بعد فرضه التعريفات... ترامب يحذر من "الألم" الذي ينتظر الأميركيين

منذ ٢ شهور ٣٨

في اليوم التالي لتوقيعه الأوامر التنفيذية القاضية بفرض التعريفات الجمركية الصارمة على المكسيك وكندا والصين، اعترف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بما ظل الاقتصاديون وأعضاء الكونغرس وحتى بعض مستشاريه السابقين يؤكدونه خلال الفترة الماضية، وهو أن الأميركيين قد يكونون من يشعرون بالألم بسبب ارتفاع التكاليف مع تطبيق الرسوم الجديدة.

ونشر الرئيس الأكثر إثارة للجدل في تاريخ الولايات المتحدة على منصته "تروث سوشيال" رسالة كتبها بأحرف كبيرة، قال فيها: "سيكون هذا العصر الذهبي لأميركا! هل سيكون هناك بعض الألم؟ نعم، ربما (وربما لا!)". وظهرت هذه الرسالة قبل وصول ترامب إلى نادي الغولف الخاص به في ويست بالم بيتش بولاية فلوريدا، وكانت بمثابة تحذير مسبق. وما زال ترامب يؤكد التزامه بالتعهدات التي قطعها على نفسه خلال فترة الحملة الانتخابية، والخاصة بوقف الهجرة غير النظامية، والحد من تدفق المخدرات القاتلة، وإعادة التوازن للتجارة مع جارتيه في قارة أميركا الشمالية.

لكن تحقيق هذه الأهداف سيكون غير مريح، وفقًا لما يلمح إليه ترامب، وقد يؤدي إلى تقويض أحد أبرز وعوده الانتخابية الأخرى، الخاص بخفض التكاليف للأميركيين. وكتب ترامب أيضاً: "سنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى، ويستحق كل ذلك الثمن الذي يجب دفعه. نحن بلد يُدار الآن بالعقلانية، وستكون النتائج مذهلة!".

دونالد ترامب: "يجب أن تصبح كندا ولايتنا الحبيبة الحادية والخمسين. ضرائب أقل بكثير، وحماية عسكرية أفضل بكثير لشعب كندا، ولن تكون هناك رسوم جمركية!"

وبدلاً من أن تؤدي الحرب التجارية الجديدة إلى خفض أسعار البقالة أو الوقود، أشار ترامب يوم الأحد إلى نتيجة لم يذكرها قط خلال حملته الانتخابية، وهي ضم كندا كولاية أميركية، إذ قال: "يجب أن تصبح كندا ولايتنا الحبيبة الحادية والخمسين. ضرائب أقل بكثير، وحماية عسكرية أفضل بكثير لشعب كندا، ولن تكون هناك رسوم جمركية!"، مكرراً فكرة طرحها مراراً منذ فوزه في الانتخابات أواخر العام الماضي.

وتستعد قطاعات الصناعات الأميركية لمواجهة الرسوم الجديدة، وهي 25% على السلع من المكسيك وكندا، و10% على الواردات من الصين، بينما يترقب أصحاب الشركات والاقتصاديون السرعة التي يمكن أن ينعكس بها ارتفاع التكاليف على المستهلكين الأميركيين. ومن المقرر أن تدخل التعريفات الجديدة حيز التنفيذ يوم الثلاثاء في تمام الساعة 12:01 صباحاً بالتوقيت الشرقي.

وفي إقرار ضمني بأن الضغوط التصاعدية قد تؤثر على تكاليف الوقود والتدفئة للأميركيين، خفض ترامب التعريفات الجمركية على النفط والغاز الكنديين، لتكون بنسبة 10% فقط . وفي المقابل، بدأت كندا والمكسيك بالتحرك للرد، وإن على مضض، إذ قال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو في خطاب كئيب من أوتاوا مساء السبت: "نحن لا نريد أن نكون في هذا الوضع".

أما وزيرة المالية الكندية السابقة كريستيا فريلاند، التي تسعى لخلافة ترودو رئيسةً للوزراء، فقد صرحت بأن بلادها لا ترغب بالدخول في حرب تجارية مع الولايات المتحدة، لكنها أكدت تصميمها على الدفاع عن مصالح الكنديين. وقالت في مقابلة مع فريد زكريا على شبكة سي أن أن يوم الأحد: "نحن لا نريد هذه المعركة، لكننا لن نخسرها"، ووصفتها بأنها "وضع خاسر للجميع" سينتهي بالإضرار بالأمريكيين أنفسهم، لأنهم يعتمدون على كندا في العديد من السلع الأساسية.

وإذا استمر فرض التعريفات الجمركية الانتقامية لفترة طويلة، فقد يصبح "الألم" الذي حذر منه ترامب واقعاً ملموساً. وقال السيناتور تيم كين يوم الأحد في برنامج "حالة الاتحاد" على سي أن أن، إن الأميركيين سيشهدون ارتفاعاً في أسعار الوقود خلال أيام، وإن الشركات الأميركية ستتضرر بمجرد بدء تنفيذ الرسوم الانتقامية من الدول الأخرى. وأضاف: "أنا متفاجئ من التناقض. الأسبوع الماضي، وقع الرئيس أمراً طارئاً بشأن الطاقة، قائلاً إن هناك أزمة طاقة، والآن يفرض رسوماً بنسبة 10% على الطاقة القادمة من كندا؟ هذه أزمة من صنعه".

أما حاكم ولاية كنتاكي الديمقراطي، آندي بشير، الذي فاز ترامب بولايته بأكثر من 30 نقطة مئوية في انتخابات 2024، فقد حذر من التأثيرات المحتملة على صناعة البوربون في الولاية، وذلك بعدما وجهت مقاطعتا كولومبيا البريطانية وأونتاريو أوامرهما لمجالس المشروبات الكحولية بإزالة المنتجات الأميركية من الرفوف.

حتى بعض حلفاء ترامب كانوا يأملون في داخلهم أنه بعد فرض هذه التعريفات الجمركية القاسية، وإثبات أنه مستعد لاتخاذ قرارات حاسمة، قد يتراجع عنها إذا حصل على بعض التنازلات. وقال السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام من ولاية كارولاينا الجنوبية في مقابلة مع "فوكس نيوز صنداي": "التعريفات تهدف إلى إحداث تغيير. وإذا تحقق التغيير، فأعتقد أن التعريفات ستختفي".

لكن ما هي التنازلات المطلوبة تحديدًا؟ هذا غير واضح. فقبل فرض التعريفات الجديدة، لم يعقد ترامب أي لقاء أو مكالمة هاتفية مع ترودو أو مع الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم ليوضح مطالبه. وقال ترودو يوم السبت إنه كان يحاول الوصول إلى ترامب منذ حفل التنصيب، لكن اتصالاته لم تُجدِ نفعاً.

ترامب: "اصنعوا منتجاتكم في الولايات المتحدة ولن تكون هناك تعريفات جمركية!"

وفي إفادة للصحفيين مساء السبت، رفض مسؤولو البيت الأبيض توضيح معايير محددة يمكن أن تحققها كندا أو المكسيك فيما يخص تشديد الحدود أو الحد من تدفق الفنتانيل، بحيث يتم على أساسها تعليق التعريفات الجمركية. أما ترامب نفسه، فقد قال للصحفيين مساء الجمعة إنه لا يبحث عن أي تنازلات على الإطلاق. وفي منشوره على وسائل التواصل الاجتماعي صباح الأحد، توسعت مبرراته لفرض التعريفات لتشمل أكثر من مجرد معاقبة تدفق الفنتانيل غير المشروع.

وكتب ترامب: "الولايات المتحدة لديها عجز تجاري كبير مع كندا والمكسيك والصين (ومعظم الدول الأخرى!)، وتدين بـ36 تريليون دولار، ولن نكون بعد الآن 'الدولة الغبية'". وأضاف: "اصنعوا منتجاتكم في الولايات المتحدة ولن تكون هناك تعريفات جمركية!".

قراءة المقال بالكامل