العراق يطلق حملة جديدة تستهدف زراعة مليون شجرة في بغداد

منذ ١٠ ساعات ١٢

أطلقت أمانة العاصمة العراقية بغداد حملة جديدة تستهدف زراعة مليون شجرة، في مسعى لمعالجة أزمة التصحّر وزحف البناء ومحاصرة المناطق الخضراء بالعاصمة، خصوصاً مع موجة الجفاف والاتساع العمراني والزيادة السكانية المتواصلة، سواء بسبب ارتفاع معدلات الولادات أو الهجرة من المحافظات إلى بغداد.

ووفقاً للمتحدث باسم أمانة العاصمة محمد الربيعي، فإن "حملة (بغداد تزرع) الربيعية، انطلقت بهدف زراعة مليون شجرة وشجيرة وزيادة المساحات الخضراء في العاصمة، وستشمل جميع مناطق بغداد، حيث تمت زراعة عدد من الأشجار والشجيرات التي تم تحضير بذورها مسبقاً لهذا الموسم".

وأضاف في تصريحات للصحافيين مساء أمس الأربعاء، أن "الحملة ستستمر حتى منتصف مايو/أيار المقبل لتحقيق أكبر تغطية ممكنة من المساحات الخضراء"، مستكملاً حديثه بأن "الحملة بدأت في منطقة الغدير (شرقي بغداد)، على مساحة تبلغ دونمين و500 متر، وستتوسع لتشمل جميع البلديات، وأن العاصمة لا تضم حاليا أراضي جاهزة للزراعة باستثناء غابات بغداد، التي تم تقديمها للاستثمار من قبل إحدى الشركات، حيث يجري العمل على تطوير خمسة آلاف دونم من منطقة معسكر الرشيد سابقاً، ضمن خطة استراتيجية لزراعة بيئة خضراء مستدامة".

بغداد تزرع مليون شجرة 

وتنتشر ثقافة التشجير بين العراقيين بتأثير الحملات والمبادرات التي يدعمها ناشطون بيئيون وزراعيون ومنظمات المجتمع المدني، كما تواكب الحكومة بفعّالية هذه النشاطات من خلال توجيهات وبرامج تهدف إلى تعزيز مواجهة البلاد التحديات البيئية والمناخية الكثيرة. وسبق أن أطلقت الحكومة العديد من المبادرات، أهمها في مارس/ آذار 2023 لزرع خمسة ملايين شجرة.

وقال وزير الزراعة عباس المالكي في يوليو/ تموز الماضي، إنه جرى زرع 3 ملايين شجرة حتى الآن ضمن هذه المبادرة. بدورها، نفّذت منظمات مدنية وبيئية حملات عدة لتثقيف المواطنين في مجال حماية البيئة ودور الأشجار في تحقيق هذا الهدف.

ويعدّ التصحر أحد أبرز أسباب ارتفاع درجات الحرارة وهبوب العواصف الترابية التي تواصل ضرب العراق منذ نحو عقدين من الزمن. وتشير بيانات حكومية إلى أن مساحة الأراضي المهددة بالتصحّر تبلغ 23 مليوناً و432 ألفاً و829 هكتاراً، ما يشكل نسبة 53.49% من إجمالي مساحة العراق التي تحتاج إلى زراعة 11 ملياراً و700 مليون شجرة لمعالجة المشكلة.

وتبلغ المساحة الكلية للأراضي المصنّفة حالياً في حالة تصحّر ستة ملايين و694 ألفاً و641 هكتاراً، أي نسبة 15% من المساحة الكلية للعراق. وتحتاج بحسب الدراسات وتقديرات مسؤولي وزارة البيئة، إلى زرع 300 مليون شجرة على الأقل في المرحلة الأولى، علماً أن تحدي توفير المياه يشكل عائقاً كبيراً في تنفيذ مشاريع إعادة إحياء هذه الأراضي. وتؤكد السلطات أنّها تهتم بتوفير غطاء نباتي، وأطلقت الحكومة العراقية في 17 مارس/ آذار 2022 مبادرة لزرع مليون شجرة مثمرة من التمور والحمضيات والفواكه المتنوّعة في بغداد وباقي المدن.

في السياق، قالت عضو منظمة "زراعة مستدامة" في بغداد إكرام خالد إن "المبادرات والحملات بدأتها المنظمات المعنية بالبيئة في العراق عام 2017، بعدما استشعرت المخاطر البيئة التي قد تعصف بالبلاد بسبب شح المياه والمشاكل مع إيران وتركيا، وبدء مواسم العواصف غير المسبوقة"، موضحة لـ"العربي الجديد"، أن "الوعي لدى الناشطين انتقل تدريجياً إلى الحكومة والمسؤولين، وعبر سلسلة من اللقاءات والورش، اعترفت الحكومة بالمشكلات البيئية التي ستلحق بالعراق، وقد تشجعت لدعم حملات ومبادرات التشجير. ورغم أن أعداد الأشجار والشجيرات التي تنوي الحكومة زراعتها في البلاد قليلة ولا تتناسب وحجم الأزمة، إلا أنها بداية جيدة".

وأضافت المتحدثة أن "أكثر المحافظات تأثراً بالأزمات البيئة والمناخية هي محافظات ديالى وبغداد والأنبار، ثم مناطق الفرات الأوسط والجنوب، وقد بادرت محافظة البصرة بزراعة مئات الآلاف من الأشجار، وحملات أخرى جرت في الموصل"، مؤكدة أن "حملات التشجير لا بد أن ترافقها إدامة واستدامة، وهذا ما نخشى أن تهمله الحكومة في التعامل مع المزروعات، لأن اهمالها يؤدي إلى نتائج عكسية تضر البيئة، وتؤدي أيضاً إلى خسارة كميات كبيرة من المياه".

وتسعى السلطات العراقية لتأمين المياه الجوفية والسطحية لزراعة ملايين الأشجار ضمن خطة مواجهة العواصف الترابية الموسمية التي تُكبّد البلاد سنوياً خسائر بشرية ومادية كبيرة. وأعلن وزير الموارد المائية العراقي عون ذياب في وقت سابق أن "الحملة الحكومية للتشجير تُساهم بها عدة وزارات، أبرزها وزارة الزراعة والبلديات، لزراعة ملايين أشجار النخيل والزيتون والرمان، التي تتحمل الظروف المناخية في الموسم الصيفي بالاعتماد على المياه الجوفية واستخدام الري بالتنقيط".

من جهته، قال الناشط البيئي في العراق محمد عبد الله العباسي إن "العراق بحاجة إلى زراعة 15 مليون شجرة، وتكثيف الزراعة في المناطق المتأثرة بالتغير المناخي، وتحديداً ديالى وصلاح الدين وبعض مناطق الجنوب، وهناك حاجة لزراعة الأشجار في المنازل، من خلال حملات طوعية أو عبر إجبار المواطنين من خلال التنسيق مع الأجهزة الأمنية. لأن النقص كبير في المساحات الخضراء، حيث كانت منازل العراقيين قبل عام 2003 بمساحة 300 متر على أقل تقدير، وكانت المساحة المزروعة داخل المنزل لا تقل عن 100 متر، لكن بسبب التضخم السكاني في المنزل الواحد تحول إلى اثنين وأحياناً أكثر".

وأكمل العبادي حديثه مع "العربي الجديد"، أن "من واجب الحكومة أن تركز على  الجزرات الوسطية في الشوارع، والاعتناء أكثر بمناطق الحزام الأخضر وطرد المتجاوزين عليها، لأن الأزمة البيئية في العراق لم تعد طفيفة، إنما كارثية وتتسبب بخسارة مادية وحيوانية هائلة".

ويعاني العراق من التصحّر نتيجة عمليات جرف الغطاء الأخضر، وسوء إدارة أزمة المياه التي تسبّبت في موجة جفاف حادة، بالإضافة إلى الاعتداء على الغطاء النباتي، وتعمّد تدمير البيئة الذي نتج أيضاً عن الحملات العسكرية التي استدعت جرف آلاف الهكتارات من البساتين والأراضي الزراعية في مناطق عدّة بالبلاد، الأمر الذي حوّلها إلى أراضٍ قاحلة.

وفي وقت سابق، حذّر البنك الدولي من انخفاض بنسبة 20% في الموارد المائية للعراق بحلول عام 2050 بسبب التغيّر المناخي، علماً أنّ نهرَي دجلة والفرات يشهدان شحّاً في المياه بالتزامن مع ارتفاع نسبة جفاف الأنهار الأخرى.

قراءة المقال بالكامل