استبعدت السلطة المستقلة للانتخابات في الجزائر 206 من المترشحين لانتخابات تجديد نصف أعضاء مجلس الأمة، التي ستجري في التاسع من مارس/آذار المقبل، بينهم 148 مترشحاً بسبب شبهات ارتباطهم بأوساط الفساد المالي والسياسي، فيما حذرت السلطة المترشحين المقبولين من أي تلاعب بالمال والنفوذ أو شراءٍ للأصوات.
وأكدت سلطة الانتخابات، الليلة الماضية، أنه جرى رفض ملفات 143 مترشحاً "بسبب الصلة بأوساط المال الفاسد والأعمال المشبوهة"، وخمس ملفات بسبب الوضعية تجاه الإدارة الضريبية، و58 ملف ترشح بسبب عدم حصولها على تزكية موقّعة من المسؤول الأول عن الحزب السياسي المترشح باسمه. ومنعت سلطة الانتخابات قبل ذلك المترشحين من الترشح خارج إطار الحزب الذي ترشحوا وفازوا باسمه بمقاعد في المجالس البلدية والولائية في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2021، منعاً لظاهرة التجوال السياسي بين الأحزاب.
ورفضت بعد إغلاق باب الترشيحات في المجموع ترشح 162 مترشحاً يمثلون أحزاباً سياسية، إضافة إلى رفض 44 آخرين من المستقلين، من مجموع 629 مترشحاً من الأحزاب والمستقلين في الجزائر.
تعليقاً على ذلك، قال المحلل السياسي عبد القادر بسعدي في تصريح له إنّ هذه الصرامة تعزى إلى "أن السلطة المستقلة للانتخابات، راكمت تجربةً مهمةً من خلال التجارب الانتخابية الخمس السابقة التي أشرفت عليها منذ إنشائها منتصف عام 2019، إضافة إلى أن هناك مسعى لتكريس شعار سياسي تبناه الرئيس عبد المجيد تبون منذ ولايته الرئاسية الأولى، يخصّ أخْلَقَة العمل السياسي وتطهيره ومنع العلاقة بين المال والسياسة، بخلاف ما كانت تشهده الجزائر قبل عام 2019".
لكن متابعين يعتبرون أن هذا المسعى، على أهميته ومشروعيته السياسية، يطرح إشكالية تحتاج إلى معالجة قانونية، لأن منع أي مترشح للانتخابات النيابية أو المحلية بسبب شبهات بالعلاقة مع أوساط المال الفاسد، يظلُّ شبهةً أكثر منه إدانةً، وقد يستخدم وسيلةً لإبعاد مترشحين ترى السلطة ضرورة استبعادهم تحت أيّ عنوان.
ويصوّت في انتخابات التاسع مارس في الجزائر، أكثر من 27 ألف عضو في المجالس البلدية والولائية. ويتنافس 423 مترشحاً، بينهم تسع نساء، على 58 مقعداً في مجلس الأمة (مقعد واحد عن كل ولاية)، ويشارك في هذه الانتخابات 19 حزباً قدّموا 251 مترشحاً، فيما ترشح 172 من المستقلين. ويضم مجلس الأمة الجزائري، الغرفة العليا للبرلمان، كتلتين من الأعضاء بمجموع 174عضواً، كتلة تسمى الثلث الرئاسي يعنيّها رئيس الجمهورية من الأطُر والكوادر والنخب، (58 عضواً)، غير أنه يجري كل ثلاث سنوات تجديد نصف عددهم (29 عضواً) عندما تنتهي عهدة نيابية من ست سنوات. ويضم كتلة ثانية من الأعضاء يجري انتخابهم في تصويت مباشر من أعضاء المجالس المحلية والولائية، بمعدل نائبين عن كل ولاية (58 ولاية)، ويجري تجديد نصفهم أيضاً كل ثلاث سنوات، عندما تنقضي عهدة من ست سنوات لـ29 عضواً.
وجددت سلطة الانتخابات تحذيراتها الشديدة للمترشحين المقبولين الذين سيتنافسون على المقاعد الـ58 في مجلس الأمة، بأنهم "مطالبون باحترام أخلاقيات وآداب الممارسات السياسية، التي تقتضي ألّا يستعمل أو يستغل المترشح المسؤول (يزاول مسؤوليةً في المجلس البلدي أو الولائي)، منصبه للتأثير على الرأي والاختيار الحر بأي وسيلة كانت"، وذلك سعياً لضمان حسن سير ونزاهة وشفافية العملية الانتخابية عبر جميع مراحلها، واحتراماً لمبادئ وأخلاقيات وآداب الممارسات السياسية والانتخابية، لا سيّما المنافسة النزيهة والعادلة بين المترشحين.
