الشعبوية الطائفية ـ العاطفية

منذ ١١ ساعات ١٥

لسنوات أسست الشعبوية الغربية لمشهد تطبيع التطرف القومي. ولا يزال سوقها رائجاً، بإلقاء أصحابها أكاذيبهم وتضليلهم على رؤوس أكباش فداء، وفي العموم هم "الآخر" غير الغربي. في الراهن العربي، وتحديداً في مشرقه، يستمر حصاد خلط الحابل بالنابل، أقله منذ بدء تداعيات الغزو الأميركي للعراق في 2003. الشعبوية فيه لم تنتج ما يقابلها في بعض أنحاء أوروبا، بل إفلات التطييف والتمذهب من قمقمهما، حتى أصبحت "مهزلة العقل البشري"، التي حذر منها الكاتب العراقي الراحل علي الوردي، تتسيد بعض مشاهد بدائية التضامن العاطفي ـ الطائفي، لا الوطني القومي. إذ إن أغلب ما جرت مراكمته هو كسر مكانة المواطنة لمصلحة كهنوت ونخبة ما بعد بول بريمر (حاكم بغداد بعد سقوطها في التاسع من إبريل/ نيسان 2003).

لا حاجة لسرد شيزوفرينيا مشرقية واسعة، بما فيها تلك التي عُومل من خلالها السوري أخيراً في العراق، وقبلاً في لبنان، كما الفلسطيني فيه والممنوع من 72 مهنة بحجة "منع التوطين"، حيث إن إنكار أدوار الطائفية والتخويف من الآخر لا يساهم إلا بتأجيل ومراكمة الكوارث، وليس في حلها. 2025 يعيد التذكير بمعنى انفلات ما أسس له استبداد سلالة الأسد في دمشق، ليس فقط على مدار 54 عاماً، بل حتى في تجربة 14 عاماً من استدعاء عصابات ومليشيات عابرة للقوميات والحدود، وبمباركة ورعاية إيرانية واستحضار الطائفة والمذهب والجماعة والمرجعية الدينية والعشيرة والقبيلة، بل وحتى "بشار وبس" أو "الأسد أو نحرق البلد"، في مقابل مجتمع خرج في انتفاضة ضد الاستبداد.

نعم مستشرقو زمننا الراهن فرحون بخبث حين يراقبون كيف تقوم شعبوية الإنسان المقهور بقهر أخيه في المواطنة. وأن يطلب عربي "حماية دولية" من أخيه في الوطن فتلك طامة تكشف كارثة التمويه التاريخي على ما جرى التأسيس له. الأفظع وسط هذا الجاري، أن يتحول مجرم حرب وإبادة جماعية كبنيامين نتنياهو، وكيانه الذي يفعل الأفاعيل في فلسطين، إلى حريص على أرواح وحياة عربي. ليس الحل في الاحتماء والسكوت على أمراض التاريخ الصهيوني في خلق كانتونات ومنعزلات، بل الوقفة الجادة أمام ما تراكم من دمامل التاريخ، أقله القريب بعدما بدأت تتفجر في أشكال لا يمكن لقمعها في العقل الباطني أن ينهيها.

قراءة المقال بالكامل