الجزائر تقترب أكثر من ممر الهيدروجين لجنوب أوروبا

منذ ٢ شهور ٣٨

تشارك الجزائر، غداً الثلاثاء، بوفد رسمي رفيع المستوى في أشغال اجتماع وزاري، يُعد الأول من نوعه، في العاصمة الإيطالية روما للدول المعنية بمشروع "ممر الهيدروجين الجنوبي" المعروف بـ"SouthH2 Corridor"، مقتربة بذلك خطوة إضافية نحو هذه المنشأة الطاقوية التي تُوصف بأنها "حيوية" لمستقبل القارة الأوروبية. وفي هذا السياق، أفاد بيان صادر عن وزارة الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة الجزائرية بأن وزير القطاع محمد عرقاب يشارك في هذا الاجتماع بدعوة مشتركة من نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي أنطونيو تاياني، ووزير البيئة والأمن الطاقوي الإيطالي جيلبرتو بيكيتو فراتين.

وسيضم اللقاء وزراء الطاقة في خمس دول، هي الجزائر وتونس إلى جانب إيطاليا وألمانيا والنمسا. ورافق عرقاب كاتب الدولة المكلف بالطاقات المتجددة نور الدين ياسع، بالإضافة إلى الرئيسين التنفيذيين لشركتي المحروقات الحكومية "سوناطراك" رشيد حشيشي، والكهرباء والغاز "سونلغاز" مراد عجال، وعدد من كوادر قطاع الطاقات المتجددة. ويهدف هذا اللقاء، الذي ستشارك فيه أيضاً مفوضية الاتحاد الأوروبي وسويسرا بصفة مراقب، إلى تعزيز علاقات التعاون في مجالات الطاقات المتجددة وتطوير الهيدروجين الأخضر بين الدول المشاركة في المشروع. ويمثل هذا المشروع ركيزة أساسية لاستراتيجيات الدول المعنية في الانتقال الطاقوي ودعم التحول نحو اقتصاد أخضر ومستدام.

ووفقًا للبيان، تؤكد الجزائر، من خلال مشاركتها، التزامها بتعزيز التعاون الإقليمي والدولي لتحقيق أهداف الطاقة النظيفة والتنمية المستدامة، ما يعكس رؤيتها الطموحة لأن تكون شريكًا أساسيًا في الجهود العالمية لمواجهة التحديات المناخية وضمان أمن الطاقة.

وعلى هامش الاجتماع، سيُنظّم منتدى أعمال يجمع شركات الدول المشاركة، وهي الجزائر وتونس وإيطاليا وألمانيا والنمسا، بهدف رسم خريطة طريق للخطوات المستقبلية لتجسيد المشروع الطموح. وكانت شركات "سوناطراك" و"سونلغاز" (الجزائر)، و"سنام" و"سي كوريدور" (إيطاليا)، و"في.إن.جي" (ألمانيا)، و"فيربوند غرين هايدروجين" (النمسا)، قد وقّعت، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في مدينة وهران الجزائرية، اتفاقًا لإجراء الدراسات اللازمة لتقييم جدوى وربحية المشروع المتكامل لإنتاج الهيدروجين الأخضر في الجزائر وتصديره إلى السوق الأوروبية عبر "الممر الجنوبي للهيدروجين".

ويُنتَج الهيدروجين الأخضر عن طريق التحليل الكهربائي للمياه باستخدام الكهرباء المستمدة من مصادر نظيفة، مثل المحطات الشمسية الكهروضوئية أو طاقة الرياح. وسيستفيد المشروع في مرحلته الأولى من المنشآت القائمة لنقل الغاز من الجزائر إلى إيطاليا عبر تونس، من خلال خط الأنابيب المعروف بـ"إنريكو ماتاي-ترانسميد"، وصولًا إلى النمسا وألمانيا عبر الشبكة الداخلية الأوروبية لنقل الغاز، على مسافة تصل إلى 3300 كيلومتر.

وفي مرحلة لاحقة، يخطط الشركاء لإطلاق خط جديد بالكامل يربط الجزائر بجزيرة سردينيا الإيطالية ومن ثم إلى البر الإيطالي وصولًا إلى النمسا وألمانيا، ليُخصص لنقل الهيدروجين والأمونيا. وحصل المشروع عام 2023 على موافقة المفوضية الأوروبية، التي صنفته "مشروعًا ذا أهمية مشتركة" لدول القارة، ما يتيح تسريع تنفيذه وتوفير التمويل اللازم له.

ووفق تقديرات شركة "سوناطراك"، فإن تكلفة إنتاج الكيلوغرام الواحد من الهيدروجين الأخضر في الجزائر تتراوح بين دولار ونصف ودولارين، ما يجعله من بين الأقل تكلفة عالميًا. وتستهدف الجزائر تزويد السوق الأوروبية بأكثر من أربعة ملايين طن من الهيدروجين الأخضر سنويًا على المديين المتوسط والبعيد. ويرى الخبير الطاقوي بغداد مندوش، أحد كوادر سوناطراك السابقة، أن هذا الاجتماع يأتي في ظل توقف إمدادات الغاز الروسية إلى أوروبا، ما دفع الأوروبيين للبحث عن مصادر طاقة بديلة، سواء من الغاز الطبيعي أو الهيدروجين. وأكد مندوش في حديثه لـ"العربي الجديد" أن المشاركة الجزائرية في هذا المشروع تُبرز رؤية الجزائر لتعزيز التعاون الاقتصادي والفني مع أوروبا.

واعتبر مندوش أن هذا المشروع، الذي دخل مرحلة جدية، يؤكد نظرة الجزائر الشاملة حول الانتقال الطاقوي الطاقات الجديدة والمتجددة، من خلال تعاون أوربي شمال أفريقي، بشكل يجعل من الجزائر بلدا محوريا في تصدير الطاقات الجديدة والمتجددة إلى أوروبا بصفة دائمة، مثل ما كان عليه الحال بالنسبة للغاز الطبيعي.

قراءة المقال بالكامل