أسدلت الصين مساء أمس الثلاثاء الستار على الاجتماعات السنوية لمجلس النواب، أعلى هيئة تشريعية في البلاد، حيث وافق المشرعون على تقرير عمل الحكومة المركزية بشأن تنفيذ خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية لعام 2025، كما تم التصديق على تمرير قرار الدورة الثالثة للمجلس الوطني الرابع عشر بشأن تنفيذ الميزانيات المركزية والمحلية لنفس العام. كذلك تمت الموافقة على تقرير عمل اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب، بشأن المتطلبات الشاملة وتوجهات السياسات والمهام المرتبطة بعمل الحكومات المحلية.
وقد أُقيم حفل اختتام اجتماعات المجلس الوطني في قاعة الشعب الكبرى بالعاصمة بكين، بحضور الرئيس الصيني شي جين بينغ، وكبار القادة والمسؤولين في الحزب والدولة. ولم يتغيب إلا رئيس المجلس الوطني لنواب الشعب تشاو لي جي، بسبب أزمة صحية تزامنت مع انعقاد الاجتماع، وناب عنه، نائب رئيس المجلس لي هونغ تشونغ.
وخلال الجلسة الختامية التي حضرها 2884 نائباً، تم التصويت على سبعة قرارات من بينها تقرير عمل الحكومة الأساسي الذي تضمن بند ميزانية الدفاع الوطني، بالإضافة إلى تقرير عمل المحكمة الشعبية. ولم يستغرق التصويت على كل قرار أكثر من أربع دقائق بالمتوسط، مما جعل عملية التصويت على القرارات السبعة لا تستغرق بالمجمل أكثر من نصف ساعة.
وكانت الحكومة قد أعلنت في افتتاح اجتماعات البرلمان الأسبوع الماضي، تخصيص 1.784 تريليون يوان (حوالي 249.8 مليار دولار أميركي) للإنفاق الدفاعي هذا العام، بزيادة سنوية قدرها 7.2%، وهي نفس نسبة العام الماضي. كما ارتفع الإنفاق على الأمن العام، وهو مخصص للحفاظ على الاستقرار، بنسبة 7.3% سنوياً ليصل إلى 242.8 مليار يوان.
ويعتبر إعلان الصين عن الميزانية العسكرية لجيش التحرير الشعبي، واحداً من أهم مخرجات الاجتماع السنوي للبرلمان، إذ دائماً ما يثير هذا الإعلام حفيظة الولايات المتحدة والقوى الغربية، باعتباره مؤشراً على تقييم بكين للأمن القومي، على الرغم من أن الصين بعيدة عن حجم الإنفاق الأميركي البالغ 886 مليار دولار خلال العام الماضي.
وكان لافتاً في هذه الدورة، استمرار إلغاء المؤتمر الصحافي السنوي لرئيس الوزراء، وهو تقليد يعود تاريخه إلى تسعينيات القرن الماضي. ويرى مراقبون في غياب لي تشيانغ عن الأضواء بمثابة تأكيد على تبعية مجلس الدولة (رئاسة الوزراء) للحزب الشيوعي في عهد الرئيس شي جين بينغ.
أولوية السيادة والأمن
في تعليقه على مخرجات اجتماعات البرلمان، قال الباحث في معهد لياونينغ للدراسات السياسية وانغ يوان، في حديث لـ "العربي الجديد"، بأن الدورة الحالية كانت نقطة مفصلية لأن انعقادها تزامن مع اختتام الخطة الخمسية الرابعة عشرة، لتضع أساسا متينا لبداية جيدة للخطة الخمسية الخامسة عشرة، وتؤكد التزام الدولة بمسار التنمية ورفع الرفاهية الاجتماعية للشعب، مع الحفاظ على معدلات نمو ثابتة في ظل الاضطرابات الاقتصادية والسياسية التي تعصف بالعالم.
كما أشار إلى أن "إقرار ميزانية الدفاع بزيادة سنوية قدرها 7.2% هو دلالة على تصميم الصين على رفع حالة الاستعداد والتأهب العسكري لمواجهة التحديات الخارجية، والتأكيد أن سيادة البلاد وحماية أمنها ومصالحها التنموية، أولوية أساسية للحكومة المركزية بقيادة الرئيس شي جين بينغ".
سيرك سياسي
من جهته، قال الخبير في العلاقات الدولية المقيم في هونغ كونغ، جو يانغ، في حديث مع "العربي الجديد"، إن اجتماعات البرلمان الصيني "مجرد سيرك سياسي ومسرحية هزلية لتضليل الرأي العام وإظهار بأن هناك ديمقراطية ومناقشات داخلية ومحاضر اجتماع، في حين أن التصويت على القرارات التي تم إقرارها لم يستغرق بضعة دقائق". كما أنه لم تكن هناك أي معارضة تذكر لأي قرار. وهو أمر يشير، حسب قوله، إلى سطوة الرئيس شي والحزب الشيوعي على مفاصل الدولة ومؤسساتها السيادية.
ولفت جو يانغ، أنه منذ تولي الرئيس شي مقاليد الحكم في عام 2013، عادت الصين من جديد إلى سلطة الزعيم الأوحد، مثلما كان سائداً في عهد الزعيم الراحل ماو تسي تونغ، وأضاف بأن مجيء شي وضع حداً للقيادة الجماعية، وقد شكل ذلك وأداً لأصوات المعارضة التي غابت تماماً، سواء بالإقصاء السياسي، أو ضمن حملة مكافحة الفساد التي أطلقها شي قبل أكثر من عقد من الزمن وأطاحت بالعديد من القيادات البارزة في الحزب والدولة.
