الاستثمار في القمامة: مصر تحول المخلفات إلى طاقة لتوفير الملايين

منذ ١ أسبوع ١٤

تشجّع الحكومة المصرية المزيد من شركات الاستثمار العاملة في مجال تحويل المخلفات والقمامة إلى كهرباء وطاقة، من أجل توفير ملايين الدولارات التي تُنفق على مشاريع الطاقة التقليدية المكلّفة التي تعمل بالغاز والمازوت. وتهدف الحكومة إلى الاستفادة من مزايا تدوير النفايات لإنتاج الطاقة، بما في ذلك خفض تكلفة توليد الكهرباء باستخدام الغاز، ودعم البيئة والاقتصاد عبر التخلص من النفايات ذاتها، وتوفير الأموال التي تُنفق على طمرها أو حرقها.

وفي إطار التوجّه لجذب مزيد من الاستثمارات في مجال تحويل المخلفات إلى طاقة، أكّدت وزارتا البيئة والمالية المصريتان، في بيان مشترك صدر الأسبوع الماضي، أن هناك خططاً لزيادة الاستثمار في القمامة وتحويلها إلى طاقة. وأوضحت الوزارة أنه من أجل تعزيز الاستثمارات في مشروعات تحويل المخلفات إلى طاقة، يجري تعديل القوانين المنظمة للتعاقدات العامة، وزيادة تعرفة التغذية، كما جرى تخصيص أراضٍ لمشروعات تحويل المخلفات إلى طاقة في ثماني محافظات، بهدف استكمالها خلال السنوات الثلاث أو الأربع المقبلة.

تشجّع الحكومة المصرية المزيد من شركات الاستثمار العاملة في مجال تحويل القمامة والمخلّفات إلى كهرباء وطاقة، من أجل توفير ملايين الدولارات التي تُنفق على مشاريع الطاقة التقليدية المكلّفة التي تعمل بالغاز والمازوت. وفي أغسطس/آب 2024، وقّعت الحكومة المصرية عقوداً مع ثماني شركات محلية وأجنبية لإنتاج 1.7 مليار كيلوواط/ساعة من الكهرباء، عبر تدوير نحو 3.5 ملايين طن من المخلفات سنوياً لإنتاج الطاقة، وذلك بتكلفة إجمالية تصل إلى 1.2 مليار دولار. لكن هذه الشركات غير كافية لتحقيق الهدف الذي وضعته الحكومة المصرية في عام 2020، وهو توليد 300 ميغاواط من الكهرباء من مشروعات تحويل المخلفات الصلبة إلى طاقة بحلول عام 2025، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.

المخلفات ضمن اهتمام مستثمري القطاع الخاص

وبحسب مصادر في وزارة البيئة تحدّثت لـ"العربي الجديد"، فإن المشروعات الحالية تضم ثماني شركات، من بينها ثلاث شركات تابعة للجيش المصري، وهي الهيئة العربية للتصنيع، والهيئة القومية للإنتاج الحربي، وطاقة عربية، إلى جانب شركة إماراتية (إنفينيتي باور) وأخرى كويتية (ميداف القابضة)، بالإضافة إلى ثلاث شركات من القطاع الخاص المصري، وهي أوراسكوم كونستراكشون، وحسن علام القابضة، والسويدي إليكتريك.

ولتحفيز المزيد من الشركات على الاستثمار في مجال إدارة المخلفات، قررت الحكومة المصرية منح الشركات المشاركة تراخيص ذهبية، إلى جانب حوافز ضريبية وغير ضريبية بموجب قانون الاستثمار. كما تدرس وزارة البيئة رفع تعرفة إنتاج الكهرباء من تحويل المخلّفات إلى طاقة، من 1.40 جنيه للكيلوواط/ساعة (التي جرى تحديدها في عام 2019) إلى 2.35 جنيه لكل كيلوواط/ساعة، على أن تتغير التعرفة وفقاً لسعر الصرف.

وتنتج مصر ما بين 50 و60 ألف طن من المخلفات الصلبة يومياً، أي ما يعادل 22 مليون طن سنوياً، وتصل تكلفة إدارة هذه المخلفات إلى 480-1122 جنيهاً للطن في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، بينما تبلغ تكلفة جمع طن واحد من المخلفات نحو 500 جنيه تقريباً. ويبلغ عدد مصانع إعادة التدوير في مصر 28 مصنعاً، ويجري العمل على زيادتها إلى 56 مصنعاً.

وفي عام 2023، احتلّت مصر المرتبة الأولى إقليمياً، والرابعة عشرة عالمياً، من حيث معدّلات إعادة التدوير، ويعود الفضل الأكبر في ذلك إلى جامعي القمامة (عمال إعادة تدوير المخلفات غير الرسميين) في القاهرة، وفقاً لتقرير صادر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، بعنوان "إعادة التدوير والطريق إلى التنمية البيئية المستدامة"، الذي نُشر في يونيو/ حزيران 2023.

وتُقدَّر قيمة صناعة إعادة التدوير عالمياً بنحو 62 مليار دولار، فيما تصل هوامش الربح إلى 30%، اعتماداً على نوع المواد، بحسب تقرير صادر عن شركة بنشمارك الدولية للتدوير في إبريل/ نيسان 2024. ومن المتوقع أن يصل حجم سوق خدمات إعادة تدوير النفايات عالمياً إلى 91.37 مليار دولار بحلول عام 2032. ويشير تقرير للبنك الدولي إلى أن نحو 50% من الاستثمارات في قطاع المخلفات عالمياً تأتي من الإدارات المحلية، بينما تدعم الحكومات الوطنية 20% من الاستثمارات، فيما يُموَّل 10-25% منها عبر القطاع الخاص.

أغلى سعر للقمامة

وتؤكد تقارير رسمية لوزارة البيئة المصرية أن القمامة "ثروة قومية ضائعة"، إذ يزداد حجم المخلفات في المدن المصرية عاماً بعد عام، مع تزايد عدد السكان، بينما لا يجري التخلص إلا من نصفها فعلياً. ويبلغ حجم النفايات في مصر 90 مليون طن سنوياً، لكن نسبة إعادة التدوير لا تتجاوز 20%، وفقاً للإحصاءات الرسمية. إلا أن مناقشات داخل مجلس الشيوخ المصري كشفت عن أن حجم النفايات قد يصل إلى 2.1 مليار طن سنوياً، فيما تبلغ نسبة إعادة التدوير 16% فقط، ومن المتوقع أن يرتفع حجم النفايات إلى 3.4 مليارات طن بحلول عام 2050. وأظهرت دراسة علمية أجراها معهد بحوث الأراضي والمياه والبيئة أن قمامة القاهرة تُعد "من أغنى أنواع القمامة في العالم"، حيث قد تصل قيمة الطن الواحد من القمامة المصرية إلى 1000 دولار، نظراً لاحتوائها على مواد خام قيّمة تدخل في العديد من الصناعات التحويلية.

وتشير التقديرات إلى أن سعر طن القمامة في مصر يختلف باختلاف نوعه، حيث يبلغ سعر طن الكرتون والورق نحو 2000 جنيه مصري، بينما تتراوح أسعار البلاستيك بين 1500 و2000 جنيه مصري للطن. كما يصل سعر طن خردة النحاس الأصفر إلى 180 ألف جنيه مصري، بينما يبلغ سعر طن خردة النحاس الأحمر 250 ألف جنيه مصري، أما سعر الكرتون فيبلغ 9000 جنيه مصري.

قراءة المقال بالكامل