قدمت النيابة العامة الإسرائيلية إلى المحكمة المركزية في حيفا، اليوم الأربعاء، لائحة اتهام بحق الصحافي سعيد حسنين، ابن مدينة شفا عمرو في الجليل، المعتقل منذ فجر 26 فبراير/شباط الماضي، تضمنت "الاتصال مع عميل أجنبي" و"إظهار التضامن مع منظمة إرهابية" و"إتلاف أدلة"، على خلفية مقابلة تلفزيونية في قناة الأقصى التابعة لحركة حماس.
وفقاً للائحة الاتهام، فإن سعيد حسنين (62 عاماً)، أجرى قبل نحو أسبوعين مقابلة في قناة الأقصى التلفزيونية التابعة لحركة حماس التي صنفتها السلطات الإسرائيلية منظمة إرهابية، "وبالتالي فإن الاتصال مع عناصر في القناة يعتبر اتصالاً مع عميل أجنبي". كما أضافت لائحة الاتهام أن حسنين "ألقى كلمات مديح وتعاطف ودعم وتضامن مع حركة حماس، مبرراً ومشيداً بأعمالها، مردداً الرواية التي تنشرها حركة حماس ونقل رسائل للعرب في إسرائيل"، مشيرة إلى ما قاله عن "المعاملة الإنسانية" التي تلقاها الرهائن الإسرائيليون من حركة حماس في غزة "على عكس ما تفعله حكومة الاحتلال وشرطة الاحتلال مع السجناء الفلسطينيين". كما تطرقت لائحة الاتهام إلى الانتقادات اللاذعة التي وجهها الصحافي لانضمام بعض فلسطينيي الداخل إلى صفوف الجيش الإسرائيلي خلال المقابلة نفسها.
لائحة الاتهام ذكرت أيضاً مقابلة أجراها حسنين مع قناة قدسنا الفلسطينية، "ألقى خلالها كلمات مديح وتعاطف ودعم وتضامن مع حزب الله ومع حسن نصر الله بشكل خاص". اغتالت القوات الجوية الإسرائيلية الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، في 27 سبتمبر/أيلول الماضي.
بالإضافة إلى تهمتي "الاتصال مع عميل أجنبي" و"إظهار التضامن مع منظمة إرهابية"، اتُهم حسنين بـ"إتلاف أدلة"، بعدما "دمر الهاتف الذي استخدمه للتواصل مع عناصر في قناة الأقصى خلال المقابلة"، وفقاً للائحة.
وطالبت النيابة العامة الإسرائيلية بعدم الإفراج عن سعيد حسنين حتى نهاية الإجراءات، مدعية أن "الخطورة المزعومة ليست مجردة، بل خطورة ملموسة وشخصية. إمكانية الإضرار بأمن الدولة من خلال أفعال المتهم، وخاصة في الكلمات التي ألقاها على قناة معرّفة كمنظمة إرهابية، والتي كل غرضها هو العمل ضد دولة إسرائيل وضد وجودها، هي حقيقية وعالية وخطيرة. ليس فقط أن المتهم أبدى تضامناً ومدح منظمة حماس الإرهابية وأعمالها في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول ومنذ ذلك الحين، وردد الرواية الكاذبة التي تنشرها المنظمة الإرهابية في ما يتعلق بمعاملتها للمختطفين الإسرائيليين، وظروف أسرهم وغيرهم، بل زاد على ذلك ووجه نداءات لعرب إسرائيل بعدم الخدمة في جيش الدفاع الإسرائيلي ونشر رسائل كاذبة قد تضر بالنسيج الاجتماعي الهش للمجتمع في إسرائيل - رسائل تُعرف وتخدم بوضوح وبشكل كامل المنظمات الإرهابية التي تحارب إسرائيل. فعل المتهم كل ذلك كونه صحافياً مواطناً في الدولة، كونه شخصية معروفة ومؤثرة في المجتمع العربي في إسرائيل وإمكانية الضرر والخطر على أمن الدولة بسبب ذلك أعلى أيضاً. حقيقة أن المتهم فعل ذلك في مناسبتين مختلفتين على قنوات مختلفة تدل أيضاً على شدة الخطورة العالية المتوقعة منه".
عقب المقابلة مع قناة الأقصى، تعرض حسنين لحملة تحريض في وسائل الإعلام الإسرائيلية، وموجة واسعة من الانتقادات في الأوساط السياسية والرياضية الإسرائيلية، حيث طالب وزير الثقافة والرياضة ميكي زوهار بإقالته الفورية من عمله مذيعاً داخلياً في نادي اتحاد أبناء سخنين، معتبراً أن "ما قاله يعد إهانة لكرة القدم الإسرائيلية". وفي بيان رسمي، أوضحت إدارة نادي اتحاد أبناء سخنين أنها استدعت حسنين لجلسة استماع بعد انتشار تصريحاته في وسائل الإعلام، حيث أكد أن كلماته نُقلت خارج سياقها. ومع ذلك، قررت "إنهاء مهامه بصفة مذيع داخلي للنادي نهائياً".
من جهة ثانية، دان المركز العربي للحريات الإعلامية والتنمية والبحوث "إعلام" (مقره الناصرة)، اعتقال سعيد حسنين، واعتبره "تصعيداً خطيراً في استهداف الصحافيين عامةً، والعرب خاصةً، والتضييق على حرية الصحافة في البلاد". وأفاد بأنه وثّق منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 "96 حالة انتهاك بحق الصحافيين العرب، شملت الاعتقالات، والتحقيقات الأمنية، ومصادرة المعدات، ومنع التغطية الميدانية، وسحب البطاقات الصحافية"، وشدد على أن "هذه الانتهاكات، التي تستهدف الإعلاميين بشكل مباشر، تشكل جزءاً من سياسة تضييق منظمة، تهدف إلى فرض قيود صارمة على التغطية الصحافية، وتقويض دور الإعلام الحر في نقل المعلومات وتحليل الأحداث"، وأشار إلى أنه "في المقابل، تتعامل الجهات الأمنية بتهاون واضح مع تصاعد العنف والجريمة في المجتمع العربي، حيث ارتفع عدد القتلى إلى 44 منذ بداية العام، بدون أن يُترجم ذلك إلى أي تحرك جاد في مواجهة الجريمة المنظمة. وفي حين أن الشرطة تتذرع بعدم قدرتها على مواجهة عصابات الإجرام، فإنها تنشط بشكل مكثف عندما يتعلق الأمر بملاحقة الصحافيين والفنانين، في مؤشر مقلق إلى أولوية فرض الرقابة على الإعلام بدلاً من فرض القانون على المجرمين"، وأكد أنّ "اعتقال سعيد حسنين ليس مجرد استهداف فردي، بل هو جزء من نهج متصاعد لتقييد العمل الصحافي المستقل، ومنع التغطية والتحليل الذي لا يتماشى مع التوجهات الرسمية. الصحافة ليست جريمة، وما حدث يعكس استمراراً في محاولة إعادة تشكيل دور الإعلام بحيث يكون خاضعاً للرقابة الأمنية، في انتهاك صريح للمبادئ الديمقراطية وحرية التعبير".
