بعد نحو شهر واحد على دعوته أتباعه لتحديث سجلاتهم الانتخابية، والحث على "كثرة الأصوات الانتخابية"، عاد زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر ليعلن عدم المشاركة في الانتخابات "بوجود الفاسدين"، في إعلان جديد للزعيم الديني الذي عُرف بتعدد المواقف وسرعتها.
وأصدر الصدر، ليل أمس الخميس، بياناً مكتوباً ضمن ردّ على سؤال أحد أتباعه في ما يتعلق بالانتخابات، قائلاً: "ليكن في علم الجميع، ما دام الفساد موجوداً، فلن أشارك في أي عملية انتخابية عرجاء، لا هم لها إلا المصالح الطائفية والحزبية، بعيدة كل البعد عن معاناة الشعب وعما يدور في المنطقة من كوارث، كان سببها الرئيس هو زج العراق وشعبه في محارق لا ناقة له بها ولا جمل".
وأضاف: "إنني ما زلت أعول على طاعة القواعد الشعبية لمحبي الصدريين في التيار الوطني الشيعي (التيار الصدري)، لذا فإني كما أمرتهم بالتصويت، فاليوم أنهاهم أجمع من التصويت والترشيح، ففيه إعانة على الإثم"، متسائلاً "أي فائدة ترجى من مشاركة الفاسدين والبعثيين والعراق يعيش أنفاسه الأخيرة، بعد هيمنة الخارج وقوى الدولة العميقة على كل مفاصله؟".
وفي 20 فبراير/ شباط الماضي، طالب الصدر في بيان له، أتباعه بـ"تحديث سجلاتهم الانتخابية"، وذلك بالتزامن مع عقده اجتماعاً مع أعضاء البرلمان السابقين التابعين للتيار الصدري. واعتبر الصدر تحديث سجلات الانتخابات للقواعد الشعبية في التيار الصدري أنه "أمر لا بد منه"، مكرراً القول "التفوا على ذلك رجاء أكيداً".
كما خاطب الصدر منتصف الشهر الحالي، أتباعه، متحدثاً عن أن "الانتخاباتِ السياسية تحتاجُ إلى كثرة الأصوات... فإن كثرة الأصواتِ (...) فيها نتائج وآثار إيجابية تكاملية، بل وتبعد الآثار السلبية"، قائلاً: "انتخابك لمن ليس أهلاً للانتخاب سيوصلك للفقر والفساد، وانتخابك للصالح سينتج عليك الخير الوفير".
ومنذ أغسطس/ آب 2022، قرر مقتدى الصدر الانسحاب من العملية السياسية مع تياره، الذي يُمثل أكثر من ثلث الجمهور العربي الشيعي في العراق، وذلك بعد أزمة سياسية خانقة أدخلت الصدريين بمواجهات مسلحة مع فصائل مسلحة مرتبطة بقوى "الإطار التنسيقي"، التي كانت ترفض مشروع الصدر بتشكيل حكومة عابرة للطوائف، ضمن مفهوم الأغلبية الانتخابية. وسحب الصدر نواب كتلته في البرلمان (76 مقعداً من أصل 329) في يونيو/ حزيران 2022، وهو ما منح تحالف "الإطار التنسيقي"، الذي يضم قوى سياسية حليفة لإيران، فرصة تشكيل الكتلة البرلمانية الكبرى، ومن ثم تشكيل الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني.
ولقي الموقف الجديد للصدر، ردات فعل متباينة، بين من اعتبرها مناورة سياسية تهدف لضرب خصومه في التحالف الحاكم "الإطار التنسيقي"، الذي يتهمهم الصدر بالفساد، وآخرين أكدوا أنه بمثابة إعلان عن تأكيد موقف سابق قد يصدر مستقبلاً ما يلغيه. وقال العضو السابق في التيار غيث التميمي تعليقاً على بيان الصدر: "الآن تأكد لي أن السيد الصدر و(أعضاء) تياره سيشاركون بالانتخابات القادمة وبقوة"، في إشارة إلى أن إعلان الصدر بمثابة ضرب لخصومه الحاليين عبر اتهامهم بالفساد.
الان تأكد لي بان السيد الصدر وتياره سيشاركون بالانتخابات القادمة وبقوة! pic.twitter.com/3H0O3IuTVC
— غيث التميمي GHAITH ALTAMIMI (@Ghaith19919) March 27, 2025من جانبه، علّق النائب في البرلمان العراقي هوشيار عبد الله، في تدوينة له على "إكس" على بيان الصدر، بالقول "ليس العراق الذي يعيش أنفاسه الأخيرة، بل النظام الطائفي الفاشل الذي ينخره الفساد هو الذي يعيش أنفاسه الأخيرة".
ليس #العراق الذي يعيش أنفاسه الأخيرة، بل النظام الطائفي الفاشل الذي ينخره الفساد هو الذي يعيش أنفاسه الأخيرة.
— Hoshyar Abdullah. هوشیار عبدالله (@Hoshyarabdullah) March 27, 2025أما الباحث في الشأن السياسي العراقي فراس إلياس، فأكد في تدوينة له، أن "كل محاولات إنعاش العملية السياسية في العراق صعبة، وما زادها صعوبة موقف الصدر الأخير، فهو لا يريد أن يتحمل مسؤولية إنعاش عملية تفتقد لأي أمل بالنجاح في ظل الوضع السياسي الحالي".
كل محاولات إنعاش العملية السياسية في العراق صعبة، وما زادها صعوبة هي موقف السيد الصدر الأخير، فهو لا يريد ان يتحمل مسؤولية إنعاش عملية تفتقد لأي أمل بالنجاح في ظل الوضع السياسي الحالي.
— فراس إلياس (@FirasEliasM) March 27, 2025وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، أول أمس الأربعاء، أن أكثر من 29 مليون عراقي يحق لهم التصويت في الانتخابات البرلمانية المقبلة، المتوقع إجراؤها في نهاية العام الحالي. وبحسب قانون الانتخابات، يجب إجراء الانتخابات التشريعية قبل 45 يوماً من انتهاء الدورة البرلمانية، ولهذا من المتوقع أن تجري انتخابات مجلس النواب المقبلة في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2025، لكن لغاية الساعة لم يُحدَّد لها أي موعد من الحكومة العراقية ولا مفوضية الانتخابات المستقلة.
