بأجسادٍ هزلى، ووجوه شاحبة وملامح هَرِمة، وجلود أنهكها الجَرَبْ... هكذا خرج الأسرى الفلسطينيون اليوم السبت، من سجون الاحتلال الإسرائيلي، ضمن الدُفعة الرابعة في اتفاق صفقة التبادل ووقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس.
مصلحة سجون الاحتلال لم تكتفِ بالتنكيل بالأسرى وتعذيبهم حتّى اللحظات الأخيرة؛ إذ أرغم السجانون وعناصر المخابرات الأسرى على وضع سوارٍ يحمل عبارات توراتية سبق أن عُلّقت على مخرج سجن عوفر، يتوعدهم فيها بـ"المطاردة والإبادة، والإمساك بهم".
على هذه المشاهد الانتقامية، علّقت أماني السراحنة، المسؤولة الإعلامية في نادي الأسير الفلسطيني، قائلة لـ"العربي الجديد" إنه "إلى جانب كل مظاهر الوهن والمرض التي بدت على وجوه الأسرى المحررين وأجسادهم، أجبرت مصلحة سجون الاحتلال الإسرائيلي ومخابراته الأسرى على ارتداء سوار بلاستيكي حول المعصم كُتب عليه (الشعب الأبدي لا ينسى، أطارد أعدائي فأدركهم ولا أرجع حتى أبيدهم)، وهي عبارة مقتبسة من التوراة تتوعد بالقتل".
وتقاطع ما تقدم، مع حديث أحد الأسرى المفرج عنهم، والذي أكّد في حديثه اليوم لـ"العربي الجديد"، مفضلاً عدم الكشف عن اسمه، أن "المخابرات الإسرائيلية أجبرته على ارتداء السوار مُكرها، ومرغماً".
ومنذ بدء تطبيق اتفاق صفقة التبادل، دأب الاحتلال على تذكير الأسرى بعبارته التوراتية تلك؛ إذ خطّها في لافتات علّقها على جدران سجن "عوفر" المقام على أراضي بلدة بيتونيا غربي رام الله. ويأتي استخدام العبارة، وتكرارها، في إطار تهديدات سلطات الاحتلال للأسرى بأنها تسعى بوضوح لتصفيتهم حتّى بعد تحررهم وإطلاق سراحهم.
في غضون ذلك، أكد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين، قدورة فارس، في مقابلة مع "العربي الجديد"، رفض الاحتلال تحسين الشروط التي يُحتجز فيها الأسرى الفلسطينيون في السجون؛ لافتاً إلى أن هذا الشرط لطالما تمسّك فيه المفاوض الفلسطيني، ورفضه الاحتلال بالكامل.
وبالعودة إلى وضع الأسرى المزري، عدّت السراحنة الأمر الأصعب على الإطلاق هو حقيقة أن "بعض العائلات لم تتعرف على أبنائها الأسرى؛ إذ صُعِقت هذه العائلات لحظة لقائها بأبنائها الذين باتت لهم أشكال وهيئات وملامح مختلفة تماماً جراء المعاناة والتعذيب والتجويع في السجون".
وفي الإطار، أوضحت السراحنه أنه "لم نتفاجأ بصفتنا عاملين في مؤسسات الأسرى، فطوال الفترة الماضية كنّا نستقبل أسرى تغيّرت ملامحهم بشكل ملحوظ؛ بدءاً من نقصان وزن الجسم، مروراً بالهزال، وليس نهاية بالأمراض المختلفة وعلى رأسها مرض (سكايبوس) أو الجَرَبْ؛ فقد كان الأخير قد التهم أجساد الأسرى بالكامل، فيما طالت شعورهم وابيضّت، إلى حد أنّ عائلاتهم لم تتمكن من تشخيصهم والتعرّف إليهم".
ما سبق عدّته السراحنه "نتيجة للجرائم التي ارتكبتها مصلحة السجون الإسرائيلية بحق الأسرى، سواء جرائم التعذيب أو الجرائم الطبية أو التجويع، وهي التي كانت ممنهجة ومنظمة ومخططاً لها وأفضت في بعض الأحيان إلى استشهاد أسرى، وتسببت في المظهر الذي بدا عليه الأسرى اليوم".
وكشفت السراحنة عن أن الأسرى المفرج عنهم اليوم، وبناء على إفاداتهم الأوّلية، "تعرضوا للضرب المبرح، وهناك عدد منهم كُسّرت أضلعه"، معتبرة ذلك "سياسة ممنهجة تتبعها مصلحة السجون بحق الأسرى الذين تفرج عنهم منذ عملية (طوفان الاقصى) السابع من أكتوبر/تشرين الاول 2023". والتي بحسبها "تعززت تجاه أولئك الأسرى الذين يُطلق سراحهم بموجب اتفاق وقف إطلاق النار مع حركة حماس".
תרעומת רבה בצלב האדום על אופן ההתנהלות של שב"ס מול האסירים הביטחוניים שמשוחררים כעת לרצועת עזה מכלא קציעות.
לפי גורם ביטחוני, בצלב האדום פנו בטענות לשב"ס מדוע האסירים מובלים אזוקים עם ידיים מעל לראש באופן שפוגע לטענתם בכבודם עם הצמיד והכיתוב "עם הנצח לא שוכח".
פניתי לשב"ס… pic.twitter.com/FdVguJnWG4
وفي السياق ذاته اعتبرت السراحنة أن العنف والإهمال الطبي لطالما مثّلا السياسة الإسرائيلية في المعتقلات، مع ذلك فإن "ما نشهده اليوم، هو مستوى غير مسبوق من العنف والوحشية ضد الأسرى الفلسطينيين".
على المقلب الآخر، قال نادي الأسير الفلسطيني في بيان صحافي، اليوم السبت، إنه "في كل مرة يُطلق فيها سراح الأسرى، نجد مظهرهم دليلاً يعكس مستوى الجرائم التي مورست بحقهم، ومنها عمليات التعذيب غير المسبوقة بمستواها" منذ اندلاع الحرب.
وأوضح "النادي" أن هذه الجرائم تتنوع بين التجويع والإهمال الطبي الممنهج، فضلاً عن تفشي مرض الجَرَب، مروراً بالضرب والتعذيب الذي يتعرض له الأسرى، وبعضهم لأيام متواصلة، ما تسبب بحسب إفادات العديد منهم بكسورٍ في الأضلاع.
إلى ذلك، رأى "النادي" أنّ الاحتلال "يمارس إرهاباً منظماً بحقّ المحررين وعائلاتهم". وقد عدد الأساليب التي رصدها، وتنوّعت ما بين "الضرب المبرح الذي طاول المطلق سراحهم، والتهديدات التي بلغت حد التلويح بالقتل في حال تنظيم أي حفل استقبال أو إن بادرت العائلة إلى أي نوع من مظاهر الاحتفاء"، عاداً ما تقدم باعتباره يدخل في إطار رغبة الاحتلال في "استهداف رمزية الأسير في الوعي الجمعي الفلسطيني".
