استقبل الرئيس السوري، أحمد الشرع، في العاصمة دمشق، اليوم الخميس، وفداً من محافظة السويداء، ضم ممثلين عن هيئات مدنية واجتماعية، ونقل "هواجس ومخاوف أهالي المحافظة بعد أحداث الساحل وجرمانا وأشرفية صحنايا الأخيرة"، وناقش "سبل تعزيز الاستقرار الأمني والاقتصادي في المحافظة، واستطلع رؤية الحكومة الانتقالية لمستقبل المحافظة في المرحلة الراهنة".
وعبّر الوفد عن قلق المجتمع المحلي من التدهور الأمني، وانتشار "الحالة الفصائلية المنفلتة في سورية"، وغياب الآليات الفعالة لضبط الأمن. وأكد الرئيس السوري في رده أنه "يعتبر أهالي السويداء شركاء في الوطن"، مشيداً بدورهم التاريخي في الثورة السورية الكبرى والثورة على نظام بشار الأسد، حيث ذكر، بحسب أحد أعضاء الوفد، أنه لا ينسى أن "ثوار السويداء كانوا أول الواصلين إلى دمشق يوم إسقاط نظام الأسد"، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وكشف المصدر لـ"العربي الجديد" عن أن الرئيس السوري أشار إلى أن السويداء "ستكون بمعزل عن أي استثمار" في ظل الأوضاع الراهنة، موضحاً أن الحكومة وقعت اتفاقية استثمار مع الولايات المتحدة بقيمة 7 مليارات دولار، لكن المستثمرين رفضوا ضخ أموالهم في السويداء بسبب عدم استقرارها الأمني. وقد ربط الشرع جذب الاستثمارات بـ"إلغاء الحالة الفصائلية وتفعيل الأجهزة الشرطية" في المحافظة. وحذر الشرع من أن استمرار الوضع الأمني الهش سيعوق تنمية المحافظة، داعياً إلى توحيد الفصائل من أبناء المحافظة تحت كنف الدولة.
وبحسب أحد المشاركين في الزيارة، فإن تفاؤلاً حذراً ساد بين أوساط الوفد، فيما شكك بعض الناشطين في قدرة الحكومة على معالجة التعقيدات الأمنية في المحافظة. وتزامنت الزيارة مع تحولات دولية كبيرة تجاه سورية، منها إعلان الولايات المتحدة البدء برفع العقوبات وإعادة العلاقات الدبلوماسية، وتوقيع اتفاقيات استثمارية كبرى، وتصريحات داعمة من دول أوروبية مثل اليونان والدنمارك التي أعلنت استعدادها للمساهمة في إعادة الإعمار.
وتعكس زيارة وفد السويداء إلى دمشق المساعي لدمج المحافظة في الخريطة السياسية والاقتصادية الجديدة لسورية. ومع ذلك، تبقى الحلول العملية للأزمات الأمنية والاقتصادية هي المحك الحقيقي لنجاح تلك الجهود. كما أن قدرة الحكومة على تحقيق التوازن بين متطلبات المستثمرين الدوليين وحماية حقوق المجتمعات المحلية ستشكل اختباراً حاسماً لشرعيتها في المرحلة الانتقالية.
وبعد ظهر الخميس، توجهت وفود شعبية من أهالي السويداء إلى بلدة قنوات للقاء الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز، الشيخ حكمت الهجري، الذي تحدث إلى الجموع وشدد على الوحدة الوطنية، وعلى المبادئ التي انتفض لأجلها الشعب السوري، والتي تتلخص في "وحدة سورية أرضاً وشعباً، والتعددية السياسية في دولة مواطنة مدنية يضمن العدالة فيها القانون". وتحدث الهجري عن ضرورة تطبيق سياسة اللامركزية في الحكم، وطالب أهالي السويداء والفصائل المسلحة بـ"اليقظة والحيطة مما يحاك للمجتمع المحلي بمكوناته كافة من مشاريع تدعو للفتن والاقتتال". كما أكد "ضرورة تفعيل الضابطة العدلية، وأخذ دورها في حماية القانون والناس".
