أزمة الكهرباء في سورية وصلت إلى مراحل حرجة أثرت بشكل كبير على كل القطاعات الاقتصادية، إذ يعاني الصناعيون تكاليف إنتاج مرتفعة تسببها فواتير الطاقة الباهظة، والتي شكلت عائقاً أمام تطوير استثماراتهم وزيادة الإنتاج. ومع ارتفاع المطالبات بتخفيف الأعباء، اتخذت المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء خطوة إيجابية تمثلت بخفض تكلفة الكهرباء للمناطق الصناعية المعفاة من التقنين جزئياً أو كلياً بنسبة 21% بموجب هذا القرار، أصبح سعر الكيلوواط الساعي 1500 ليرة سورية بدلاً من 1900 ليرة، ما يعكس استجابة لتطلعات الصناعيين ويهدف إلى دعم عجلة الإنتاج.
يهدف القرار الجديد لتعديل تعرفة استهلاك الكهرباء في سورية إلى تعزيز قدرة القطاعات الإنتاجية على مواجهة التحديات الاقتصادية. يشمل القرار تخفيض تكلفة الكهرباء إلى 1500 ليرة سورية لكل كيلوواط ساعي لمجموعة واسعة من القطاعات، بما فيها الصناعية، الزراعية، الحرفية، السياحية، ومحطات ضخ المياه. وتم تحديد هذه التعرفة لتكون موحدة للأغراض المختلفة، سواء للمشتركين بمراكز تحويل خاصة أو للعدادات ثلاثية وأحادية الطور، بهدف دعم المنتجين في تخفيف الأعباء التشغيلية وتعزيز تنافسية المنتجات السورية. وتميّز القرار بتحديد تعرفة أعلى بقيمة 1600 ليرة سورية لصهر المعادن والخردة الصناعية، نظراً لارتفاع استهلاكها للطاقة.
ويسعى القرار أيضاً لتحسين بيئة الاستثمار، مع التركيز على تشجيع الإنتاج المحلي وضمان استقرار الأسعار في السوق. وتبقى الآمال معلقة على استمرارية هذه القرارات بما يعزز نمو الاقتصاد السوري، بالتوازي مع معالجة الأزمات المتعددة التي تواجه قطاع الكهرباء في البلاد.
تحفيز الحركة الإنتاجية
صرّح أيمن المولوي، رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها، بأن قرار تخفيض سعر الكهرباء بنسبة 21% يهدف إلى تحفيز الحركة الإنتاجية في المصانع والمنشآت الصناعية، وتخفيف الضغط المالي على القطاع الصناعي، مما يعزز النمو الاقتصادي في البلاد.
وأوضح المولوي في حديثه لـ"العربي الجديد" أن هذا القرار سيترك أثراً إيجابياً على الاقتصاد السوري من خلال تحسين كفاءة الإنتاج وزيادة الإنتاجية في المصانع، مما سيعود بالنفع على مستوى المعيشة ويحقق استقراراً اقتصادياً.
وأشار إلى أن أبرز القطاعات التي ستتأثر إيجابياً بانخفاض أسعار الكهرباء تشمل صناعة السيراميك، المعروفة باستهلاكها الكبير للطاقة، إلى جانب الصناعات الغذائية، النسيجية، والكيماوية. كما لفت إلى التفاوت الكبير في أسعار الكهرباء بين سورية والدول المجاورة، إذ يبلغ سعر الكيلوواط 9.5 سنتات في الأردن و12 سنتاً في تركيا، بينما كان يتجاوز في سورية 18 سنتاً مع الرسوم الإضافية. وأكد المولوي أن مطلب الصناعيين الأساسي كان دائماً تخفيض تكاليف الإنتاج، خصوصاً أسعار الكهرباء التي كانت تعيق توسعهم واستثمارهم في صناعات جديدة. ورحّب بالاستجابة لهذه المطالب، معرباً عن أمله في اتخاذ خطوات إضافية لتقليل التكاليف.
واختتم بالإشارة إلى الجهود الحكومية الهادفة إلى تحريك عجلة الإنتاج من خلال الاستثمار الأمثل للموارد الطبيعية، والسعي نحو تحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي، بالإضافة إلى توطين صناعات جديدة لكسر الحصار الاقتصادي المفروض على البلاد.
خفض تكلفة الكهرباء لجذب الاستثمارات
قطاع الكهرباء في سورية يواجه تحديات جمة أثرت على الحياة اليومية للناس والقطاع الاقتصادي عموماً، إذ يعاني المواطنون انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة تصل إلى 20 ساعة يومياً يعود السبب الرئيسي لهذه الأزمة إلى تدهور البنية التحتية، وعدم توفر الموارد المالية اللازمة لإصلاحها، أو استيراد الوقود لتشغيل المحطات القائمة بكفاءة.
وعلى الرغم من هذه الأوضاع، تعقد الحكومة السورية آمالاً كبيرة على رفع العقوبات الدولية، باعتبارها خطوة رئيسية لجذب الاستثمارات العربية والأجنبية إلى قطاع الكهرباء، مما قد يساعد على تلبية الطلب المتزايد على الطاقة في البلاد. ولكن المشكلة الحالية تكمن في توفر الوقود، إذ تعتمد البلاد على ستة ملايين متر مكعب من الغاز وخمسة آلاف طن من الفيول يومياً فقط، ما يعوق إنتاج الكهرباء ليصل إلى 2000 ميغاواط بدلاً من الحاجة إلى 5000 ميغاواط على الأقل.
وفي سياق متصل، تفرض أزمة الكهرباء تأثيراً مباشراً على القطاعات الصناعية المختلفة، إذ تتفاوت نسبة التكلفة الحقيقة للمنتجات. الصناعات النسيجية تتراوح تكلفتها بين 15 و17%، بينما صناعات السيراميك تسجل نسبة 19%، إلى جانب الصناعات الهندسية بنسبة تصل إلى 25% في بعض الحالات هذا بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف صناعة الكونسروة، الطباعة، والصناعات الدوائية التي تزداد بشكل كبير، ما يضيف عبئاً اقتصادياً إضافياً على المستثمرين والصناعيين في سورية. ويبقى الأمل على أي تحسن في الوضع الاقتصادي والسياسي، بما يعزز إمكانيات قطاع الكهرباء ويساهم في تخفيف الأعباء عن المواطنين والصناعيين على حد سواء.
