الجزائر: تظاهر مفاجىء للتلاميذ واتهامات لأصحاب الدروس الخصوصية

منذ ٢ شهور ٤٥

لليوم الثاني على التوالي، خرج تلاميذ الثانويات في الجزائر إلى الشوارع للتظاهر، مطالبين بتقليص عدد ساعات الدروس، في وقت تشكك السلطات في وجود أطراف تدفعهم للخروج إلى الشارع. ودعت جمعيات أولياء التلاميذ العائلات إلى المساعدة في التهدئة ومطالبة التلاميذ بعدم التصعيد.

وشهدت متوسّطات وثانويات عدة في مختلف مناطق الجزائر احتجاجات من قبل التلاميذ، الذين رفضوا الالتحاق بالأقسام، بالإضافة إلى مسيرات في الشارع، رافعين شعارات تطالب بمراجعة وتقليص عدد الساعات المرهق، وتحسين الدروس. وحاول بعض التلاميذ القيام بأعمال شغب وتحطيم أبواب المؤسسات التعليمية؛ ففي مدينة علي منجلي بقسنطينة، تجمع التلاميذ خارج المؤسسة التعليمية، ورفعوا لافتات تطالب بمراجعة عدد ساعات المنهاج التعليمي. وفي سطيف (شرق الجزائر)، خرج التلاميذ بشكل مفاجئ وهتفوا شعارات تطالب بتغيير المنهاج الدراسي. وفي مدينة باتنة شرقي البلاد، نظم التلاميذ تظاهرة في الشارع، وحضرت الشرطة لمراقبة الوضع. وحاول مدير التربية بالولاية التدخل للحديث إلى التلاميذ وتحذيرهم من أن هذا الأسلوب غير مقبول وقد يؤدي إلى مشكلات تضر بهم وبالمؤسسة التعليمية.  

وفي وقت لم تصدر وزارة التربية الوطنية أي موقف بشأن هذه التطورات، سارعت الهيئات التربوية إلى محاولة احتواء الوضع. ووجهت ثانوية الشهيد بالة علي بن أحمد في بلدة وادي الطاقة بولاية باتنة، نداء إلى أولياء الأمور للمساعدة في التهدئة، جاء فيه: "حفاظاً على حق أبنائنا التلاميذ في التمدرس العادي، وخصوصاً في هذه الفترة من السنة الدراسية والتي تتميز بانطلاق فروض الثلاثي الثاني، ندعو كافة أولياء تلاميذ ثانوية الشهيد بالة علي بن أحمد إلى مرافقة أبنائهم وحثهم على الدخول إلى المؤسسة وعدم الانسياق وراء دعوات التحريض على الإضراب وعدم الالتحاق بمقاعد الدراسة. نلتمس من الأولياء أخذ الأمر بجدية".

ووجهت الفيدرالية الوطنية لجمعيات أولياء التلاميذ اتهامات إلى أطراف لم تسمها، ذات صلة بالدروس الخصوصية التي قررت السلطات منعها، باستغلال التلاميذ ودفعهم إلى الشارع. وأكد بيان للمنظمة أنها "تستنكر بشدة المنشورات التحريضية التي تدعو التلاميذ عبر وسائل التواصل الاجتماعي للخروج إلى الشارع والتخلي عن مقاعد الدراسة لتحقيق أهداف ضيقة تتصف بالأنانية والربح السريع، ضاربة عرض الحائط الغايات السامية التي تسعى الأمة الجزائرية إلى تحقيقها من وراء المناهج والبرامج التي تطبق في المدرسة وأبعادها العلمية والتاريخية والاجتماعية".

وأكدت المنظمة أن "الدولة أرادت أن تؤطر عملية دروس الدعم وفق الشروط القانونية والصحية والاجتماعية بما يخدم مصلحة التلميذ، ويجب ألا يكون الهدف من الدروس الخصوصية الربح السريع على حساب صحة التلاميذ، بل تحسين مستوى التعليم لدى بعض أبنائنا التلاميذ وفق شروط قانونية وبيداغوجية واجتماعية، أقلها أن تكون خارج أوقات الدراسة وداخل مرافق محترمة تستجيب لشروط الصحة العامة والسلامة الجسدية والمعنوية. والأهم من كل ذلك أن تكون مرخصة من قبل الجهات المختصة".

ويقول المتحدّث باسم نقابة مديري المؤسسات التعليمية، يزيد بوعناني، وهو مدير ثانوية في ولاية قسنطينة شرقي الجزائر، لـ "العربي الجديد"، إن "الشعارات المرفوعة من قبل التلاميذ في ما يتعلق بتخفيف المناهج والبرامج الدراسية ليست واضحة الأهداف. هناك تقديرات بأن يكون خلفها أساتذة الدروس الخصوصية. وبعد تحرك وزارة التجارة لمحاسبة بعض المدارس الخاصة التي تدرس اللغات والضغط عليها ومنعها من تقديم الدروس الخصوصية في مواد أخرى، وإطلاق بعض المداهمات، فإن هؤلاء حركوا التلاميذ من أجل الإبقاء على فوضى الدروس الخصوصية". يضيف أنه من المحتمل أن "يكون خروج التلاميذ إلى الشارع مدفوعاً من أطراف أرادت إفشال الحراك النقابي والتربوي الذي تقوده نقابات القطاع هذه الأيام بسبب مخرجات القانون الأساسي والنظام التعويضي، فأخرجوا التلاميذ لإفشال هذه الحركات الاحتجاجية للنقابات. والدليل على ذلك التعتيم الإعلامي على تحرك النقابات". ويوضح: "مهما يكن من أمر، فإن إخراج التلاميذ له أهداف غير بريئة، ويجب أن تتكاتف الجهود لمحاصرة الظاهرة ونشر التوعية اللازمة حتى لا تنفلت الأمور".

ودخلت الأحزاب السياسية المشاركة في الحكومة على خط الأزمة، إذ أصدرت حركة البناء الوطني بياناً حول احتجاج طلاب الثانويات، دعت فيه الحكومة إلى "قراءة متأنية من قبل الوزارة لهذه التطورات، والإسراع في معالجتها على مستوى أولياء التلاميذ والأساتذة والإدارة، وحتى النقابات، وضرورة فتح الحوار مع الطلاب وخصوصاً الأقسام النهائية، وتفهم مطالبهم واحتجاجاتهم، والعمل على إيجاد حلول عاجلة لما يرونه مهدداً لامتحانات البكالوريا". كما طالبت "جمعيات أولياء التلاميذ بالتواصل المباشر مع إدارات المدارس الثانوية، وفتح النقاش معها، والمساهمة الإيجابية في تهدئة الأوضاع لضمان عبور أبنائنا نحو أداء شهادة البكالوريا في ظل الطمأنينة والاستقرار واكتمال البرنامج الدراسي، وحمل الحزب السياسي وزارة التربية التسرع في تطبيق قرار وقف الدروس الخصوصية". وأوضحت أن "إجراء توقيف الدروس الخصوصية له مبرراته، لكننا نتحفظ على توقيته، الذي جاء من دون توفير شروط نجاحه، ما أحدث اضطرابات لا تتحملها المدرسة ولا تنعكس إلا سلباً على الأوضاع الاجتماعية. ونؤكد أن القرارات الحكومية، مهما كانت إيجابيتها وضرورتها، لا ينبغي فرضها بعجلة، من دون اتخاذ الترتيبات المسبقة التي تضمن نجاحها وحسن تنفيذها".

قراءة المقال بالكامل