تتميز السياحة خلال شهر رمضان في مصر بالإفطارات الجماعية والاستمتاع بالأطعمة التقليدية والعطاء الخيري وانتشار موائد الرحمن وتعزيز الروابط الأسرية والاجتماعية، وهو يشكل مناسبة لاكتشاف وجه آخر لقطاع السياحة في البلاد. وتُتاح للمسافرين والسياح، الفرصة لتجربة الكثير من الأحداث والتقاليد التي لا يمكن اكتشافها، سوى خلال هذا الشهر. من المهرجانات النابضة بالحياة في الشوارع إلى أسواق رمضان الليلية (المعروفة باسم "الفوانيس")، هناك الكثير من الفرص تسمح للسياح، في الانخراط بالعادات والاحتفالات المحلية.
ولعل أهم ما يميز السياحة المصرية خلال شهر رمضان، هو المشاركة في الروح الجماعية لرمضان من خلال الانضمام إلى السكان لتناول وجبات الإفطار الجماعية بعد غروب الشمس وأحيانا بالمجان، أو تجربة السحور، وهي وجبة ما قبل الفجر قبل انطلاق موعد الصيام.
السياحة في خان الخليلي
لا تكتمل الرحلة إلى القاهرة خلال شهر رمضان، من دون المرور إلى سوق خان الخليلي. السوق مترامي الأطراف في قلب القاهرة القديمة، هو مزيج هائل يجمع الكثير من الأبنية القديمة والجديدة، من العمارة الإسلامية الجميلة التي يعود تاريخها إلى قرون مضت، إلى المقاهي الشعبية. يتلألأ الشارع خلال هذا الشهر الكريم بالفوانيس الكبيرة، والإضاءة التي يتم تركيبها خصيصاً في هذا الشهر.
خان الخليلي اليوم جزء لا يتجزأ من القاهرة القديمة ومن التراث التقليدي، يحتفل السكان والتجار بالشهر الكريم بعد صلاة العشاء في شارع المعز، والذي يعتبر من أهم الشوارع التقليدية في البلاد (وجدت دراسة للأمم المتحدة أن شارع المعز يحتوي على أعلى تركيز للكنوز المعمارية الإسلامية في العصور الوسطى في العالم). هذه المنطقة، التي تسمى القاهرة التاريخية، هي واحدة من المواقع السبعة المدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو في مصر.
خلال الشهر الكريم، يوزع الباعة والتجار والناس التمور والماء وبعض أصناف الحلويات على المارة بالمجان، ويمكن للسائح أن يتناول الكثير من الأطعمة المجانية خلال جولته. في قلب خان الخليلي، يتذوق السياح الفطائر المصرية التي يتم تحضيرها خصيصاً داخل أكشاك في الشوارع الضيقة. تقدم الأكشاك الفطائر المصرية أو "الفطير" بحشوات أو إضافات مختلفة حلوة ومالحة، بعدها، يمكن للسياح، السير إلى داخل المحال التجارية لشراء الهدايا التذكارية ورموز ولعب خاصة بالشهر الكريم.
الإفطارات الجماعية في مصر
دخلت مصر موسوعة غينيس في العام 2015، بعدما نُظمت في الإسكندرية أكبر مائدة رمضانية، إذ أعلنت حينها لجنة تحكيم من موسوعة غينيس للأرقام القياسية، دخول مصر الموسوعة بأطول مائدة طعام في العالم أقامتها على ساحل البحر المتوسط في مدينة الإسكندرية في تاسع أيام شهر رمضان، هذا التكريم، لم يكن مقتصراً على منطقة أو شارعاً فقط.
سنوياً، المئات من المؤسسات الإعلامية الدولية تحضر إلى منطقة "المطرية" الواقعة في قلب القاهرة وتعد واحدة من أقدم المدن المصرية، من أجل الاحتفال وتصوير أطول مائدة إفطار تجمع سكان المنطقة والكثير من السياح والوافدين. في رمضان الماضي، ووفق منظمي الحفل، فقد "حضر الإفطار أكثر من 10 آلاف مواطن، حيث تزيّنت الشوارع بجداريات ورسوم غرافيتية مميزة، ومدت الموائد لتربط الشوارع والأحياء بعضها ببعض.
تجذب هذه الموائد التي تقام سنوياً خلال شهر رمضان، العديد من السياح، بحسب ما أظهرته بيانات نشرتها السلطات المصرية، إذ يسعى العديد من السياح إلى الانخراط في التقاليد والعادات الرمضانية للمصريين.
مناطق الجذب السياحي المصرية
علاوة على ذلك، تظل العديد من مناطق الجذب الشهيرة في مصر، مثل الأهرامات والمعابد والمتاحف، مفتوحة للزوار خلال شهر رمضان، وإن كان ذلك مع تعديل ساعات العمل. مع وجود عدد أقل من الحشود مقارنة بمواسم الذروة السياحية، قد يجد المسافرون أيضًا أنه من الأسهل استكشاف هذه المواقع في جو أكثر استرخاءً، حتى أنه يمكن للسائح زيارة الأهرامات عند غروب الشمس، والاستمتاع بتناول وجبة الإفطار في الهواء الطلق.
ولعل أكثر ما يجذب السياح في رمضان، وخاصة بعد منتصف الليل، القيام برحلة عبر النيل، لتناول وجبة السحور. تقدم الكثير من الشركات السياحية، فرصة للاستمتاع بنهر النيل، من خلال جولة عبر المراكب الشرعية، والمراكب السياحية المخصصة للاستقبال الزوار، وتقديم وجبات تقليدية لوجبة السحور، وتناول المشروبات الرمضانية وغيرها من الأطعمة التي تشكل جزء من ذاكرة المصريين.
أسعار مقبولة وخيارات سياحية متعددة في مصر
ترتفع أسعار الفنادق خلال شهر رمضان، خاصة وأن وزارة السياحة المصرية عمدت مؤخراً إلى إطلاق استراتيجية لجذب السياح لزيارة البلاد والتعرف إليها في شهر رمضان، على اعتبار أنه يشكل جزءا من خطط الحكومة للترويج للسياحة التقليدية والتراثية في مصر، تتراوح أسعار الإقامة في الفنادق داخل القاهرة ما بين 20 دولاراً و50 دولاراً، وترتفع في المنتجعات والفنادق المصنفة 5 نجوم إلى 100 دولار وربما أكثر.
من جهة ثانية، تحافظ أسعار المواد الغذائية وأسعار الوجبات والمشروبات في رمضان على استقرارها النسبي. عادة ما يسعى السياح لزيارة المطاعم الشعبية خلال الشهر الكريم، وتذوق بعض من الأطعمة التي تقدم على مائدة المصريين، مثل الرقاق، والفطائر، والطواجن. بعد تناول وجبة الإفطار، تبدأ مرحلة جديدة لتناول المأكولات المصرية التي يمكن تذوقها من مطاعم الشوارع، التي تزدهر خلال شهر رمضان.
هذا وتبدأ من الخشاف هو اللمسة المصرية للتمر العادي. فعلى الرغم من أن المكون الرئيسي له هو التمر، إلا أن هذا المشروب المصري يحتوي أيضًا على مجموعة متنوعة من الفواكه المجففة مثل الزبيب والتين والمشمش والخوخ ومزيج غني من المكسرات مثل البندق والفول السوداني واللوز والكاجو وجوز الهند المنقوع إما في الماء أو الحليب، كما يمكن تذوق مشروب السوبيا، وهذا المشروب المصري القديم مصنوع من جوز الهند والحليب والسكر أو العسل. ويتم صنعه أحيانًا في المنزل، لكن يُباع أيضاً على نطاق واسع في عربات المشروبات في الشوارع خلال شهر رمضان.
