الجزائر: 500 دولار للأسر لاستخدام سخانات شمسية ودعم صادرات الغاز

منذ ٧ ساعات ١٢

أقرت السلطات الجزائرية دعماً مالياً قدره 500 دولار (65 ألف دينار) لكل أسرة لنشر استخدام سخانات ماء منزلية تعمل بالطاقة الشمسية لتقليل استهلاك الغاز في السوق المحلية ودعم الصادرات، خصوصاً أن الاستهلاك الداخلي في البلاد صار في نفس مستوى المبيعات الخارجية مع نمو سنوي معتبر.

وكشفت الوكالة الوطنية لتطوير استخدام الطاقة وترشيده، في منشور لها على منصة "لينكد إن"، وهي هيئة حكومية تهتم بترشيد استخدام الطاقة وتقليل هدرها، أن المواطنين بات بإمكانهم الاستفادة من هذا الدعم لشراء وتركيب سخانات مائية فردية تعمل بالطاقة الشمسية، وذلك عبر عملية تسجيل على موقعها الرسمي على شبكة الانترنت، مشيرة إلى أن هذه الإعانة المالية تقدر بـ65 ألف دينار (نحو 500 دولار). وتسعى الجزائر عبر هذا الإجراء إلى خفض الاستهلاك المحلي للغاز الطبيعي الذي يُستخدم بشكل واسع في تسخين المياه المنزلية وطهي الطعام، ما من شأنه تقليل الضغط على شبكة التوزيع الوطنية وتوجيه كميات أكبر من الغاز نحو التصدير. كما يندرج المشروع ضمن السياسة العامة للدولة الرامية إلى ترشيد استهلاك الطاقة وتعزيز استخدام المصادر المتجددة.

وتؤكد الهيئة الحكومية في منشورها أن التحول نحو تسخين المياه بالطاقة الشمسية من شأنه أن يقلص فاتورة الكهرباء للأسر الجزائرية، ويحد من استهلاك الغاز في الوحدات السكنية، ما يتيح احتياطيات إضافية موجهة للصناعة والتصدير. وتعتبر هذه الخطوة، وفق الوكالة نفسها، جزءاً من البرنامج الوطني للتحكم في الطاقة الذي يهدف إلى تقليل الاعتماد على الطاقات التقليدية وتعزيز الاستدامة.

ويرى رئيس تجمع الطاقات الخضراء الجزائري بوخالفة يايسي أن هذه الخطة تستهدف تقليص استهلاك الغاز الطبيعي وتندرج ضمن خطط الحكومة للاعتماد أكثر فأكثر على الطاقات المتجددة وتوفير كميات من الغاز المحترق، مشيراً إلى أن هذه التجربة كانت تقتصر سابقاً على مناطق لا تصل إليها شبكة الغاز الطبيعي، وجاءت هذه المبادرة لتعميمها أكثر. وأوضح يايسي الذي هو أيضاً خبير بالطاقات المتجددة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن هذه التجربة التي طال الحديث عليها، ولكي يكون لها تأثير ملموس، يجب أن تُنشر على نطاق واسع ويجب الوصول إلى تركيب مئات الآلاف من هذه الأجهزة في عموم البلاد، ما سيكون له مفعول مباشر على تقليص حرق الغاز المنزلي، وتوفير كميات معتبرة منه.

ودعا المتحدث السلطات الجزائرية إلى رفع الإعانة المالية المخصصة لهذه التجهيزات أكثر، بما يضمن تجاوباً اكبر من المستهلكين، يقود في النهاية إلى نجاح المبادرة، على غرار ما حدث في عدة بلدان منها تونس وأوروبا والصين. كما حث الخبير يايسي سلطات بلاده على ضرورة تشجيع تصنيع جزء من هذه المعدات محلياً، ما يمنح العملية قيمة مضافة أكبر.

الاستهلاك الداخلي للغاز

تأتي هذه الخطوة في ظل ارتفاع مطرد في استهلاك الطاقة داخل الجزائر، حيث ارتفع الطلب الداخلي على الغاز والكهرباء بنسب سنوية متزايدة، ما دفع السلطات إلى البحث عن حلول بديلة لمواجهة هذا التحدي. ويشير تقرير وزارة الطاقة والمناجم الجزائرية لعام 2023 إلى حالة من التساوي بين استهلاك الجزائر الداخلي من الغاز الطبيعي وصادراتها نحو الأسواق الخارجية، حيث بلغ إجمالي الإنتاج التجاري للغاز 105 مليارات متر مكعب. وبلغت الصادرات في العام نفسه 52.34 مليار متر مكعب، منها 34.48 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي و17.86 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال (إل.إن.جي)، في حين بلغ الاستهلاك الداخلي، بما يشمل الأسر والصناعة وإنتاج الكهرباء، نحو 52.6 مليار متر مكعب.

وبحسب تصريحات سابقة لوزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب، فإن الجزائر تستهدف إنتاج 200 مليار متر مكعب من الغاز في غضون أربع سنوات، مشيراً إلى أن هناك ضرورة ملحة لتلبية الطلب الداخلي على هذه المادة الحيوية الذي سجل ارتفاعاً كبيراً في السنوات الأخيرة مدفوعاً بإطلاق أكثر من 1400 مصنع خلال سنتين، ومئات الآلاف من الشقق السكنية التي تعتمد على الغاز.

وسبق للرئيس عبد المجيد تبون أن وجه شركة المحروقات الحكومية سوناطراك بضرورة بلوغ صادرات الغاز 100 مليار متر مكعب في السنوات المقبلة. وينتشر استهلاك الغاز في الجزائر على نطاق واسع في عموم قرى ومدن البلاد، وتقول السلطات إن نحو 70% من المساكن مربوطة بهذه الطاقة الحيوية. وإضافة إلى انتشار استخدامه، فإن الغاز الطبيعي يسوق بأسعار زهيدة، خصوصاً للأسر، بفضل دعم الدولة التي تتحمل الفارق بين تكلفته الحقيقية وسعر التسويق، حيث يستخدم للطبخ والتدفئة وسخانات المياه. وأطلقت حكومة رئيس الوزراء نذير العرباوي برنامجاً لإنجاز أكثر من مليون شقة في إطار ما يعرف بـ"برنامج عدل" موجه للطبقات المتوسطة (أغلبهم موظفون)، وجلها يستخدم الغاز الطبيعي في مختلف العمليات المنزلية.

البصمة الكربونية

تطمح الحكومة الجزائرية من خلال هذه الخطوة إلى تقليل الانبعاثات الكربونية وتحقيق التزاماتها البيئية من خلال خفض استهلاك الوقود الأحفوري عبر خفض حرق الغاز من طرف ملايين الأسر. وأطلقت الحكومة خطة لإنتاج 15 ألف ميغاواط من الكهرباء من محطات شمسية بحلول العام 2035، ستدخل ثلاثة آلاف ميغاواط منها الخدمة تدريجياً في العام الجاري من خلال 20 محطة شمسية كهروضوئية يجرى تنفيذها حالياً. ويستهدف البرنامج توفير جزء كبير من استهلاك البلاد من الطاقة الكهربائية انطلاقاً من مصادر نظيفة، وتقليل حرق الغاز وتوجيهه للتصدير. وصنفت الوكالة الدولية للطاقة الجزائر أنها تتوفر على أكبر حقل شمسي في العالم من خلال عدد ساعات سطوع أشعة الشمس في السنة.

قراءة المقال بالكامل