الإفطار على حواجز الضفة الغربية... معاناة يومية في رمضان

منذ ٥ أيام ٢٢

تتجدد معاناة الفلسطينيين مع حواجز الاحتلال الإسرائيلي المنتشرة في أنحاء الضفة الغربية مع حلول شهر رمضان من كل عام، إذ يتعمد الجنود إغلاق المعابر العسكرية مع اقتراب أذان المغرب، ما يجبر مئات الصائمين على الإفطار قسراً في الشوارع وبين المركبات.
جرب الفلسطيني مناضل حنني من بلدة بيت فوريك، هذه المعاناة سابقاً، لذا قرر اتخاذ احتياطاته، وجلب معه من مدينة نابلس وجبة إفطار وبعض التمر والماء تحسباً لقيام جنود الاحتلال الإسرائيلي بإغلاق الحاجز الذي يفصل بين المدينة وبلدته الواقعة إلى الشرق منها، ما يجبر المئات على الإفطار على الحاجز نتيجة طول وقت الانتظار. بالفعل، وقع ما كان في حسبان حنني، فما إن وصل إلى موقع الحاجز عصراً، حتى شاهد طابوراً طويلاً من المركبات المصطفة التي تنتظر دورها لعبور الحاجز الذي أغلقه جنود الاحتلال، ما منعهم من الوصول قبل المغرب إلى بيوتهم في بلدة "بيت فوريك" وقرية "بيت دجن" القريبة منها، واللتين تضمان نحو 25 ألف نسمة، ويفصلهما عن نابلس حاجز عسكري سيئ السمعة.  
يقول حنني لـ"العربي الجديد": "لا يوجد قانون يسمح لجندي بالتحكم في حياة آلاف البشر، ويحول دون لم شملهم بعائلاتهم على مائدة رمضان. شرائح مختلفة من الموظفين والعمال والطلبة والمرضى يظلون محتجزين لساعات طويلة من دون أي مبرر. يعلم جنود الاحتلال تماماً أننا في شهر رمضان، وأن هناك موعدا مقدسا لنا نحن المسلمين لتناول طعام الإفطار مع غروب الشمس، لذا يتفنن في تعذيب الناس ومحاولة إذلالهم، لكنه لا يعلم أننا لا نستسلم، وبات الناس يجهزون أنفسهم لقضاء هذا الوقت على الحاجز، فيحضرون معهم الماء والطعام، ويفترشون الأرض بين السيارات للإفطار، وأداء صلاة الجماعة، فالمهم أن لا يظهروا للمحتل أي ضعف أو استكانة".
ويلفت وجدي عبد الرحيم، وهو من سكان مدينة طولكرم، إلى أن "ما يقال عن وجود تسهيلات خلال رمضان لا يعدو كونه دعاية كاذبة لتضليل الرأي العام العالمي، فالآلاف يفطرون على الحواجز يومياً بسبب منع جيش الاحتلال لهم من العبور للعودة إلى منازلهم".

أفطر عبد الرحيم ثلاث مرات منذ بداية رمضان على حاجز "دير شرف" غرب نابلس، وقد بات يضع كميات من الماء وما تيسر من الطعام في السيارة؛ ويقول لـ"العربي الجديد": "عندما ندرك أننا لن نمر، ينقلب الوضع على الحاجز، ويخرج الناس من مركباتهم، فهذا يوزع التمر على المحتجزين، وهذا يوزع الماء، فيما يسارع آخرون لتسوية مكان لنصلي المغرب جماعة، المهم ألا يلمس الاحتلال أنه حقق غايته، صحيح أننا نشعر بقهر كبير، لكن لا حل سوى الصمود والتأقلم".

ينتشر متطوعون لتوزيع الماء والتمر على المتوقفين عند الحواجز

من شمال الضفة إلى جنوبها، حيث يغلق جنود الاحتلال حاجز "الكونتينر" الفاصل بين وسط الضفة ومحافظات بيت لحم والخليل، ما يجبر آلاف الفلسطينيين على الإفطار على جانبيه. من بينهم الموظفة هند حمامرة، من بلدة حوسان قرب بيت لحم، والتي لم تفطر يوماً واحداً مع عائلتها طوال الأسبوع، لأن جنود الاحتلال يغلقون الحاجز مع اقتراب وقت المغرب، وفي مرة تمكنت من عبوره، فاكتشفت على بعد كيلومترات قليلة نصب الاحتلال حاجزاً آخر، ليكرر الفعل ذاته.
وتصف حمامرة المشهد لـ"العربي الجديد"، قائلة: "مع اقتراب أذان المغرب، نبدأ تقاسم وتوزيع ما نحمل من طعام على بعضنا، فيما يرفع شبان كراتين من التمر ويطوفون بها. فكرت في المبيت برام الله في رمضان، لكن من يقوم بواجبي في بيتي، وزوجي مريض وأبنائي في الجامعة، ولا يوجد من يعد لهم الطعام، علينا أن نصبر ونحتسب الأجر. السؤال: أين السلطة الفلسطينية من كل هذا؟ ألا يعلم المسؤولون بمعاناتنا؟ للأسف هم لا يملكون القدرة على فعل أي شيء".

وفي محاولة لمساعدة المتعطلين على الحواجز، دعاهم خطباء مساجد في البلدات القريبة للتوجه إلى المسجد لتناول طعام الإفطار، كما ينتشر متطوعون لتوزيع الماء واللبن والتمر عليهم. يقول الشاب منتصر الجمل، من قرية عورتا جنوب نابلس، لـ"العربي الجديد": "شكلنا لجان طوارئ تطوعية في قريتنا والقرى المجاورة، ونكون من بعد العصر على الطرق وقرب الحواجز لتوزيع الماء والتمر على المركبات المارة، وفي كثير من الأحيان ننسق مع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني لتوفير مسعف في حال احتجنا إليه، فكثير من المسافرين والمحتجزين من كبار السن والمرضى".
ويضيف الجمل: "أعلنت عائلات كثيرة فتح بيوتها ومقرات الديوان الخاص بها لاستقبال المتعطلين على الحواجز وتقديم الإفطار لهم، وهي دعوة تنم عن تماسك المجتمع، وتدعم محاولاته للتغلب على انتهاكات الاحتلال".

قراءة المقال بالكامل