أعلن الجيش السوداني، اليوم الأربعاء، مقتل 12 مدنياً وإصابة 17 آخرين بقصف مدفعي شنته قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور غربي السودان. واتهمت الفرقة "السادسة مشاة" للجيش السوداني في بيان مقتضب، "الدعم السريع" بقصف مدينة الفاشر بمدفعية ثقيلة، "ما أدى إلى استشهاد 12 مواطناً وإصابة 17 آخرين". وأشار البيان إلى أن جميع الجرحى جراء القصف يعانون من "إصابات بالغة"، ونُقلوا إلى المستشفيات للعلاج.
ويأتي القصف على الفاشر وفق بيان الجيش، رغم تمكنه من فرض سيطرته على المدينة، ضمن سلسلة انتصارات أعلنها في عدد من الولايات والمدن. وحتى الساعة 14:10 (توقيت غرينتش) لم يصدر تعليق من قوات الدعم السريع على بيان الجيش السوداني.
ومنذ أسابيع وبوتيرة متسارعة، بدأت تتناقص مساحات سيطرة "الدعم السريع" لصالح الجيش، وتسارعت انتصارات الأخير في الخرطوم بما شمل السيطرة على القصر الرئاسي، ومقار الوزارات بمحيطه، والمطار، ومقار أمنية وعسكرية. وفي الولايات الـ17 الأخرى، لم تعد الدعم السريع تسيطر إلا على أجزاء من ولايتي شمال كردفان وغرب كردفان وجيوب في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، بجانب 4 من ولايات إقليم دارفور (غرب).
السودان يتهم الإمارات بـ"دور محوري" في الحرب عشية جلسة لمحكمة العدل الدولية
إلى ذلك، اتهم المتحدث باسم الحكومة السودانية المتحالفة مع الجيش دولة الإمارات بأداء "دور محوري" في الحرب المستمرة في السودان منذ عامين من خلال دعم قوات الدعم السريع، وذلك عشية استماع محكمة العدل الدولية لشكوى من السودان ضد دولة الإمارات. وقال وزير الإعلام والمتحدث باسم الحكومة السودانية خالد الأعيسر، اليوم الأربعاء، إنّ "دولة الإمارات العربية المتحدة لعبت دوراً محورياً في تأجيج نيران الصراع في السودان وارتكبت أخطاءً لا علاقة لها بالإنسانية وجرائم تتصل بالملاحقات الدولية".
وتنظر محكمة العدل الدولية في لاهاي، غداً الخميس، في الدعوى المقدمة من السودان ضد الإمارات التي يتهمها فيها بـ"التواطؤ في إبادة جماعية" بسبب دعمها المفترض لقوات الدعم السريع السودانية. وتعتبر الحكومة السودانية أن أبوظبي "متواطئة في إبادة جماعية ضد المساليت (إحدى قبائل السودان في إقليم دارفور غربي البلاد) من خلال إصدار توجيهات وتوفير الدعم المالي والسياسي والعسكري المكثف لمليشيات الدعم السريع المتمردة".
وأكد الأعيسر، في مؤتمر صحافي مع وزير الداخلية السوداني وممثلين لوزارتي العدل والخارجية، أن "حكومة السودان عندما تتحدث عن تورط دولة الإمارات (فهي) تمتلك من الأدلة ما يكفي لكي تتقدم بهذه الشكوى العادلة". وأوضح ممثل وزارة العدل السودانية الفاتح بشير، أن بلاده طلبت من محكمة العدل الدولية اتخاذ إجراءات "عاجلة لإلزام دولة الإمارات العربية المتحدة بإيقاف الدعم المستمر الذي تقدمه إلى مليشيا الدقلو" في إشارة إلى قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو.
وأشار وزير الداخلية السوداني خليل باشا سايرين، في المؤتمر الصحافي، إلى "عدم التزام الأطراف الدولية والإقليمية قرار مجلس الأمن بمنع توريد الأسلحة إلى دارفور" الذي اعتمده المجلس عام 2004. ووصف ممثل وزارة الخارجية السودانية شكوى بلاده أمام محكمة العدل الدولية بأنها "عادلة"، وقال إن السودان "لم يجد سبيلاً لكف أذى الإمارات إلأا بطرق هذه الأبواب".
واتهمت وزارة العدل السودانية قوات الدعم السريع بتدمير الجامعات والمدارس والمرافق الصحية، ما أدى إلى "توقف أنشطة الدولة كافة، وتأثر الحياة العامة والتهجير القسري وكل ذلك جراء مساندة دولة الإمارات لمليشيا الدعم السريع". وكان مسؤول إماراتي قد وصف شكوى السودان أمام محكمة العدل الدولية بأنها "حيلة دعائية خبيثة". وقال المسؤول، في بيان لوكالة فرانس برس، إنّ هذه الشكوى "ليست أكثر من حيلة دعائية خبيثة تهدف إلى تحويل الانتباه عن التواطؤ الراسخ للقوات المسلحة السودانية في الفظائع واسعة النطاق التي لا تزال تدمر السودان وشعبه".
وأضاف أنّ "الادعاءات التي قدّمها ممثل القوات المسلحة السودانية أمام محكمة العدل الدولية تفتقر إلى أي أساس قانوني أو واقعي، وتمثل محاولة أخرى لصرف الانتباه عن هذه الحرب الكارثية". وتابع البيان: "احتراماً لمحكمة العدل الدولية... ستسعى الإمارات العربية المتحدة لردّ هذا الطلب الذي لا أساس له على الفور".
ودعا السودان محكمة العدل، وهي أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة تفصل في النزاعات بين الدول، إلى إصدار "تدابير موقتة" لإرغام دولة الإمارات على دفع تعويضات. وقالت الخرطوم في شكواها إنّ "على دولة الإمارات إصلاح الضرر الكامل الناجم عن أفعالها غير المشروعة دولياً، وخصوصاً دفع تعويضات لضحايا الحرب". وقرارات محكمة العدل ملزمة قانوناً، لكنّ الهيئة لا تملك وسائل لفرض تنفيذها.
واندلعت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في إبريل/ نيسان 2023، ما تسبب في مقتل عشرات الآلاف من السودانيين ونزوح أكثر من 12 مليوناً. ويُتهم طرفا الحرب بارتكاب انتهاكات بحق المدنيين، وتواجه الدعم السريع تحديداً اتهامات تتعلق بالعنف الجنسي الممنهج والإبادة الجماعية، ولا سيما في إقليم دارفور، غربي البلاد، الواقع معظمه تحت سيطرة الدعم السريع.
(الأناضول، فرانس برس، العربي الجديد)
