البنوك اليمنية تنقل مقراتها إلى عدن خوفاً من العقوبات الأميركية

منذ ٤ ساعات ١٠

عزّزت وزارة الخزانة الأميركية قرار الرئيس دونالد ترامب، بتصنيف جماعة أنصار الله "الحوثيين" منظمةً إرهابيةً أجنبيةً، بإصدار عقوبات مالية بحق عدد من قيادات الجماعة، في سياق توجّه الإدارة الأميركية إلى كبح نفوذ جماعة الحوثي، وإضعاف قدرتهم العسكرية التي قالت الولايات المتحدة إنها تُشكّل تهديداً لها في المنطقة، كما ضيّقت على الموارد المالية والاقتصادية للجماعة، بما فيها البنوك اليمنية.

وتأتي العقوبات الأميركية لإعادة رسم الملف الاقتصادي في اليمن الذي يعاني من انقسام مالي ومصرفي، ولتُعيد إلى الواجهة القرارات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة المعترف بها دولياً العام الماضي قبل أن تتراجع عنها تحت ضغط دولي، إذ شملت سحب نظام سويفت الدولي من البنوك العاملة في صنعاء الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.

وفي هذا السياق، أعلن البنك المركزي اليمني في عدن، السبت، تلقيه بلاغاً خطياً من غالبية البنوك التي تقع مراكزها في العاصمة صنعاء، يفيد بأنها قرّرت نقل مراكزها وأعمالها إلى العاصمة المؤقتة عدن، وأوضح البنك في بيان له أنّ هذه الخطوة جاءت تفادياً لوقوع هذه البنوك تحت طائلة العقوبات الصارمة التي تفرضها الولايات المتحدة الأميركية، بعد أن أعلنت البدء في تنفيذ قرار التصنيف.

ومع ترحيبه بهذه الخطوة، أكّد البنك المركزي استعداده وجاهزيته لتقديم أشكال الدعم والحماية الممكنة كافّة للبنوك والمؤسسات المالية والاقتصادية، لضمان استمرارها في تقديم خدماتها للمواطنين اليمنيين في الداخل والمَهجر وفي جميع المحافظات، مؤكداً قيامه بالتأكّد من تنفيذ قرار النقل الكامل وإصدار الشهادات اللازمة، كما أكّد البنك على استعداده للعمل مع المؤسسات المالية والإغاثية الدولية والإقليمية كافة والتعاون معها بما يحفظ النظام المصرفي في اليمن، ويُمكّنها من مزاولة أعمالها ومهامها دون معوقات.

ودعا البنك جميع البنوك والمؤسسات المالية والاقتصادية إلى التعامل مع هذا التطوّر بمسؤولية وحرص، حفاظاً على ممتلكات المواطنين وضماناً لاستمرار الخدمات المصرفية، وتجنّباً لأي عواقب سلبية قد تُعرقل التعاملات المالية مع الأسواق المحلية والدولية، وحذّر البنك المركزي من التهاون مع هذه التطورات، مؤكداً ضرورة الالتزام بالقوانين النافذة والقواعد المصرفية المعتمدة، لحماية الاقتصاد الوطني والقطاع المصرفي من أي تداعيات محتملة.

وتأتي هذه التطورات في ظل استمرار الرقابة المالية من الإدارة الأميركية على البنوك اليمنية التي تعمل فروعها الرئيسية من صنعاء، وأنشطتها المالية، ودورها في التعامل مع الشبكة المالية للحوثيين.

وفرضت وزارة الخزانة الأميركية، في يناير/كانون الثاني الماضي، عقوبات على بنك اليمن والكويت لدعمه المالي لجماعة أنصار الله "الحوثيين"، وأعلن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات على بنك اليمن والكويت للتجارة والاستثمار (YSC)، لدوره في دعم جماعة أنصار الله "الحوثيين" وتمويل أنشطتها الإرهابية، وأدرجت الخزانة الأميركية بنك اليمن والكويت في قائمة العقوبات بموجب الأمر التنفيذي رقم 13224، المُعدّل، لمساعدته أو رعايته أو تقديم الدعم المالي أو المادي أو التكنولوجي أو السلع أو الخدمات إلى الحوثيين أو دعمهم.

وأوضحت الخزانة الأميركية أن الحوثيين يعتمدون على مؤسسات مالية مثل هذا البنك للوصول إلى النظام المالي الدولي وتمويل هجماتهم، كما فرضت وزارة الخزانة الأميركية في ديسمبر/ كانون الأول الماضي عقوبات على عشرات الأفراد والكيانات وشركات الصرافة لدورهم في "الاتجار بالأسلحة وغسل الأموال وشحن النفط الإيراني غير المشروع لصالح الحوثيين".

وكان محافظ البنك المركزي اليمني، أحمد أحمد غالب، قد أصدر في يوليو/ تموز الماضي 2024 قراراً يقضي بإيقاف تراخيص عدد من شركات ومنشآت الصرافة، وإلغاء التراخيص المصرفية لعدد من البنوك المحلية التي تخلّفت عن تنفيذ قرار نقل مراكزها الرئيسية إلى العاصمة المؤقتة عدن، إذ شمل القرار حينها "بنك الكريمي، وبنك التضامن، وبنك اليمن والكويت، وبنك الأمل للتمويل الأصغر، وبنك اليمن والبحرين الشامل، وبنك اليمن الدولي"، غير أنه جرى التراجع عن هذه القرارات وإلغاؤها تحت تأثير ضغوط سياسية مورست من المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ على الحكومة المعترف بها دولياً للتراجع عن القرارات.

وقال رئيس قسم المخاطر في بنك التسليف التعاوني، عيسى المخلافي، لـ"العربي الجديد"، إن رضوخ البنوك اليمنية لقرار نقل مراكزها من صنعاء إلى عدن بعد رفضها ذلك سابقاً يرجع إلى قناعتها بأن الوضع في صنعاء أصبح غير مناسب للبنوك للعمل بفعالية، وتفادياً للعقوبات الأميركية التي قد تُفرض عليها، خصوصاً بعد إعادة تصنيف جماعة الحوثي جماعةً إرهابيةً أجنبيةً، وحظر التعامل معها، وشعور هذه البنوك بجدية العقوبات بعد أن طاولت أحد البنوك التي رفضت سابقاً نقل مركزها الرئيس إلى عدن.

وتابع المخلافي: أَضِف إلى ذلك سعي هذه البنوك إلى الحفاظ على كياناتها المصرفية، واستمرار عملياتها ضمن النظام المالي العالمي بغض النظر عن الخسائر التي قد تتكبّدها، التي قد تصل إلى نهب أصولها في صنعاء من جماعة الحوثي في حال قامت بنقل مراكزها دون إعطائها الإذن بذلك من الجماعة، لذا تُعدّ هذه الخطوة ضرورية لهذه البنوك لاستدامة أعمالها المصرفية في ظل الظروف غير المواتية التي تواجهها على المستويين المحلي والدولي.

بدوره، يرى الصحافي الاقتصادي وفيق صالح، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ سبب اتخاذ البنوك اليمنية قرار نقل مقراتها الرئيسية من صنعاء يتمثل في مخاوف هذه البنوك من عزلها عن الوصول إلى النظام المالي الدولي، والتأثر بالعقوبات الأميركية المفروضة على جماعة الحوثي من الإدارة الأميركية، وتُدرك هذه البنوك أن تنفيذ قرار تصنيف الحوثيين منظمةً إرهابيةً من الإدارة الأميركية سيؤدي إلى عزل القطاع الخاص في مناطق الحوثيين عن التعاملات الخارجية، وسيضع معوقات كبيرة أمام التجارة الخارجية والتعاملات المالية.

ويُضيف الصحافي الاقتصادي أنّه لذلك سارعت البنوك اليمنية إلى تفادي الوقوع تحت مقصلة العقوبات، عبر التواصل والتنسيق مع البنك المركزي اليمني المعترف به دولياً، من أجل نقل مقراتها الرئيسية إلى العاصمة المؤقتة عدن، ومن أجل الحفاظ على مصالحها، وضمان استمرار أنشطتها المصرفية والمالية خارجياً، كون البقاء تحت السيطرة الحوثية سيُعرّض القطاع الخاص والبنوك إلى مخاطر عديدة، منها عزلها عن النظام المصرفي الخارجي وصعوبة التعاملات الدولية.

قراءة المقال بالكامل