الأردن: مؤتمر لإغاثة القطاع الطبي في غزة

منذ ٢ شهور ٤٩

وسط الأضرار الهائلة التي لحقت بالمنظومة الصحية في قطاع غزة بعد أكثر من 15 شهراً من الحرب الإسرائيلية المدمّرة على الفلسطينيين في القطاع المحاصر، تنظّم نقابة الأطباء الأردنيين مؤتمراً لـ"إغاثة القطاع الصحي في غزة" يمتدّ ليومَين في العاصمة الأردنية عمّان. وتشارك في هذا المؤتمر، الذي بدأت أعماله اليوم الخميس وتستمرّ يوم غدٍ الجمعة، 80 مؤسسة طبية وخيرية من 24 دولة عربية وأجنبية، بهدف "تبنّي مشاريع صحية في قطاع غزة". وقد دعا الأمير الحسن بن طلال، راعي المؤتمر، الجهات الفاعلة في مجال الإغاثة وإعادة إعمار قطاع غزة إلى "توحيد خطابها الموجّه إلى الجهات المانحة"، مشدّداً على أن يكون شعارها "كرامة الإنسان".

وفي كلمته في مؤتمر "إغاثة القطاع الصحي في غزة"، شدّد الأمير الحسن بن طلال على ضرورة "أنسنة" الخطاب أمام كبار المانحين، وقال إنّ الاستثمار في رأس المال الإنساني يؤدّي إلى إنشاء شراكات في المستقبل، فيما تساهم المساعدات المادية المؤقّتة في "التبعيّة"، مشيراً إلى أنّ "الأسابيع والأشهر المقبلة توفّر فرصة سانحة لعمل الخير، في حال جرى التعاون والتكامل بين كلّ الجهات". ورأى وجوب ألا تقتصر خطة إنقاذ قطاع غزة على إعادة الإعمار فحسب، ولا بدّ من أن تشمل كذلك "البناء الوجداني"، مؤكداً: "لا ينبغي أن تكون نظرتنا إلى غزة مادية فقط، بل إنسانية في المقام الأوّل".

وفي المؤتمر الذي نُظّم بعد أربعة أيام من دخول اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيّز التنفيذ، أعلن نقيب أطباء الأردن زياد الزعبي استعداد مستشفيات البلاد لاستقبال جرحى قطاع غزة، مشيراً إلى أنّ مضاعفات الإصابات من جرّاء الحروب قد تكون شديدة، الأمر الذي قد يؤدّي إلى الوفاة أو بتر أطراف، وشدّد على دور المستشفيات العسكرية الأردنية وكوادرها في رعاية الجرحى على الرغم من الظروف الصعبة. وعرض نقيب الأطباء المشاريع التي أعدّتها هيئته بهدف إعادة إعمار القطاع الصحي في غزة، مشيراً إلى استمرار جهود إعادة الإعمار من خلال التنسيق مع اللجنة المعنية بذلك برئاسة نقيب المهندسين الأردنيين أحمد الزعبي. في هذا الإطار، أوضح نقيب المهندسين أنّ لجنة شُكّلت من 750 مهندساً لحصر الأضرار وتقييمها في قطاع غزة، مضيفاً أنّ "العمل جارٍ لإدخال أعداد كبيرة من المقاولين وآلياتهم إلى القطاع". ودعا الزعبي إلى وقفة إنسانية وأخلاقية على المستوى العالمي من أجل مواجهة حجم الدمار في قطاع غزة الذي قُدّر بأكثر من 80 مليار دولار أميركي.

من جهته، قال أمين عام الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية حسين الشبلي إنّ المساعدات التي أُرسلت إلى قطاع غزة تضمّنت كميات كبيرة من الأدوية والمستلزمات الطبية، تخطّى حجمها 2500 طنّ وبقيمة 31 مليون دولار، بالإضافة إلى توفير أجهزة طبية متطوّرة. وأشار الشبلي إلى إطلاق الأردن مبادرة "استعادة الأمل" لتركيب أطراف صناعية للجرحى، وأوضح أنّ 267 طرفاً صناعياً رُكّبت بالفعل حتى الآن. وإذ بيّن أنّ عدد مبتوري الأطراف في قطاع غزة وصل إلى 16 ألف شخص، لفت إلى أنّ هذا الرقم مرشّح للارتفاع.

يُذكر أنّ المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني كان قد أشار، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إلى "جائحة إعاقات" تعصف بقطاع غزة، في محاولة لوصف الوضع المأساوي الذي يعيشه الأطفال الفلسطينيون فيه الذين ترتفع بينهم حالات بتر الأطراف، إذ إنّ 10 أطفال في القطاع يفقدون إحدى الساقين أو كلتَيهما يومياً من جرّاء حرب الإبادة التي ترتكبها إسرائيل في حقّهم. بدورها كانت المسؤولة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ليزا دوتن قد أفادت، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بأنّ قطاع غزة صار "موطن أكبر مجموعة من الأطفال مبتوري الأطراف في التاريخ الحديث".

وعلى هامش مؤتمر "إغاثة القطاع الصحي في غزة" الذي تنظّمه نقابة الأطباء الأردنيين، قال أمينه العام بلال العزام لـ"العربي الجديد" إنّ المؤتمر يهدف إلى التركيز على المشاريع الصحية المرتبطة بإعادة إعمار القطاع، مشيراً إلى أنّها "مشاريع قابلة للتطبيق بالإمكانيات المتوفّرة على الأرض في قطاع غزة". وأوضح أنّ "التواصل جرى مع 80 منظمة تطوعية لتبنّي هذه المشاريع"، مبيّناً أنّ ثمّة 810 مشاريع، جرى تبنّي 41 منها، وقد بدأ تنفيذ ستّة مشاريع منها فيما البقيّة قيد المتابعة".

وشدّد العزام على "أهمية المؤتمر في تبنّي مشاريع لدعم القطاع الصحي في غزة"، وذلك من خلال الإسناد المقدّم من أكثر من 80 مؤسسة من 24 دولة عربية وأجنبية. وأعلن "إطلاق منصة صحية دولية لربط مشاريع دعم القطاع الصحي في غزة مع المؤسسات المانحة العالمية، من أجل المساهمة في توفير حلول مستدامة للأزمات الصحية في القطاع". وأضاف أنّ "الأردن لم ينقطع عن إرسال الوفود الطبية إلى قطاع غزة (في خلال الحرب)"، متوقّعاً "زخماً أكبر في الفترة المقبلة بعد وقف الحرب وفتح المعابر. وثمّة ألف طبيب تقريباً مسجّلون في النقابة، على استعداد للتوجّه إلى قطاع غزة والتطوّع هناك".

في سياق متصل، قالت رئيسة لجنة "أطباء من أجل القدس" في نقابة الأطباء الأردنيين زينب أبو عيشه لـ"العربي الجديد" إنّ لجنتها تسعى إلى "التخفيف من عبء الاحتلال على أهالي قطاع غزة، فيما يجري التركيز على التدريب ومساعدة طلاب الطبّ ودعم تعليم الأطباء الفلسطينيين وتأهيلهم ورفع كفاءة العاملين في القطاع الطبي ككلّ، بالإضافة إلى تقديم أجهزة طبية". وبيّنت أبو عيشه أنّ "اللجنة تحاول مساعدة الأطباء وطلاب الطبّ لاختيار التخصّصات التي يحتاجها أهالي قطاع غزة"، مشيرةً إلى أنّ لجنتها "سوف تعمل في الفترة المقبلة على أربعة مشاريع محدّدة؛ تقديم دعم مالي لطلاب الطبّ، وتعزيز القطاع الطبي مع التركيز على الخدمات الخاصة بالمرأة والطفل، وتجديد قاعة كلية الطب في الجامعة الإسلامية في مدينة غزة، وترميم مستشفى الولادة في رفح وإعادة تأهيله".

وفي إطار المبادرات المساندة، أُعلن في خلال مؤتمر "إغاثة القطاع الصحي في غزة" بعمّان، اليوم الخميس، إطلاق "منحة الطبيب الشهيد عدنان البرش" التي تهدف إلى تمكين أطباء قطاع غزة من التخصّص في الأردن وخارجه في مجالات طبية رئيسية مثل الأمراض الباطنية (الداخلية) والجراحة والأطفال والأمراض النسائية، وذلك إلى جانب مبادرة للتعليم والتدريب باسم "الطبيبة الشهيدة سيرين العطار".

قراءة المقال بالكامل