جاءت حزمة المساعدات الأوروبية إلى الأردن، أمس الأربعاء، بحجم ثلاثة مليارات يورو في وقت مهم للغاية بعد حوالي 10 أيام من تعليق الرئيس الأميركي دونالد ترامب مساعدات بلاده الخارجية بما فيها الموجهة إلى المملكة، وتسببت في حالة من الإرباك والقلق من أثر ذلك على الاقتصاد الأردني والمشاريع التنموية.
وبحسب مصادر "العربي الجديد"، فإنّ المساعدات الأوروبية، وإن كان الحديث والاتفاق عليها قد تمّ سابقاً، "تُعدّ بمثابة متنفسٍ للأردن لمواجهة أي تداعيات محتملة لتعليق، وربما توقف، المساعدات الأميركية خلال الفترة المقبلة، مما يعزز موقف الأردن الرافض تهجير أبناء قطاع غزة، كما طلب ترامب". وشهد العاهل الأردني عبد الله الثاني، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، في بروكسل، أمس الأربعاء، توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الأردن والاتحاد الأوروبي.
وقال بيان رسمي أردني إنه "لدعم تحقيق أهداف الاتفاقية، أعلن الاتحاد الأوروبي عن تقديم حزمة من المساعدات المالية للأردن بقيمة ثلاثة مليارات يورو للأعوام 2025-2027، تتضمن منحاً بقيمة 640 مليون يورو، واستثمارات بحجم 1.4 مليار يورو، ومخصصات لدعم الاقتصاد الكلي تُقدر بنحو مليار يورو". ووفقاً للبيان، فإنّ الاتفاقية "جاءت تأكيداً على أهمية الشراكة بين الأردن والاتحاد الأوروبي، وتقديراً لدور الأردن في السعي لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة".
جلالة الملك عبدالله الثاني يلتقي في بروكسل رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، بحضور سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد#الأردن #الاتحاد_الأوروبي pic.twitter.com/gGo0vO8s0n
— RHC (@RHCJO) January 29, 2025هل تحل المساعدات الأوروبية مشاكل الأردن؟
وتنص الاتفاقية على تعزيز التعاون بين الجانبين في المجالات السياسية، والأمن والدفاع، والمنعة الاقتصادية، والتجارة والاستثمار، والموارد البشرية، ودعم اللاجئين والدول المستضيفة. كما تتضمن الاتفاقية بنوداً حول تعزيز جهود التصدي لتهريب المخدرات والأسلحة، وتحفيز استثمارات القطاع الخاص، ودعم قطاعات عديدة كالمياه والطاقة والتكنولوجيا وريادة الأعمال.
وتؤكد الاتفاقية تمسك الطرفين بالحفاظ على الوضع التاريخي القائم في الأماكن المقدسة في القدس، وعلى أهمية الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة. وكان الأردن والاتحاد الأوروبي قد أعلنا في أغسطس/ تموز 2024 رغبتهما في العمل نحو الارتقاء بمستوى العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، تجسيداً للعلاقات الاستراتيجية، والبناء على اتفاقية الشراكة بين الطرفين التي وُقِّعت عام 1997 ودخلت حيّز التنفيذ عام 2002 ولا تزال فاعلة.
وتعقيباً على توقيع الاتفاقية، قالت فون دير لاين إن الأردن شريك أساسي للاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط ومنطقة المتوسط، وله دور محوري في استقرار الإقليم. وأضافت أنّ هذه الاتفاقية تعمّق علاقات الصداقة المتينة بين الجانبين، وتهدف إلى تعزيز القدرة على مواجهة التحديات المشتركة.
وقال الخبير الاقتصادي هاشم عقل لـ"العربي الجديد"، إنّ اتفاقية المساعدات الأوروبية إلى الأردن "جاءت في توقيت مهم للغاية، من ناحية مواجهة الضغوط النفسية التي أحاطت بالمشهد الاقتصادي العام في البلاد، في أعقاب تعليق المساعدات الأميركية، وما تبعها من طلب الرئيس ترامب تهجير الغزيين إلى الأردن، وهو ما عُدَّ ضغطاً للاستجابة لطلبه".
وأضاف أنّ "الأردن يفترض أن يكون لديه العديد من الخيارات لمواجهة أي تداعيات محتملة في المستقبل، وخاصة احتمال استمرار تعليق المساعدات الأميركية لفترة طويلة، والعمل على الاعتماد على الذات، بحيث يجري إعداد موازنات مستقبلية دون عجز أو الاتكاء على المساعدات الخارجية". وبيّن أن المساعدات الأوروبية "مهمة، لكنها لن تحلّ مشاكلنا الاقتصادية، والحل الأمثل يكمن في تعزيز الجهود الإصلاحية للاقتصاد، وتسريع الأداء في رؤية التحديث الاقتصادي، وتخفيض عجز الموازنة، والسيطرة على الدين العام، وترشيد الإنفاق، وزيادة الجاذبية الاستثمارية للمملكة".
وكان الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، قد قال إنّ بلاده وقّعت في وقت سابق مع الأردن مذكرة تفاهم جديدة، تتعهد بموجبها بتقديم مساعدات سنوية للأردن بقيمة 1.45 مليار دولار أميركي حتى عام 2029. وجاءت هذه المذكرة بعد انتهاء مذكرة التفاهم السابقة بين البلدين، وتُعدّ تجديداً لها ولكن لمدة أطول، حيث امتدت مذكرة التفاهم السابقة للأعوام 2018-2022، وبلغ إجمالي المساعدات فيها نحو 1.275 مليار دولار سنوياً.
