الحرب تضرب أسواق غزة... اختفاء بضائع وغلاء فاحش

منذ ٣ ساعات ٧

 

يزيد استئناف الاحتلال الإسرائيلي لعدوانه على قطاع غزة من الواقع المأساوي للأسواق والحركة التجارية المتأزمة أصلاً نتيجة إغلاق المعابر التجارية ومنع دخول المساعدات في الثاني من شهر مارس/ آذار الجاري، فيما تضاعف عودة حرب الإبادة من الإرباك جراء اختفاء البضائع والسلع الأساسية أو قفز أسعارها إلى مستويات خيالية.

وتعيش أسواق قطاع غزة حالة استثنائية من السوء بفعل تجمع الأوضاع الصعبة المتمثلة بالإغلاق المتواصل للمعابر ومنع دخول المساعدات الإنسانية والبضائع التجارية، إلى جانب النقص الحاد في السيولة أو توفر السيولة الورقية المهترئة التي يرفض الزبون أو التاجر التعامل بها، بالإضافة إلى تداعيات عودة الحرب.

وحذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أول من أمس، من أن مخزونات المساعدات الأساسية آخذة في التناقص في غزة، بعد أكثر من أسبوعين من وقف دخول الإمدادات إلى القطاع.

وذكر برنامج الأغذية العالمي أن إغلاق المعابر المؤدية إلى غزة أدى إلى ارتفاع حاد في الأسعار. وقد ارتفع سعر غاز الطهي هذا الشهر بنسبة تصل إلى 200% مُقارنة بشهر شباط/ فبراير، وأصبح متاحاً فقط في السوق السوداء.

ارتباك الأسواق مع بدء الغارات

مع بدء الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة إيذاناً بانتهاء اتفاق وقف إطلاق النار واستئناف الحرب، انقلبت الأوضاع داخل الأسواق التي كانت تعاني أساساً من نقص شديد في مختلف البضائع الأساسية، جراء وقف الاحتلال الإسرائيلي دخول المساعدات والبضائع والإمدادات إلى القطاع المحاصر.

ويرتبط وجود البضائع من عدمه، والحالة السعرية في أسواق القطاع بشكل وثيق بالحالة السياسية والأمنية، حيث تساهم العودة إلى الحرب في خلق حالة من البلبلة والفوضى التجارية، واختفاء العديد من الأصناف المهمة بهدف رفع ثمنها.
ويتزامن الواقع الصعب للأسواق، الذي يزداد صعوبة وقساوة مع واقع اقتصادي هشّ للفلسطينيين الذين يعانون أوضاعاً اقتصادية صعبة جراء خسارتهم لمصادر دخلهم، بفعل تدمير ما يزيد على 93% من القطاعات الاقتصادية في غزة.
ولم تبدأ أزمة الأسواق مع استئناف العدوان على القطاع، بل تضاعفت حدتها، حيث تأثرت سلاسل التوريد ودخول البضائع والمساعدات الإنسانية والخدماتية مطلع شهر مارس/ آذار الجاري بفعل إغلاق الاحتلال للمعابر، الأمر الذي ألقى بظلاله القاتمة على الأسواق.
ومنذ ساعات الصباح الأولى، لوحظ ارتباك في أسواق القطاع جراء اختفاء بعض الأصناف وإقبال المواطنين بكثرة على شراء السلع الأساسية، خوفاً من طول أمد الحرب وإغلاق المعابر، كما حصل خلال المرحلة الأولى من العدوان، التي تسببت بحالة من الجوع الجماعي جراء اختفاء المواد التموينية.

رفوف خاوية في موسم الصيام

وعن تأثير استئناف الحرب الإسرائيلية في الأسواق، يقول البائع الفلسطيني أحمد الخالدي، إن الأمور أصبحت أكثر صعوبة وتعقيداً مع تصاعد الأحداث، حيث كانت الأوضاع صعبة أساساً جراء إغلاق المعابر ونقص البضائع أو غلاء الأسعار.
ويبين الخالدي لـ"العربي الجديد" أن الأسواق تعرضت لضربات كبيرة بسبب الإغلاق التام للمعابر منذ ما يزيد على أسبوعين، على الرغم من بدء الموسم الرمضاني الذي يزيد فيه إقبال الفلسطينيين على الشراء، وتحديداً المواد الغذائية، بينما شكل استئناف الضربة القاضية للأسواق والحركة التجارية.

ويشير الخالدي إلى أن معظم الرفوف باتت خاوية من البضائع الأساسية، بفعل تأثيرات الإغلاق، ومحاولات التلاعب من بعض التجار، بهدف احتكار الأصناف الأساسية ورفع ثمنها على المحلات، وبالتالي على المستهلكين.
أما الفلسطينية أم أحمد الدربي، فلم تجد داخل سوق الصحابة الشعبي العديد من الأصناف الأساسية اللازمة لوجبتي إفطار وسحور أسرتها، فيما تضاعفت الأسعار خلال الأيام الماضية بسبب إغلاق المعابر وارتفعت مجدداً مع استئناف الحرب.
وتبيّن الدربي لـ"العربي الجديد" أن الواقع الصعب للأسواق يزيد من صعوبة الواقع المعيشي والاقتصادي الخانق، الذي تنعدم فيه مختلف مقومات الحياة، إلى جانب انعدام القدرة الشرائية نتيجة غياب كل أشكال المساعدات الإنسانية والمادية.

جشع التجار يفاقم الأزمة

في الأثناء، يتحدث الفلسطيني خالد رجب عن اختفاء البضائع من الأسواق في غزة "نتيجة جشع التجار وعدم خوف كبارهم من الله، ومن أجل أن يربحوا أضعافاً مضاعفة من المال". ويشير المواطن الفلسطيني إلى أنّ التجار والباعة الذين استغلوا الوضع يتهربون من مسؤولياتهم الأخلاقية والوطنية ويستغلون حالة الانفلات وغياب القانون في ظل الحرب وملاحقة الأمن والشرطة.
ويقول رجب لـ"العربي الجديد": "نعيش أزمة حقيقية، نحن في واقع هو الأصعب والأعقد والأسوأ منذ النكبة الفلسطينية، وإن لم يتدخل العالم والعرب والمسلمون إلى جانبنا لوقف ما تفعله إسرائيل بنا، فلن نبقى أحياءً، سنموت جميعاً وسيكون للاحتلال الكلمة الأولى والأخيرة في حياتنا... نحن نريد أن نأكل ونشرب مياهاً نظيفة ونعيش حياة طبيعية".

قراءة المقال بالكامل