البرازيل بلاد السامبا، أرض كرة القدم التي أبهرت العالم بأسلوب لعب ساحر ومبهر وممتع، يتميز بالمهارات والإبداعات. اللعبة الشعبية الأولى في العالم تُمثل للبرازيل ثقافة شعب، وهوية وطنية، ومحركاً لمدخول اقتصادي بمليارات الدولارات، كونها أكبر بلد مُصدّر للاعبين والمدربين.
يُعاني منتخب البرازيل من أزمة وفوضى كبيرة، إذ تعرض للخسارة في خمس مباريات في مشوار تصفيات أميركا الجنوبية المؤهلة إلى بطولة كأس العالم 2026، آخرها أمام الأرجنتين هي الأسوأ في تاريخ التصفيات (خسر أمام تشيلي بثلاثية نظيفة في تصفيات مونديال 2002)، ما أدى إلى إقالة الجهاز الفني للمرة الثالثة، بدءاً من رامون مينيزيس، مروراً بفيرناندو دينيز، وأخيراً دوريفال جونيور، الذين خلفوا المدرب تيتي الذي غادر سنة 2022 رغم تتويجه بلقب كوبا أميركا 2022، وربما بسبب خروجه من كأس العالم 2022 في قطر.
استمرت إقالات مدربي المنتخب لأسباب عدة، منها سوء الأداء، وافتقاد أسلوب اللعب البرازيلي الممتع، وضعف الشخصية والهوية، وتراجع النتائج وتكرار الإخفاقات، ما أثر على أحد أبرز المنتخبات عالمياً وأكثرها مشاركة في كأس العالم (22 مرة). يحمل المنتخب خمسة ألقاب مونديالية، ويُعدّ منجم مواهب لكرة القدم، في بلد يبلغ عدد سكانه 203 ملايين نسمة، ويمتاز بأحيائه الفقيرة وأزقته التي أنجبت أساطير كروية مثل بيليه، غارنشيا، زاغالو، زيكو، فالكاو، سقراط، بيبيتو، رونالدينيو، كاكا، نيمار، وفينيسيوس، إضافة إلى مدربين كبار مثل ماريو زاغالو، كارلوس ألبيرتو بيريرا، وتيلي سانتانا.
ورغم احتلاله المركز الرابع في التصفيات برصيد 21 نقطة بعد 14 مباراة (فاز في ست مباريات، وثلاثة تعادلات، وخمس خسارات بينها ثلاث متتالية أمام باراغواي، كولومبيا، والأرجنتين)، فإن تأهل البرازيل يبدو شبه محسوم، إذ تتبقى له أربع مباريات ضد الإكوادور، تشيلي، باراغواي، وبوليفيا، علماً أن المنتخبات الستة الأولى تتأهل مباشرة إلى مونديال 2026، فيما يخوض صاحب المركز السابع الملحق العالمي.
انتُخب إدينا لدو رودريغيز مؤخراً رئيساً لاتحاد كرة القدم البرازيلي لولاية ثانية (2025-2030)، بعد انسحاب الأسطورة رونالدو نازاريو من سباق الانتخابات، ويحظى إدينا لدو بدعم كبير من مسؤولي كرة القدم، ويسعى لحل الأزمات، أبرزها اختيار مدرب مناسب لقيادة المنتخب نحو مستوى يرضي الجماهير في كأس العالم 2026.
لطالما وقعت البرازيل في خطأ افتراض أنها تمتلك مهارات وكفاءات تلعب في أكبر الأندية، لكنها أهملت تطورات كرة القدم الحديثة على مستوى التكتيك، الانضباط، والسلوك. لم تتعلم من خسائرها التاريخية، مثل نهائي 1950 أمام أوروغواي، والسقوط المدوي (7-1) أمام ألمانيا في 2014، ما يستدعي قرارات جذرية لإصلاح الأوضاع ووضع حد للإخفاقات المستمرة منذ التتويج بمونديال 2002، وذلك باختيار مدرب ملائم وإعادة الانضباط والالتزام، أمران أساسيان لضمان عودة المنتخب إلى مستواه المعهود.
يضم منتخب البرازيل حالياً نجوماً بارزين مثل أليسون، إيدرسون، ماركينيوس، رافينيا، فينيسيوس، ورودريغو، ومن المحتمل أن يتولى تدريبه الإيطالي كارلو أنشيلوتي في حال موافقته، وهو مدرب ذو خبرة وشخصية قوية. كما طُرحت أسماء أخرى مثل خورخي جيسوس، مدرب الهلال السعودي، وبيب غوارديولا، مدرب مانشستر سيتي، رغم ارتباطهما بأندية أخرى. مع ترشيح خمسة مدربين برتغاليين، أبرزهم ليوناردو جارديم مدرب كروزيرو، وأبيل فيريرا مدرب بالميراس.
تجربة الأرجنتين مع ليونيل سكالوني، الفائز بكوبا أميركا 2021 ومونديال 2022، تُثبت أن الاستقرار والانضباط يؤتيان ثمارهما، وهو ما يجب أن تستفيد منه البرازيل، كما أن التجارب السابقة تدعو إلى التفاؤل، مثل تصفيات 1994 عندما تأهل المنتخب بصعوبة ثم توج باللقب، وتصفيات 2002 عندما خسر ست مباريات لكنه فاز بالمونديال، غير أن عودة البرازيل إلى القمة تتطلب اتخاذ قرارات مهمة لاستعادة الأداء الممتع لراقصي السامبا.
