كتب- أحمد جمعة:
أثار مقترح جامعة الأزهر بتعريب علوم الطب والصيدلة جدلًا واسعًا بين الأوساط الأكاديمية والطبية في مصر، وسط تساؤلات متعددة بشأن إمكانية التنفيذ والتحديات المرتبطة به.
يُعتقد على نحو واسع أن هذا المقترح يواجه بجملة من الصعوبات على رأسها التحديات اللغوية ذاتها، فاللغة الإنجليزية تُعد اللغة العالمية للعلوم والطب، حيث تُكتب بها معظم الأبحاث والدراسات الحديثة، ويتم تدريس الطب والصيدلة في أغلب الجامعات العالمية بهذه اللغة.
واعتبر نقابيون ومختصون في حديثهم لموقع "مصراوي"، أن تعريب المناهج قد يخلق فجوة معرفية بين الطلاب والأبحاث العالمية، مما قد يضعف قدرتهم على متابعة التطورات الحديثة في هذه المجالات، في حين تواجه عملية التعريب تحديًا تقنيًا يتعلق بالمصطلحات الطبية، خاصة أن توفير ترجمة دقيقة وشاملة للمصطلحات العلمية والطبية ليس بالأمر البسيط.
وسبق أن أكدت جامعة الأزهر، أنه تجرى حاليا دراسة علميَّة متأنية حول إمكانية تعريب العلوم الطبية بكليات الطب والصيدلة وطب الأسنان، ومدى قابلية ذلك للتطبيق، مع الأخذ بعين الاعتبار جميع الأبعاد الأكاديمية والتقنية والتطبيقيَّة لضمان تحقيق أفضل معايير التعليم الطبي، وتلبية احتياجات الطلاب والمجتمع على حدٍّ سواء.
وجاء بيان جامعة الأزهر في أعقاب الجدل الذي أثاره خطاب كان رئيس جامعة الأزهر، الذي كلّف نائبه للدراسات العليا والبحوث بالإشراف على لجان لتعريب المقررات الدراسية بكليات الطب البشري والصيدلة، وتشكيل لجان نوعية في كل تخصص دقيق منهم ممن له خبرة في تعريب هذه العلوم.
بدوره، قال الدكتور إيهاب هيكل، نقيب أطباء الأسنان، إن مقترح تعريب العلوم الطبية والصيدلية يعدّ خطوة صعبة التنفيذ ولها تداعيات سلبية على مستوى التطور العلمي والتواصل الدولي.
وأوضح هيكل أن سوريا قد طبّقت هذه الفكرة منذ سنوات و"ندمت عليها"، مضيفًا: "البحث العلمي يتطور يومياً، ولا يمكن مواكبة هذا التطور بترجمة مستمرة، ناهيك عن صعوبة التواصل في المؤتمرات الطبية الدولية، حيث تُستخدم اللغة الإنجليزية كلغة رئيسية، والمصطلحات الطبية تعتمد بشكل أساسي على اللاتينية".
وأشار نقيب أطباء الأسنان إلى أن التجربة السورية تُبرز صعوبات عملية ترجمة العلوم الطبية: "عندما أقدّم محاضرات في سوريا، أواجه صعوبة كبيرة في الشرح وأحتاج لمترجم يساعدني، ومع ذلك قد تكون الترجمة غير دقيقة، مما يؤثر على جودة التواصل العلمي".
وشدد على أن العودة لتعريب العلوم في هذا الوقت ستكون بمثابة عودة لعقود طويلة إلى الوراء، ومن الأهمية بمكان الإبقاء على استخدام اللغة الإنجليزية كلغة أساسية في التعليم والبحث الطبي لضمان التطور ومواكبة المستجدات العالمية.
اتفق مع هذا الطرح الدكتور جمال عميرة، وكيل النقابة العامة للأطباء، الذي قال بدوره إن مقترح تعريب العلوم الطبية غير واقعي ويواجه صعوبات كبيرة في التطبيق.
وأشار "عميرة" إلى أن تعريب الطب لن يقدم فائدة حقيقية بسبب صعوبة اللغة العربية في المصطلحات والتعريفات الطبية، كما أننا نعتمد على نقل العلوم من الغرب، ونتعلم منهم، وليس العكس.
