اعتصام طلابي في ضاحية بيروت: "لحظات رعب جراء الغارة الإسرائيلية"

منذ ٢ أيام ١٤

رفضاً للاعتداءات الإسرائيلية التي استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت أمس، وخصوصاً المدارس المحيطة، نفّذ طلاب مدرسة Lycee des Arts، بالإضافة إلى طلاب المدارس المجاورة للمنطقة اعتصاماً أمام المبنى المستهدف، تعبيراً عن غضبهم في "لحظات رعب لا تنسى".

وتجمّع عشرات الطلاب برفقة أهاليهم وأساتذتهم أمام المدرسة التي طاولها الاعتداء، حيث صعد بعضهم إلى المبنى لاستعادة كتبهم المدرسية، بعدما اضطروا إلى مغادرته على عجل إثر التهديد الإسرائيلي. وفي الوقت نفسه، تبادل الأهالي التهاني بسلامة أطفالهم، وسط مشاعر مختلطة.

حتى اليوم، لا تتمالك معلمة المدرسة نفسها، تغالب دموعها وهي تهنئ الأهالي بسلامة أطفالهم. وتقول لـ"العربي الجديد": "ما حدث أمس كان خارج كل التوقعات، كنت في صف يضم 25 طالباً عندما دوّى صوت الرصاص، معلناً التهديد الإسرائيلي. سادت حالة من الهلع بين الطلاب، وانهالت عليّ أسئلتهم: هل عادت الحرب؟ لم أستطع الإجابة، فاضطررت إلى الكذب وطمأنتهم بأن الغارة ستقع في صيدا، لكن علينا إخلاء المدرسة فوراً".

وتتابع: "الأولاد ذاقوا المرّ والخوف من الحرب، ومشهد أمس يبكي، قلق الأهل وصراخ الطلاب، لقد نقلت شخصياً عدداً منهم بسيارتي وعلى خمس دفعات إلى منازلهم وذويهم، فيما تركت أطفالي وهم أيضاً طلاب في المدرسة برفقة أخي، كي أقوم بواجبي معلمةً مؤتمنة على الطلاب".

يقف الطفل جاد طاهر (10 سنوات) في الاعتصام حاملاً لعبة للتخفيف من القلق والتوتر، يعبّر عن مشاعره فيما تحاول والدته أن تهدئ رجفته، قائلاً: "كنا في الصف عندما دخل ناظر المدرسة فجأة، وطلب منا أن نخرج إلى الملعب، وقال لنا إن ضربة إسرائيلية ستحصل في الحمرا، حاولت الخروج بسرعة كي أصل إلى أختي الأكبر سناً (15 عاماً)، باحثاً عن الأمان والخروج معاً من المدرسة، وقد كانت أمي قد وصلت لأخذنا. كان يوماً مخيفاً لا يمكن أن أنساه في حياتي".

فيما تقول والدة جاد، السيدة زهراء كركي، لـ"العربي الجديد": كنت في مكان بعيد عن المدرسة، لا أعرف من أين أتيت بالقوة كي أتمكن من الوصول إليها لكي أطمئن على أطفالي". وتتساءل كركي: "هل يعقل أن تكون حياتنا مرهونة لإسرائيل وتحدد مصيرنا؟ لكننا لن نتوقف عن إرسال أطفالنا إلى المدرسة".

التلميذة فرح عبد الله (10 سنوات) في الصف الخامس ابتدائي، تقف ممسكة بيد أخيها وأمها في الاعتصام، تشرح لـ"العربي الجديد"، قائلة: "لقد سمعنا أصوات الصراخ من الخارج، وطلبوا منا الخروج من الصف، وجميع الطلاب كانوا على الدرج، لقد خفت كثيراً واحتضنت معلمتي وبكيت، ولم نعلم كيف سنخرج من المدرسة، إلى حين وصول أبي على الدراجة النارية لأخذي إلى منطقة آمنة، كي لا أسمع صوت الغارة".

تكمل والدة فرح فاطمة عبد الله الحديث: "كنت منهارة لحظة سماع التهديد، وأعلم أنه إن تحركت بالسيارة فلن أتمكن من الوصول في الوقت المناسب، لكن والدها عبر الدراجة النارية استطاع الوصول قبلي. عندما وصلت ابنتي إلى المنزل، كان وجهها مصفراً، فما ذنب الأطفال في كل ما حدث؟". وتتساءل عبد الله: "الدولة قالت إنها ستحمينا، لكن منذ أمس لم نسمع صوتها... قد يحصل الاعتداء الإسرائيلي على أي مدرسة في لبنان، فهؤلاء مجرمون".

بدوره يشير خير ضاوي، وهو أحد المسؤولين في إدارة المدرسة، عن صعوبة إخلاء مدرسة تضم 1800 طالب و200 موظف من الكادر التعليمي، فـ"أمام الجنون الإسرائيلي لم يكن لدينا وقت للتفكير بخطة إخلاء، لأننا لا نعرف في أي ساعة ستضرب إسرائيل المبنى المجاور. كان من الصعب تأمين جميع الطلاب، حتى إن الأهالي الذين وصلوا بسرعة اصطحبوا معهم طلاباً غير أطفالهم لمحاولة حماية الأطفال، ما أحدث بلبلة كبيرة، مخافة أن يفقد في الزحمة أي تلميذ، لكن أتوقع أننا نجحنا في احتواء الأمور".

تضررت الواجهة الزجاجية للمدرسة، وتعرضت الصفوف لأضرار جسيمة، يلفت ضاوي، قائلاً: "لقد باشرنا بتنظيف الطوابق، وبدأنا بإصلاح الزجاج، وخلال أسبوع تعود المدرسة كما كانت، ونأمل ألّا يتكرر ما حصل".

الطالبة في الصف الأول ثانوي لارا الزين (15 عاماً)، التي كانت منهمكة بجلب الكتب المدرسية مع زملائها، تقول لـ"العربي الجديد": "أشعر بالخوف وأرجف طوال الوقت، حين سمعنا أصوات الصراخ لم نتخيل أنه تهديد إسرائيلي، اعتقدت أنه شجار بين سكان الحيّ. وحين علمت أن المنطقة ستتعرض للضرب الإسرائيلي، كان همي أن أصل إلى أختي في المبنى الثاني للمدرسة، فهي أصغر مني وتخاف كثيراً، ولم نصدق كيف وصلنا إلى البيت. وأفضّل اعتماد التعليم من بُعد، حتى نكون بأمان".

قراءة المقال بالكامل