بدت الحركة التجارية متواضعة في الأردن خلال الأيام الماضية، بينما كان التجار يأملون أن تشهد الأسواق خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان تزايداً في نشاطهم مع الإقبال على شراء مستلزمات عيد الفطر من ملابس وحلوى ومفروشات، غير أن الوضع تبدل مع استئناف الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة، إذ تغير مزاج المستهلكين ليعزف الكثيرين عن بضائع العيد، فضلاً عن ضعف القدرات الشرائية بالأساس.
وتبدو مظاهر التأثر النفسي بما يحدث من عدوان إسرائيلي بحق الفلسطينيين واضحة في الشارع الأردني من خلال تراجع الحركة التجارية، خاصة على محال الألبسة والمطاعم. وقال أحد العاملين في واحد من أشهر المطاعم الشعبية في وسط العاصمة عمان إن الإقبال على المطعم في فترة ما بعد الإفطار وحتى السحور تراجع كثيراً جداً بالتزامن مع العدوان على قطاع غزة، فيما كان الإقبال كبيراً قبل استئناف العدوان. وأشار إلى أن برودة الطقس زادت من ضعف الطلب على الأسواق هذه الأيام، وعادة ما تزدحم صالات المطعم بالمرتادين، لكن لوحظ فقط عدد قليل جداً من الأشخاص قبل يومين.
وكان القطاع التجاري الأردني تأثر كثيراً منذ بدء العدوان على قطاع غزة في أكتوبر/ تشرين الأول من العام 2023، الذي ألقى بانعكاسات سلبية على مختلف القطاعات وحتى المناسبات الاجتماعية التي كانت تقام في الحدود الضيقة على مستوى العائلة من دون حجز الصالات والفنادق وغيرها.
وسبق أن أكد رئيس نقابة تجار الألبسة والأقمشة في الأردن سلطان علان استعداد القطاع التجاري لتلبية احتياجات المواطنين لعيد الفطر المبارك. وقال إن حجم الألبسة والأحذية المستوردة لموسم شهر رمضان (عيد الفطر) وفصل الصيف يتجاوز 300 مليون دينار (420 مليون دولار) وجرى استيرادها من مناشئ مختلفة وخيارات متعددة.
لكنّ تاجراً في منطقة جبل الحسين في العاصمة عمان، التي تعد من أكثر مناطق التسوق في الأردن، قال لـ"العربي الجديد" إنّه لا يوجد طلب يذكر على شراء مستلزمات العيد بخلاف التوقعات، والمرجح أنّ السبب يعود إلى استئناف العدوان على قطاع غزة، إذ إن انخفاض الطلب بدا واضحاً مع تجدد القصف الإسرائيلي للمواطنين.
ولا ييدي التاجر الأردني تفاؤلاً بتحسن الإقبال خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان مع صرف الرواتب، ذلك أنّ الأوضاع المعيشية للمواطنين صعبة، وقد كان التركيز على تلبية الاحتياجات الأساسية الغذائية خلال هذا الشهر.
ويبدو أنّ تغير مزاج الكثيرين وجعل الاحتفال بعيد الفطر في أضيق نطاق قد يربكان حسابات الكثير من التجار وحتى جمعيات حقوق المستهلك. فقد دعت الجمعية الوطنية لحماية المستهلك أرباب الأسر إلى ضرورة شراء مستلزمات عيد الفطر، وتحديداً الملابس، مبكراً بهدف الحصول على أسعار مناسبة وعدم تأخير ذلك إلى ليلة العيد، لكي لا يتعرضوا للاستغلال، خاصة أن موعد العيد جاء متزامناً مع صرف الرواتب. وقال رئيس الجمعية محمد عبيدات إنّ تأخير شراء مستلزمات عيد الفطر يعرض الأسر إلى مزيد من الاستغلال ويسهم في رفع الأسعار من قبل فئة قليلة من التجار بهدف جني المزيد من الأرباح على حساب المواطنين الذين يعانون ظروفاً معيشية صعبة. وأضاف عبيدات أنّ على الأسر التأني وعدم التسرع في الشراء وطلب فاتورة الشراء من المحال والاحتفاظ بها لغايات استعمالها في حال تبين للأسرة أن البضاعة المشتراة غير سليمة أو غير المتفق عليه عند الشراء، لتقوم باستبدالها حتى تحفظ حقها من الغش.
ودعا عبيدات التجار إلى ضرورة مراعاة الظروف المعيشية الصعبة للمواطنين والاكتفاء بهوامش أرباح معتدلة ومقبولة، إضافة إلى ضرورة عدم التلاعب بجودة البضائع أو ممارسة الغش بشأن المنشأ. كما طالب الجهات الرقابية بتكثيف جولاتها الرقابية على كافة الأسواق قبيل عيد الفطر المبارك، لا سيما محال بيع الملابس والحلويات التي تعتبر من المتطلبات الأساسية لاستقبال عيد الفطر المبارك.
كما دعا رئيس حماية المستهلك ربات البيوت إلى ضرورة تصنيع حلويات العيد، لا سيما المعمول بأنواعه، منزلياً بهدف التحفيف من الأعباء المالية على أسرهن في ظل المتطلبات المعيشية المتزايدة التي ترهق دخل العائلة. بدورها، أكدت وزارة الصناعة والتجارة والتموين أنها ستراقب حركة التسوق مع الثلث الأخير من الشهر الفضيل والتحقق من صحة العروض والتنزيلات التي تعلن عنها بعض المحال التجارية بخاصة على الألبسة ومستلزمات العيد.
وبخلاف التأثيرات السلبية التي تشهدها أسواق الأردن بفعل استئناف العدوان الإسرائيلي على غزة، فإن الحرب تزيد من ارتفاع معدلات البطالة والفقر وسط تضرر الكثير من الأنشطة، لا سيما المرتبطة بالسياحة.
وبلغ معدل البطالة لعام 2024 نحو 21.4%، ووصل عند الذكور إلى 18.2%، مقابل 32.9% للإناث. ووفق التقرير السنوي الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة في وقت سابق من مارس/آذار الجاري، فإنّ معدل البطالة سجل انخفاضاً هامشياً مقداره 0.6% مقارنة بعام 2023، إذ بلغ آنذاك 22%.
ووفقاً للتقرير، بلغ معدل البطالة بين حملة الشهادات الجامعية 25.8%، في حين وصلت النسبة بين حملة الشهادة الثانوية فأعلى إلى 59.2%. وقد سُجل أعلى معدل للبطالة في محافظتي المفرق (شمال شرق المملكة) ومعان (جنوب) بنسبة بلغت 23.2%، في حين كان أدنى معدل للبطالة في محافظة العقبة (جنوب) بنسبة بلغت 17.3%.
