انتقدت منظمات حقوقية تزايد الانتهاكات داخل السجون ومقار الاحتجاز المصرية، بعد الإعلان عن انتحار السجين السياسي علاء جمال، داخل مركز بدر 3 الأربعاء، وذلك على خلفية منعه من الزيارات العائلية لفترة طويلة. "حملة لا تسقط بالتقادم" التابعة للمفوضية المصرية للحقوق والحريات، دانت الانتهاكات المستمرة والممنهجة داخل مركز إصلاح وتأهيل بدر (3)، من منع للزيارات لفترات مطولة، والتعنت مع الأهالي أثناء تفتيش متعلقات الزيارة، والتوسع في استخدام الحبس الانفرادي وسيلة للتنكيل بالسجناء وعقابهم بصورة مضاعفة.
وطالبت الحملة النائب العام بفتح تحقيقات جادة بشأن الانتهاكات المتصاعدة داخل مركز إصلاح وتأهيل بدر 3، ومحاسبة المسؤولين عن هذه التجاوزات بما يضمن وقفها وعدم تكرارها.
وأضافت الحملة" "ويعاني السجناء داخل مركز إصلاح وتأهيل بدر 3 منذ بدء نقلهم في يونيو/حزيران 2022 من العديد من الانتهاكات شبه المستمرة بداية من كاميرات المراقبة المثبتة في كل زاوية من زوايا السجن، بما في ذلك داخل الزنازين، وبالتبعية تفرض إدارة السجن مراقبة دائمة تقلّص التفاعل البشري إلى حدّ شبه كامل". وتابعت: "يُضاف إلى ذلك تحكُّم الإدارة في الإضاءة، حيث تُبقيها قيد التشغيل على مدار الساعة دون انقطاع. كما يعاني بعض السجناء بوجه خاص داخل بدر (3) من عزلة شبه تامة، بسبب المنع من الزيارات لسنوات طويلة قد تصل للعشر سنوات، بالإضافة إلى استخدام تقنية المحاكمات عن بعد (الفيديو كونفرانس) والتي عمقت من عزلة السجناء عن العالم الخارجي، خصوصًا أولئك الذين حرموا من الزيارات. إذ كانت جلسات تجديد الحبس تمثّل لهم المتنفّس الوحيد لرؤية العالم خارج السجن، وفرصة التواصل المباشر مع محاميهم، الذين ينقلون بدورهم تطورات أوضاعهم إلى ذويهم لطمأنتهم".
وتابعت الحملة في بيان: "دائمًا ما يجد السجناء هامشًا للمقاومة رغم عنف إدارات السجون. ففي مركز بدر 3، ومنذ بدء نقل السجناء إليه، خاض السجناء أكثر من ثلاث إضرابات عن الطعام احتجاجًا على الانتهاكات المستمرة وظروف الاحتجاز غير الإنسانية".
وأكد البيان، أنه مع إقدام السجين جمال، على الانتحار نتيجة الانتهاكات الممنهجة والظروف المعيشية المتدهورة التي يعاني منها السجناء داخل مركز بدر (3)، فإن هذه ليست المرة الأولى التي يلجأ فيها السجناء إلى الانتحار كخيار أخير في مواجهة سوء المعاملة. وجاء في بيان الحملة "ففي فبراير/شباط 2023، شهد مركز بدر 3 محاولات انتحار جماعية شارك فيها ما يصل إلى 60 سجينًا. كما أن هذه الحالة ليست الأولى من نوعها داخل مركز بدر 3 خلال شهر إبريل/نيسان؛ إذ توفي السجين محمد حسن هلال، في 8 إبريل/نيسان، وسط شبهات بتعرضه للتعذيب. ومنذ بدء نقل السجناء إلى مركز بدر 3 في يونيو/حزيران 2022 وحتى اليوم، تم تسجيل ما يقرب من 12 حالة وفاة داخله.
وطالبت حملة "لا تسقط بالتقادم- خريطة التعذيب" النائب العام بفتح تحقيقات جادة بشأن الانتهاكات المتصاعدة داخل مركز إصلاح وتأهيل بدر 3، ومحاسبة المسؤولين عن هذه التجاوزات بما يضمن وقفها وعدم تكرارها.
كما طالبت الحملة بـ"تفعيل المادة 60 من اللائحة الداخلية للسجون رقم 79 لسنة 1961 التي تنص على حق المحبوسين احتياطيًا في أربع زيارات شهريًا، والمحكوم عليهم زيارتين شهريًا وفقا لنص لائحة السجون. والتوقف عن استخدام الحبس الانفرادي كوسيلة للتنكيل بالسجناء، بما يخالف اللائحة الداخلية للسجون. وتعديل اللائحة الداخلية للسجون بما يضمن وضع نقاط تفصيلية بخصوص المتعلقات الممنوع دخولها، بما يمنع إدارات السجون من استخدام سلطاتهم التقديرية ومعاقبة السجناء وذويهم بصورة مضاعفة. وقيام النيابة العامة بزيارات ميدانية دورية على مراكز الإصلاح والتأهيل".
من جانبها، قالت منظمات تحالف المادة 55، إن السجون ومقار الاحتجاز في مصر، شهدت منذ بداية 2025 وحتى الآن، تصاعدًا مقلقًا في وتيرة الانتهاكات الجسيمة بداخلها، خاصة في سجون بدر، برج العرب والوادي الجديد، وأن هذه الانتهاكات تشمل استخدام التعذيب الممنهج، والإهمال الطبي المتعمد، والتعامل اللاإنساني بشكل يهدد حياة آلاف المحتجزين.
وأضافت المنظمات، أن "السجون الثلاثة المشار إليها أصبحت رموزًا للقمع والاستبداد، حيث تحولت إلى أماكن تعذيب وعقاب جماعي؛ بدلاً من أن تكون أماكن لإعادة التأهيل أو العدالة، وهذا ما أكد عليه رصد منظمات التحالف من أن هذه الانتهاكات ليست مجرد حوادث فردية؛ بل هي جزء من نظام ممنهج يهدف إلى إذلال وإرهاب المحتجزين وأسرهم".
وعن سجن بدر 3، قال التحالف إنه "تم تسجيل حالات إهمال طبي خطيرة أدت إلى وفاة المعتقل محمد هلال، بعد نقله إلى مستشفى القصر العيني بإصابات قاتلة يُرجح تعرضه للتعذيب المميت. وهذه الحادثة أثارت غضبًا واسعًا بين المعتقلين، الذين أعلنوا إضرابًا جماعيًا عن الطعام احتجاجًا على ظروف الاحتجاز غير الإنسانية. كما حاول المعتقل محمود عبد الله، الانتحار حرقًا بسبب استمرار الإهمال الطبي لحالته الصحية الحرجة، حيث يعاني من أمراض القلب والضغط والكلى، دون توفير أي علاج له".
وتابع: "ظروف الاحتجاز في مجمع سجون بدر بشكل عام تتسم بالحرمان الكامل من الرعاية الطبية، حيث يتم استخدام التعذيب كأداة للسيطرة والعقاب، وأن العديد من المعتقلين يعانون من أمراض مزمنة لا يتم علاجها، ما يؤدي إلى تفاقم حالتهم الصحية حتى الموت".
وبشأن سجن برج العرب، قال التحالف، إن "الإهمال الطبي وسوء الأوضاع يسببان وفاة وعزلاً اجتماعياً، حيث توفي المعتقل السياسي سعد السيد السيد مدين (57 عامًا)، في يناير/شباط 2025؛ نتيجة الإهمال الطبي المتعمد وسوء أوضاع الاحتجاز. إضافة إلى ذلك، أفادت تقارير لمنظمات التحالف بأن المعتقلين في سجن برج العرب، حُرموا من المياه النظيفة لأكثر من خمسة أيام، ما اضطرهم إلى شرب مياه ملوثة، ما أدى إلى تفاقم أزمة العطش والجفاف بينهم. كما قامت إدارة السجن بتقليص مدة الزيارات إلى عشر دقائق فقط، ومنعت دخول الضروريات الأساسية التي يجلبها الأهالي للمعتقلين؛ مثل الملابس والأدوية".
وعن سجن الوادي الجديد، قال التحالف إنه "تم رصد حالات تعذيب ممنهج وحرمان متعمد من الرعاية الطبية لأشخاص يعانون من أمراض خطيرة، ما أدى إلى تفاقم حالتهم الصحية بشكل خطير. والزنازين تفتقر إلى دورات مياه، ويُجبر المعتقلون على قضاء حاجاتهم في أكياس بلاستيكية، كما يتم حرمانهم من أدوات النظافة الأساسية، ما أدى لانتشار الأمراض الجلدية مثل الجرب والقمل".
وأحصى التحالف 12 حالة وفاة في السجون في 2025، لذا حثت منظمات تحالف المادة 55 السلطات المصرية على "اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف هذه الانتهاكات الفاضحة التي تتنافى مع أبسط مبادئ حقوق الإنسان والقانون الدولي".
وطالب التحالف بـ"فتح تحقيقات محايدة وشفافة وناجزة حول الانتهاكات التي تم ذكرها في ما سبق، وكافة الانتهاكات التي يتم رصدها داخل السجون ومقار الاحتجاز في مصر، وتحديد المسؤولين عنها ومحاسبتهم ومنع إفلاتهم من العقاب". كذلك طالب التحالف بـ"تحسين ظروف الاحتجاز، وتوفير الرعاية الصحية المناسبة، وتحسين التغذية، وضمان النظافة، والسماح بالتواصل المنتظم مع العالم الخارجي. وحصر شامل لجميع حالات الوفاة داخل السجون، مع نشر نتائج التحقيقات حول ملابساتها بشكل شفاف. والسماح للمنظمات الوطنية والحقوقية المحلي منها والدولي بزيارة السجون وتفقد أوضاع المعتقلين".
ويضم التحالف "لجنة العدالة. والشهاب لحقوق الإنسان. والشبكة المصرية لحقوق الإنسان. وجوار. ونجدة لحقوق الإنسان".
