العرب في قلب الحروب التجارية... كيف؟

منذ ٦ ساعات ١٥

هناك من يتصور أن العرب خارج دائرة التأثيرات الخطيرة والمتلاحقة للحرب التجارية المشتعلة حالياً بين الولايات المتحدة وباقي القوة الاقتصادية حول العالم، وفي مقدمتها الصين وكندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي والهند واليابان وغيرها.

لكن الواقع يقول إن العرب يقعون في قلب تلك الحرب المشتعلة، والتي تهدد الاقتصاد العالمي بالركود والتجارة الدولية بالانكماش، وإن العرب من المتضررين من تلك الحرب التي تعد الأعنف في التاريخ الحديث، مثلهم مثل الدول المستهدفة من تلك الحرب. وإن شظايا وخسائر تلك الحرب ستتطاير لكل الدول العربية، سواء كانت ثرية مثل النفطية، أو الدول التي تمر بأزمات مالية وأوضاع اقتصادية معقدة ويعيش مواطنوها أحوالاً معيشية صعبة. وإن الأسواق العربية باتت على موعد جديد مع موجة غلاء وقفزات في أسعار السلع الرئيسية مثل الغذاء والوقود والحديد والألمنيوم والسلع الوسيطة ومدخلات الإنتاج.

والمتأمل للمشهد العالمي يجد أن الحرب التجارية باتت أكثر تعقيداً، وأنها لم تعد مقتصرة فقط على حرب عملات هنا وهناك، أو حرب تقنية وخلافات داخل أوبك، أو حتى مجرد تلقي الدول ذات الاقتصادات القوية الضربات واللكمات العنيفة من قبل إدارة دونالد ترامب في صورة رسوم جمركية مبالغ فيها، بل باتت تلك الدول ترد بقوة وبرسوم انتقامية شديدة وموجعة للاقتصاد الأميركي، كما حدث من كندا والصين والاتحاد الأوروبي.

الحرب التجارية لها تأثيرات خطيرة على أسواق العالم، حيث ستؤدي إلى حدوث زيادة ملحوظة في أسعار السلع الغذائية والمواد الخام والسلع الوسيطة والعدد

بعدها يبالغ ترامب في الرد عبر مضاعفة الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات الأميركية من تلك الدول وتهديدات متلاحقة بخطوات أعنف. ويأتي الرد على صلف ترامب عبر إطلاق حملات عالمية لمقاطعة المنتجات الأميركية كما جرى في كندا، ومحاولة معاقبة الاقتصاد الأميركي كما فعلت الصين، والتصدي بعنف للرسوم الأميركية كما فعلت أوروبا اليوم الاربعاء.

وهكذا تعقدت الحرب التجارية واتسعت رقعتها وتأثيراتها الخطيرة، وامتدت لمعظم الدول والأسواق، فلم توقف عند أسواق السلع، بل امتدت لأسواق السيارات والنفط والأدوية والصلب والرقائق الإلكترونية وغيرها.

هذه الحرب التجارية لها تأثيرات خطيرة على أسواق العالم، حيث ستؤدي إلى حدوث زيادة ملحوظة في أسعار السلع الغذائية، وبما أن العرب مستوردون لكل شيء، حيث تتجاوز واردتهم من الأغذية مائة مليار دولار سنوياً، فإنهم سيتأثرون بشدة في صورة حدوث زيادات في فاتورة الواردات وتكاليف المعيشة والتضخم والعجز في الميزان التجاري والدين العام.

وبما أن الاقتصادات العربية تعتمد بشكل رئيسي على استيراد المعدات والآلات الثقيلة، المخصصة لقطاعات حيوية مثل الصناعة والزراعة والإنتاج، فإن تلك السلع مرشحة للزيادة في ظل فرض الدول رسوماً جمركية عليها.

وفي ظل اشتعال الحروب التجارية فإن هناك توقعات قوية بتراجع أسعار الطاقة خاصة النفط، والمتضرر هنا هو الدول العربية النفطية مثل الخليج والجزائر والعراق في صورة تراجع الإيرادات الدولارية، وربما فقدان أسواق خاصة مع دخول العالم في حرب نفطية كما جرى في العام 2020.

في ظل اشتعال الحروب التجارية فإن هناك توقعات قوية بتراجع أسعار الطاقة، والمتضرر هنا هو الدول العربية النفطية مثل الخليج والجزائر والعراق في صورة تراجع الإيرادات الدولارية

أما بالنسبة للدول العربية الأخرى المستوردة للطاقة مثل البنزين والسولار والغاز، فإنه حتى لو تراجعت أسعار الطاقة فإن المواطن لن يستفيد، دليل ذلك ما حدث خلال أزمة كورونا حيث تهاوى سعر برميل لأقل من 20 دولاراً، ورغم ذلك واصلت العديد من الحكومات العربية زيادة سعر الوقود بكل أنواعه.

أيضاً من تأثيرات الحرب التجارية المتوقعة زيادة معدل التضخم، الذي يقود تلقائياً إلى رفع سعر الفائدة، وبما أن العديد من الدول العربية تلجأ لأسواق الدين العالمية والمؤسسات المالية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين للاستدانة وسد الفجوات التمويلية، فإن كلفة الاقتراض سترتفع مرة أخرى كما حدث في السنوات الماضية، والتي صاحبها تشدد نقدي من قبل البنوك المركزية الكبرى.

قراءة المقال بالكامل