باريس تستضيف اجتماعين بشأن أوكرانيا وتعزيز الدفاع عن أوروبا

منذ ٦ أيام ١٥

من المقرر أن يجتمع رؤساء أركان جيوش العديد من الدول الأوروبية التي تدعم أوكرانيا في العاصمة الفرنسية، في وقت لاحق اليوم الثلاثاء، لمناقشة نشر قوات لتأمين اتفاق سلام محتمل بين كييف وموسكو، ويأتي ذلك في إطار سعي باريس لتكثيف المشاورات مع شركائها الأوروبيين في محاولة تحديد الضمانات الأمنية الواجب تقديمها لأوكرانيا في حال إقرار وقف لإطلاق النار وتعزيز الدفاعات الأوروبية على وقع التقارب بين واشنطن وموسكو.

ويلقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كلمة أمام الاجتماع الذي يضم مسؤولين عسكريين من 30 دولة من الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (ناتو)، بما في ذلك المملكة المتحدة وتركيا، بحسب هيئة أركان الجيش الفرنسي. وسيتم ذلك "بالتنسيق الوثيق" مع "القيادة العسكرية لحلف شمال الأطلسي التي ستكون أيضاً مرتبطة بهذه العملية"، بحسب الرئيس الفرنسي. ويأتي ذلك بالتزامن مع لقاء بين وفد أوكراني وآخر أميركي في المملكة العربية السعودية لمناقشة سبل إنهاء الحرب بين أوكرانيا وروسيا، بعد ثلاث سنوات من غزو روسيا لجارتها.

واعتبر وزير القوات المسلحة الفرنسية، سيباستيان لوكورنو، أن الاجتماع في باريس "مهم" لأنه "يضع الحجر الأساس لهذه الضمانات الأمنية"، وقال اليوم الثلاثاء في افتتاح منتدى باريس للدفاع والأمن: "إن الأمر يتعلق ببساطة بالتخطيط والتفكير في الشكل الذي ينبغي أن يكون عليه الجيش الأوكراني في المستقبل، وبالتالي انطلاقاً من مبدأ أن الضمانة الأمنية الأولى تظل الجيش الأوكراني، فإننا سنرفض أي شكل من أشكال نزع السلاح من أوكرانيا"، وأكد أن الجيش الأوكراني يظل "الضمان الأمني الرئيسي" لكييف، مضيفاً أن فرنسا "سترفض أي نزع لسلاح الجيش الأوكراني".

قوات أوروبية في أوكرانيا

وأشار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في عدة مناسبات، إلى أن الجيش الأوكراني الذي يبلغ عديده 800 ألف جندي هو الأكبر في أوروبا. وفي الأسبوع الماضي، دعا زيلينسكي إلى هدنة في الجو والبحر لبدء محادثات بشأن "سلام دائم" مع روسيا، ولكن موسكو اعتبرت أن هذه الفكرة، التي طرحها أيضاً ماكرون والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، "غير مقبولة على الإطلاق"، لأنها لن تنهي الصراع إلا مؤقتاً، كذلك طُرحت خلال الأسابيع الماضية فكرة نشر قوات أوروبية في أوكرانيا.

وقال لوكورنو في تصريحات لصحيفة "لا تريبون دو ديمانش" إن أي بحث في نشر قوات في أوكرانيا يجب أن يسبقه تحديد الخطوط العريضة لمهمة هذا التحالف، سواء كانت "قوات سلام لأغراض المراقبة أو الطمأنة أو منع الصراع". وأشار إلى أن "اجتماع رؤساء الأركان الثلاثاء سيسمح لنا بالبحث في الموضوع". وتشارك باريس ولندن بشكل وثيق في المناقشات المتعلقة باعتماد خيار نشر قوات في أوكرانيا، ويعقد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر اجتماعاً افتراضياً، يوم السبت المقبل، مع زعماء الدول الراغبة في المساعدة بمنع استئناف الأعمال العدائية في أوكرانيا بحال التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ومن المقرر أن يجتمع وزير القوات المسلحة الفرنسية، غداً الأربعاء، مع نظرائه من مجموعة الدول الأوروبية الخمس E5 (فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة وإيطاليا وبولندا)، فضلاً عن ممثلين من الاتحاد الأوروبي والناتو ومن طريق الاتصال بالفيديو مع وزير الدفاع الأوكراني رستم أوميروف. وستركز المحادثات على المساعدات المقدمة لأوكرانيا، بعد أن علقت الولايات المتحدة الدعم العسكري والاستخباري لها، وعلى "إعادة التسليح الضرورية لأوروبا وبلداننا"، بحسب أوساط الوزير الفرنسي.

زيادة الإنفاق العسكري

من جهتها، شددت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين في ستراسبورغ، اليوم الثلاثاء، على وجوب زيادة الاتحاد الأوروبي إنفاقه العسكري بشكل كبير، محذرة بأن "زمن الأوهام ولّى"، وقالت أمام البرلمان الأوروبي: "نحن بحاجة إلى زيادة سريعة للغاية في القدرات الدفاعية الأوروبية. ونحن بحاجة إليها الآن".

وأكدت فون ديرلاين، في معرض تقديمها نتائج القمة الأوروبية الأخيرة للدول الـ 27 المخصصة للدفاع عن القارة، أنه "حان الوقت لإنشاء دفاع مشترك"، مرحبة بإجماع دول الاتحاد الأوروبي على ضرورة تعزيز القدرات الدفاعية للتكتل، ولفتت إلى أن "ذلك لم يكن وارداً على الإطلاق قبل بضعة أسابيع فقط". وكان لتبدل الموقف الأميركي حيال الالتزام في أوروبا وتجاه أوكرانيا بعد عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وقع الصدمة. وقالت رئيسة المفوضية إن "النظام الأمني الأوروبي اهتز وسقط العديد من أوهامنا"، ورأت أن على أوروبا "تحمل المزيد من المسؤولية في تأمين دفاعها".

وقدمت المفوضية الأوروبية خطة "لإعادة تسليح أوروبا" يُفترض أن تسمح بحشد نحو 800 مليار على مدى أربع سنوات لتعزيز دفاعات القارة ومساعدة أوكرانيا، من ضمنها نحو 150 مليار يورو في شكل قروض تُوفَّر للدول الـ27، وأعطى قادة دول الاتحاد الضوء الأخضر للخطة، ومن المقرر أن تقدم المفوضية الآن مقترحات ملموسة قبل انعقاد قمة أوروبية الأسبوع المقبل.

وتبعاً لذلك سيتعين على باريس زيادة ميزانية الدفاع، وتحدث لوكورنو عن "أفق يبلغ نحو 100 مليار يورو سنوياً"، مقارنة بـ 50,5 مليار يورو في عام 2025. ولإقناع أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، الذين سيتعين عليهم التصويت على أي تغييرات في الميزانية، من المقرر أن يجتمع وزير القوات المسلحة مع رؤساء الكتل البرلمانية الخميس. ومن المقرر أيضاً أن يجمع ماكرون يوم الجمعة القادم الشركات الفرنسية العاملة في مجال الصناعات الدفاعية الذين دُعوا إلى زيادة معدلات إنتاجهم منذ غزو روسيا لأوكرانيا في عام 2022، وبات عليهم الاستعداد لتدفق محتمل للطلبات الجديدة.

(فرانس برس، رويترز، العربي الجديد)

قراءة المقال بالكامل