بريطانيون يواجهون اتهامات بارتكاب جرائم حرب في غزة

منذ ١ أسبوع ١٩

يواجه عشرة مواطنين بريطانيين اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة بسبب خدمتهم في جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال حرب الإبادة الجماعية المستمرة على القطاع منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، بعد أن أعدّ فريق من الخبراء القانونيين، بمن فيهم محامي حقوق الإنسان المعروف مايكل مانسفيلد، تقريراً معمقاً من 240 صفحة سوف يُسلّم إلى فريق جرائم الحرب في شرطة العاصمة لندن يوم الاثنين المقبل.

ويُعتبر هذا التقرير الأول من نوعه في بريطانيا، وقد أُعدّ نيابةً عن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ومركز قانون المصلحة العامة، اللذين يمثلان الفلسطينيين في غزة وبريطانيا. كذلك وقّع سبعون خبيراً قانونياً وخبراء في مجال حقوق الإنسان على رسالة دعم تحثّ فريق جرائم الحرب على التحقيق في أي شكاوى تتعلق بالتورط في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

ويتناول التقرير، الذي يستند إلى ستة أشهر من جمع الأدلة المكثفة، الجرائم المزعومة المرتكبة في غزة بين أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ومايو/ أيار 2024. وقال بول هيرون، المدير القانوني لمركز قانون المصلحة العامة، الذي كُلّف بإعداد التقرير: "من المثير للصدمة أن مواطنين بريطانيين خدموا بنشاط في القوات المسلحة الإسرائيلية، وساهموا بشكل مباشر في الفظائع". وأضاف: "بصفتنا مركزاً قانونياً مقرّه بريطانيا، من واجبنا الدفاع عن أنفسنا. نرفع تقريرنا لتوضيح أن جرائم الحرب هذه ليست باسمنا".

وسيعقد مؤتمر صحافي، الاثنين المقبل، أمام مبنى سكوتلاند يارد الجديد في لندن للاستماع إلى المحامين الذين سيقدّمون التقرير إلى شرطة العاصمة في نفس اليوم. ولم يتمكن "العربي الجديد" من الحصول على التقرير الكامل الذي أعدته المنظمات الحقوقية، وذلك "امتثالاً للقانون البريطاني ريثما ينظر فريق جرائم الحرب في الشكاوى" بحسب معدّي التقرير.

وقال شاهد عيان قُتل أقاربه في هجوم إسرائيلي في شهادة جمعها المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، بحسب بيان حصل عليه "العربي الجديد"، اليوم الجمعة، من المركز البريطاني الفلسطيني للإعلام: "لم أستطع تحمّل ما رأيت: جثث متناثرة بجانب بعضها البعض. لم أستطع التعرف عليهم لأنهم كانوا مغطين ببطانية.. رفعتُ الغطاء فرأيت جثث عمي وابنه، وأبناء أخي، وصهري، إلى جانب جثث نازحين آخرين".

وبحسب البيان، يُشتبه في ارتكاب البريطانيين العشرة، ومن بينهم إسرائيليون يحملون جنسية مزدوجة، جرائم كالقتل والإبادة ومهاجمة المدنيين والترحيل أو النقل القسري للسكان. وقال المحامي مايكل مانسفيلد: "خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية، شهدنا جرائم دولية تتكشف. لم يفعل قادتنا شيئاً يُذكر لمنع معاناة ملايين الفلسطينيين الأبرياء. نطالب فريق جرائم الحرب بأخذ هذا التقرير على محمل الجد، والتحقيق فيه، وفي حال ثبوته، اعتقال الأفراد المذكورين ومحاكمتهم". وأضاف: "يُلزم المواطنون البريطانيون قانوناً بعدم التواطؤ في الجرائم المرتكبة في فلسطين. لا أحد فوق القانون".

وكان "العربي الجديد" قد تابع في تقرير، قبل أسبوعين، استعدادات أطلقتها منظمات حقوقية للبدء برفع دعاوى قانونية ضد المواطنين البريطانيين المشتبه في انضمامهم إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي أو ارتكابهم جرائم حرب في غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، بعد إطلاق تحالف "غلوبال 195" الذي يشمل عدداً من المؤسسات القانونية والمحامين في أكثر من دولة حول العالم، الذي يسعى إلى محاسبة مرتكبي جرائم الحرب المزعومة في فلسطين.

وبحسب ما أكد المتحدث عن المركز الدولي للعدالة من أجل الفلسطينيين جوناثان بورسيل، وقتها لـ"العربي الجديد"، لن تقتصر مساعي "غلوبال 195" على تقديم شكاوى جنائية إلى أجهزة إنفاذ القانون الوطنية فحسب، بل سيُباشرون أيضاً دعاوى قضائية خاصة في المحاكم الوطنية ضد المشتبه بهم في جرائم الحرب، سواء كانوا من مواطني تلك الدول أو موجودين ضمن ولايتها القضائية، مستخدمين مكتبة من الأدلة الشاملة مُجمّعة وفقاً لمعايير القانون الجنائي.

تظاهرة أمام مؤتمر للجمعية الطبية البريطانية

وفي سياق منفصل، خرج العشرات في مظاهرة، الجمعة، أمام الجمعية الطبية البريطانية في لندن، بسبب سحب الجمعية دعوة لإلقاء كلمة لمنظمة "المساعدة الطبية للفلسطينيين" في المؤتمر السنوي لطلاب الطب المنعقد في لندن. وكان من المقرر أن تُلقي الطبيبة سوي تشاي آنغ، وهي طبيبة تعمل في هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية وأسست منظمة "المساعدة الطبية للفلسطينيين" Medical Aid for Palestinians المعروفة، كلمة في المؤتمر. إلا أن الجمعية الطبية البريطانية ألغت دعوتها قبل يومين دون إبداء سبب واضح بحسب ما نقله ناشطين نظّموا التظاهرة.

وقالت الدكتورة آنغ في كلمة خلال التظاهرة: "دُعيتُ لإلقاء كلمة أمام طلاب الطب، فهم في نهاية المطاف أطباء المستقبل. ومع ذلك، فإن المؤسسة التي تدّعي تمثيلهم تُقيد حرية التعبير وتتجاهل رغباتهم في اختيار من يرغبون في الاستماع إليه". وأضافت: "رسالتي هي رسالة سلام وإنسانية، وليست رسالة انقسام. أنا ملتزم تجاه مرضاي البريطانيين في هيئة الخدمات الصحية الوطنية ومرضاي الفلسطينيين من خلال جمعية العون الطبي للأسباب نفسها، وهو واجب رعاية سلامتهم. أيُّ مثالٍ تُرسي منظمةٌ عندما تسمح للسياسات الخبيثة بالتدخل في رسالة رعاية المرضى؟".

وسوي تشاي آنغ (76 عاماً) جراحة عظام نجت من مذبحة صبرا وشاتيلا عام 1982 أثناء الغزو الإسرائيلي للبنان، وأسست لاحقاً منظمة "المساعدة الطبية للفلسطينيين"، إلى جانب مسيرتها المهنية التي استمرت 48 عاماً بعملها طبيبة منتظمة في هيئة الخدمات الصحية الوطنية. وتعمل منظمة "المساعدة الطبية للفلسطينيين" بشكل دائم على أنشطة لجمع تبرعات ومساعدات طبية للفلسطينيين خصوصاً في قطاع غزة، وأدانت اللجنة الدولية لحقوق الإنسان في لندن تعامل الجمعية الطبية البريطانية مع آنغ.

قراءة المقال بالكامل