تعرضت عقود الطاقة المتجددة التي أبرمتها الحكومة التونسية مؤخراً لانتقادات برلمانية، إذ طالب عشرات النواب بالكشف عن تفاصيل هذه العقود لضمان شفافية إدارة ثروات البلاد.
وأًصدر 50 نائباً من كتل برلمانية مختلفة بياناً نددوا فيها بما وصفوه بـ"الانتهاكات والممارسات الأحادية التي تقوم بها وزارة الصناعة والطاقة والمناجم، ما يؤدي إلى التفريط في السيادة الطاقية للبلاد". وقال البيان الذي اطلعت عليه "العربي الجديد" إن "الوزارة ارتكبت إخلالات وتجاوزات قانونية شكلية وجوهرية في إبرام صفاقات طاقات متجددة ولم تقدم للبرلمان التوضيحات اللازمة حول هذه الصفقات رغم مطالبته بذلك في إطار ممارسة سلطته الرقابية".
ومؤخرا وقعت وزارة الصناعة والمناجم والطاقات المتجددة اتفاقيات جديدة، لإنجاز أربعة مشروعات بقدرة إجمالية تتجاوز 500 ميغاواط، باستثمارات تبلغ نحو 386.3 مليون دولار، وينتظر أن تدخل المشاريع الأربعة حيز الاستغلال عام 2027.
وقالت الوزارة إن التراخيص مُنحت لشركتي "كير إنترناشيونال" الفرنسية لبناء محطتين بقدرة إجمالية 300 ميغاواط، و"فولتاليا" الفرنسية لإنشاء محطة بطاقة 100 ميغاواط، بالإضافة إلى "سكاتك" النرويجية و"أيولوس" اليابانية، التابعة لمجموعة تويوتا تسوشو، لمشروع بقدرة 100 ميغاواط.
وحسب الوزارة، من المنتظر أن تدخل مشروعات إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية حيز الاستغلال بدءاً من عام 2027، وستمكن من إنتاج نحو 1100 غيغاواط/ساعة/سنوياً، وهو ما يعادل 5% من إنتاج البلاد من الكهرباء. كما ستمكّن هذه المشروعات من توفير قرابة 250 ألف طن من الغاز الطبيعي، بقيمة تناهز نحو 125 مليون دولار سنوياً، بالإضافة إلى أنها ستوفر في تكلفة إنتاج الكهرباء تعادل 200 مليون دولار سنوياً.
وبحسب عضو البرلمان عصام شوشان طالب أعضاء من مجلس نواب الشعب وزارة الصناعة والطاقة بالشفافية في إبرام الاتفاقيات الخاصة بقطاع الطاقة وإطلاع البرلمان عليها حتى يتمكن من ممارسة مهامه الرقابية. وقال شوشان في تصريح لـ"العربي الجديد" إن البرلمان لم يتمكن من الحصول على نسخ الاتفاقيات الموقعة بشأن مناقصات الطاقات المتجددة أو تجديد عقود الشركات النفطية التي تستغل حقولاً تونسية، معتبراً أن كشف فحوى الاتفاقيات أمر بالغ الأهمية في إدارة ملف الطاقة.
وشدد على مسؤولية البرلمان في القيام بواجبه في مراقبة عمل السلط التنفيذية، ولا سيما في ما يتعلق بالاتفاقات التي توقع مع الخارج.
وكانت الوزارة قد نشرت في وقت سابق ثلاث مناقصات دولية بهدف إنتاج 1700 ميغاواط من الطاقات المتجددة، الأولى منها للطاقة الشمسية، لتنفيذ 8 مشروعات بقدرة إجمالية 800 ميغاواط. وتهدف المناقصة الثانية لطاقة الرياح، لتنفيذ ستة مشروعات بقدرة 600 ميغاواط على أربع جولات، والثالثة للطاقة الشمسية بقدرة إجمالية تتجاوز 300 ميغاواط.
وقال شوشان إن قطاع الطاقة من أكثر القطاعات حساسية وله تأثيرات اقتصادية واجتماعية وبيئية على البلاد وهو ما يستوجب وضوحاً في إدارته عبر نشر كل الاتفاقيات والمناقصات المسندة للشركات المستغلة، سواء من المستثمرين الأجانب أو المحليين. وأشار إلى أن العديد من عقود استغلال الشركات الناشطة في تونس في قطاع الطاقة انتهى أجلها ولم يتم تجديدها بينما تواصل هذه المؤسسات عملها في مخالفة واضحة لقوانين البلاد.
ويسند تنظيم قطاع الطاقة في تونس إلى مجموعة قوانين من بينها القانون المنجمي الذي يعود إلى عام 1913 والمحروقات الصادر سنة 1999 بينما ينظم القانون 12 لسنة 2015 عملية إنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة من قبل القطاع الخاص الذي ضبط هذا القانون جملة من الشروط التي جرى تجاوزها وتجاهلها من قبل وزارة الصناعة والمناجم والطاقة بحسب أعضاء البرلمان.
وينتقد أعضاء البرلمان انفراد الوزارة بصياغة سياسات واستراتيجيات للقطاع خارج الإطار القانوني رغم نص قانون 2015 على إلزامية وضع مخطط للطاقة في ظرف خمس سنوات، يتم بموجبه تحديد برامج إنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة، وفق بيان نواب البرلمان.
وحسب وزارة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة، تسعى تونس التي تعتمد بشكل رئيسي على إنتاج الكهرباء من الغاز إلى توليد 35% من احتياجاتها الكهربائية من مصادر متجددة بحلول عام 2030. وحتى يناير/كانون الثاني 2025، توفر تونس 766 ميغاواط فقط من إجمالي القدرة الكهربائية، انطلاقاً من الطاقات المتجددة.
