تحمل العلم الإسرائيلي، أو علم الدول التي كانت داعمة لحرب الإبادة الجماعية وفي مقدمتها أعلام الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا.

هجمات الحوثي كبدت قناة السويس خسائر فادحة تقدر بنحو سبعة مليارات دولار أو ما يعادل 60% من الإيرادات السنوية، وهو ما شكل ضغطاً شديداً على سوق الصرف وإيرادات الدولة

فهذه الهجمات كبدت قناة السويس خسائر فادحة تقدر بنحو سبعة مليارات دولار أو ما يعادل 60% من الإيرادات السنوية، وهو ما شكل ضغطاً شديداً على سوق الصرف المصري وإيرادات الدولة الدولارية، حيث أن القناة واحدة من أبرز تلك الإيرادات، ودفعت سفن التجارة العالمية ونقل الغاز والنفط إلى الإبحار جنوباً عبر رأس الرجاء الصالح والدوران حول أفريقيا رغم التكاليف العالية.

ومع هدوء الأوضاع الأمنية في منطقة الشرق الأوسط وتوقف الحرب في فلسطين وقبلها لبنان فإنه من المتوقع أن يمتد الهدوء إلى منطقة البحر الأحمر وباب المندب والخليج العربي، وأن تعاود الخطوط الملاحية العالمية استخدام ممر قناة السويس في نقل نحو 12% من التجارة الدولية مع تراجع الضغوط عليها.

لكن تلك التوقعات عكرتها تصريحات صادرة عن جماعة الحوثي أمس الأحد تؤكد استمرار الهجمات على السفن التجارية المارة في البحر الأحمر، وأن الجماعة ستستأنف مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل وأميركا وبريطانيا إذا هاجمت هذه الدول اليمن، وهو ما يعني أن خطر الحوثي على قناة السويس لا يزال قائماً وإن كان بدرجات أقل مما سبق.

ثاني الأنشطة المصرية المستفيدة من وقف إطلاق النار في غزة هي السياحة المصرية التي تأثرت بسبب زيادة المخاطر الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، وهروب السياح الأجانب من دول المنطقة، ولم يحقق القطاع في عام 2023 الطفرة التي حققها في عام 2023، أو الآمال التي عقدتها الحكومة عليه في توليد مزيد من النقد الأجنبي.

وبالطبع فإن مناطق شرم الشيخ والغردقة وطابا ونويبع ستكون في مقدمة المناطق السياحية المستفيدة مع عودة تدفق السياحة الإسرائيلية والروسية والألمانية والإيطالية والأوروبية عليها.

أما ثالث الأنشطة المستفيدة من توقف حرب غزة فهو قطاع البناء والتشييد والمقاولات المصري الذي تعرض لركود حاد في السنوات الأخيرة وبات مهدداً بفقاعة عقارية، وغزة تمثل طاقة ضوء للقطاع المأزوم الباحث عن فرص استثمارية خارجية واعدة قد يجدها هذه المرة في القطاع وليس في ليبيا أو العراق أو دول الخليج.

ثاني الأنشطة المستفيدة من وقف إطلاق النار في غزة هي السياحة المصرية التي تأثرت بسبب زيادة المخاطر الجيوسياسية في المنطقة، وهروب السياح الأجانب

فإعادة إعمار غزة بحاجة إلى استثمارات ضخمة وشركات عملاقة وإمكانات فنية، وقد تدخل الشركات المصرية في منافسة قوية مع الشركات التركية التي ستسارع الخطى لاحتلال الصدارة في القطاع، لكن الشركات المصرية تمتلك تنافسية شديدة لعدة أسباب، منها الإمكانات الكبيرة والقرب المكاني والقدرات والدخول بسرعة من معبر رفح البري.

وقف حرب غزة ستكون له ارتدادات إيجابية كذلك على البورصة والجامعات والمستشفيات المصرية وقطاع الاستثمار المباشر وتنامي فرص جذب استثمارات من الخارج، فهل ستسارع الحكومة المصرية لكسب الفرصة، أم تتحرك بعد فوات الأوان؟

قراءة المقال بالكامل