تشهد السوق المالية الروسية تحولاً استراتيجياً يعيد تشكيل أولويات الاستثمار والادخار. وأكدت الباحثة الاقتصادية الروسية فيكتوريا كالينوفا، لـ"العربي الجديد"، أن "تراجع الطلب على العملات الأجنبية ليس رد فعل وقتياً، بل هو تحول هيكلي يعزز سيادتنا المالية". وجاء ذلك في الوقت الذي أظهرت فيه بيانات البنك المركزي الروسي، التي نقلتها صحيفة"إزفيستيا"الروسية اليوم الأحد، انخفاض مشتريات الأفراد من العملات الأجنبية بنسبة 40% منذ بداية العام الجاري مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، ليصل الحجم الإجمالي إلى 584 مليار روبل روسي فقط.
وأشارت الصحيفة الروسية إلى أن هذا التراجع نتيجة لاستمرار توجه المواطنين نحو التخلي عما يوصف بـ"العملات السامة"، خاصة مع استقرار سعر صرف الروبل عند مستويات شبه ثابتة حول 80 روبلاً للدولار طوال ثلاثة أشهر متتالية. وفي السياق، قالت كالينوفا: "البيانات تعكس نجاح السياسة النقدية في إدارة عملية انتقالية استراتيجية. فتراجع الطلب على العملات التقليدية ليس مجرد رد فعل وقتي، بل هو تحول هيكلي يعزز سيادة روسيا المالية. لقد نجحنا في تحويل التحديات إلى فرص عبر خلق نظام متوازن تقلصت فيه هيمنة الدولار واليورو". وأضافت: "النجاح الحالي يعتمد على عدة ركائز، من بينها سياسة سعر الفائدة المرتفع التي حفزت الادخار بالروبل، وإعادة هيكلة أنظمة التحويلات الدولية لصالح العملات الصديقة".
وأوضحت كالينوفا أنه "رغم النتائج الإيجابية، يجب أن نبقى متيقظين للمخاطر التي قد تتمثل في انخفاض سيولة السوق، حيث قد تزيد التقلبات عند الأزمات ضرورة تعميق التكامل مع أنظمة الدفع بالعملات البديلة"، وتابعت "التوازن بين المرونة والاستقرار سيحدد نجاح هذه التحولات على المدى الطويل".
في يوليو من هذا العام، تراجعت قيمة الروبل بشكل طفيف بعد موجة ارتفاع استمرت سبعة أشهر، حيث انخفض مقابل الدولار الأميركي بنسبة 4.3% (ليصل إلى 81.8 روبلاً)، وفقاً لتقرير "مراجعة المخاطر المالية" الصادر في وقت سابق عن البنك المركزي.
ويتوقع المحللون الماليون الروس استمرار الضغط التصاعدي على العملات الأجنبية مع إلغاء إلزامية إعادة تحويل عائدات التصدير، بينما قد يشهد الروبل مرحلة من التراجع التدريجي مع بدء تخفيف السياسة النقدية، حيث تتراوح توقعات أسعار الصرف لنهاية العام حول 93-95 روبلاً للدولار، وفقاً لما ذكرته "إزفيستيا". ويشكل هذا التحول علامة على تعزيز ثقة المواطنين بالعملة الوطنية، رغم استمرار التحديات الخارجية التي تتطلب الحفاظ على سياسات متوازنة تدعم استقرار القطاع المالي.
