الأسرى المقدسيون المحررون... إبعاد للانتقام

منذ ٢ شهور ٢٤

تستمر سلطات الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ أقصى درجات العقوبة في حق المقدسيين، لا سيّما الأسرى المحررين وذويهم بموجب اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بدءاً بمنع الاحتفالات أثناء التحرر من السجون، وفرض إجراءات الحبس المنزلي، والإبعاد عن المسجد الأقصى، وصولاً إلى الإبعاد عن مدينة القدس تماماً بحجة أنهم "أبدوا دعمهم وتأييدهم للعمل الإرهابي"، بحسب ما تزعم سلطات الاحتلال. 
في 12 فبراير/ شباط الجاري قررت إسرائيل إبعاد ثلاثة مقدسيين بحجة أنهم أقارب لشهداء وأسرى محررين، وذلك بعدما صادق الكنيست الإسرائيلي في 6 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي على اقتراح قانون لطرد عائلات منفذي العمليات ضد الإسرائيليين لأنهم كانوا يحملون الهوية الإسرائيلية، وفق ما يقول عضو لجنة أهالي الأسرى المقدسيين منير الزغير لـ"العربي الجديد". ونصّ القرار على أنه يحق لوزارة الداخلية الإسرائيلية طردُ أفراد عائلة مَن نفذوا عمليات أو علموا بها بصرف النظر ما إذا كان الفرد في العائلة (أب، أم، أخ، أخت، ابن، زوج، زوجة). 

وشمل القرار إبعاد الأسيرة المحررة زينة بربر من بلدة سلوان التي أُفرج عنها ضمن صفقة تبادل الأسرى، وهي ابنة الأسير المحرر مجد بربر الذي أطلق سراحه عام 2021 بعد أن قضى عشرين عاماً في الأسر بتهمة الانتماء إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والمشاركة في أنشطةِ مقاومةٍ ضد الاحتلال. وأيضاً الأسير محمد أبو الهوى من بلدة الطور، وهو شقيق الشهيد آدم أبو الهوى منفذ عملية طعن في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، والأسيرة تسنيم عودة من كفر عقب التي لا تزال داخل الأسر في سجن الدامون، وهي ابنة الشهيد بركات عودة الذي نفّذ عملية دهس نهاية أكتوبر/ تشرين الأول 2022 قرب مدينة أريحا.
ويشير الزغير إلى أن طواقم المحامين تعمل لتقديم اعتراض خلال اليومين القادمين على قرار سلطات الاحتلال، وذلك نيابة عن الأسرى المحررين الذين صدر قرار إبعادهم، إذ يجب أن يكون مكتوباً، ويُحال إلى وزير الداخلية الإسرائيلي من أجل دراسته والبتّ فيه، ما يعني أن فرص نجاح الاعتراض وتراجع إسرائيل عن القرار ضئيلة، لا سيّما أن القرار أصدره وزير الداخلية الإسرائيلي نفسه. ويقول: "سلطات الاحتلال هي الخصم والحكم، والقضاء يتلقى التعليمات من الجهات الأمنية وينفذها". 

ويعني القرار إلغاء إقامة المقدسيين المعنيين بقرار الإبعاد الذي لا يقلّ عن سبعة أعوام وقد يصل إلى عشرين عاماً، وخلال هذه المدة لا يستطيع المُبعد العودة إلى منزله أو مكان سكنه، ما يعني فقدان حقه في الإقامة والحقوق والامتيازات التي كان يملكها استناداً إلى الإقامة الممنوحة لفترة خمس سنوات، رغم أنّ المقدسي لا يحصل على الامتيازات التي كفلتها له القوانين والتشريعات الدولية أو الإسرائيلية. ويُبدي الزغير تخوّفه من اعتماد سلطات الاحتلال سياسة الإبعاد إلى خارج القدس بحقّ أصحابها الأصليين، وذلك ضمن خطوات التهجير القسري من جانب، خاصّة أنها تأتي على خلفية إبداء الرأي والتعبير على مواقع التواصل الاجتماعي. ومن جانبٍ آخر لا تتعامل سلطات الاحتلال مع القرار وفق أدلة قطعية، إذ يمكن أن يُتهم المقدسي بدعم الإرهاب وفق تعبير سلطات الاحتلال لمجرّد أنه قريب أحد منفذي العمليات، أو بـ"التعاطف مع الإرهاب"، لمجرد إبداء الإعجاب بمنشور عبر "فيسبوك" يؤيد عملية ضد الاحتلال. 
وضمن إجراءات التضييق على المقدسيين والأسرى المحررين تحديداً في صفقة التبادل الجارية، تقتحم سلطات الاحتلال منازل ذوي الأسرى قبل وبعد الإفراج عنهم، وتمنعهم من إبداء مظاهر الاحتفال واستقبال الأسرى في الطرقات العامة، وتعتدي عليهم. 
ويروي الزغير ما جرى مع نجله أشرف الذي أُفرج عنه من سجن عوفر في رام الله ضمن المرحلة الثانية من عملية التبادل بموجب اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ثم تفاجأ لدى احتفاله بالظهور من نافذة سقف مركبة بعد يومين من الإفراج عنه بتوجيه مخالفات قانونية له، بحجة عدم الالتزام بالقانون ووضع حزام الأمان، وذلك بهدف خلق أيّ مبرر لعقاب الأسرى المحررين.

وتهدف سلطات الاحتلال من هذه الإجراءات إلى شنّ حرب على المقدسيين عبر اتخاذ إجراءات مخالفة لكل التشريعات والقوانين، ما يشير إلى "وجود تخبّط أمني إسرائيلي في التعامل مع الأسرى المحررين أو النشطاء المتواجدين دائماً في المسجد الأقصى"، وفق ما يقول الزغير.
وبدأت سلطات الاحتلال سياسة الإبعاد عن القدس بالكامل قبل 18 عاماً، حين شملت قادة في حركة حماس فازوا بالانتخابات التشريعية عام 2006، هم: محمد أبو طير، وأحمد عطون، ومحمد طوطح، فضلاً عن وزير القدس السابق خالد أبو عرفة. وبعدها صدر قرار إبعاد الناشط صلاح حموري إلى فرنسا عام 2022 بحجة "خرق الولاء لإسرائيل".
وأصدرت سلطات الاحتلال العام الماضي أكثر من 121 قراراً بالإبعاد عن الأقصى أو القدس، وأكثر من 58 قراراً بالحبس المنزلي.

قراءة المقال بالكامل