قالت شركة بلدنا القطرية، اليوم الخميس، إن مجلس إدارتها وافق في اجتماعه أمس بالإجماع على المضي قدما في تأسيس مشروع صناعي "متكامل" لإنتاج الحليب ومشتقاته والعصائر في سورية باستثمار يقدر بمبلغ 250 مليون دولار. وذكرت الشركة في بيان للبورصة القطرية إن الاجتماع أسفر أيضا عن موافقة المجلس بالإجماع على تأسيس شركة تابعة في مصر "تعنى بتقديم خدمات الدعم المساندة" للشركة، وفقا لـ"رويترز".
وأعلنت شركة "بلدنا" القطرية، نيتها دخول السوق السورية، في خطوة تُعد من أبرز التحركات الاستثمارية الخليجية نحو سورية. وتأتي في ظل مؤشرات متزايدة على توجه الاقتصاد السوري نحو مرحلة إعادة هيكلة، بالتوازي مع جهود رسمية لتحسين بيئة الأعمال وتهيئة مناخ استثماري أكثر جذبًا لرؤوس الأموال، بما يشمل تعديل السياسات المالية وتبني تشريعات جديدة تشجع على تدفق الاستثمارات الخارجية.
ويُنظر إلى دخول "بلدنا" في هذا التوقيت على أنه رهان استراتيجي على مرحلة ما قبل إعادة الإعمار الشاملة، حيث تسعى الشركة إلى ترسيخ حضور مبكر في سوق واعد يعاني نقصاً حادّاً في المواد الغذائية الأساسية، ولا سيما في قطاعات الألبان والمنتجات الزراعية. ويُتوقع أن تستفيد الشركة من الحوافز التي قد تقدمها السلطات السورية لجذب الاستثمارات، مثل الإعفاءات الضريبية وتسهيل الإجراءات الإدارية.
ورغم الفرص المتاحة، تظل التحديات حاضرة، وعلى رأسها صعوبة التحويلات المصرفية وضعف البنية التحتية في عدد من المناطق. ومع ذلك، من المرجح أن تبدأ الشركة نشاطها في مناطق تتمتع بقدر نسبي من الاستقرار، مثل ريف دمشق أو الساحل، وذلك لتقليل المخاطر التشغيلية واللوجستية.
في موازاة التوسع في سورية، وافق مجلس إدارة "بلدنا" على تأسيس شركة تابعة في مصر لتقديم خدمات الدعم والتشغيل. ويعكس هذا التوجه رغبة الشركة في تعزيز كفاءتها الإقليمية والاستفادة من الموقع الاستراتيجي لمصر، إضافة إلى قوة سوقها المحلي، باعتباره جزءاً من استراتيجية توسع أوسع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتمثل هذه الخطوات مجتمعة تحولًا في استراتيجية "بلدنا"، من التركيز المحلي إلى الانخراط في أسواق ما بعد الأزمات، حيث تتداخل الفرص الاستثمارية مع التحولات الاقتصادية والسياسية، ما يتطلب قدرة عالية على إدارة المخاطر وقراءة ديناميكيات السوق الإقليمي.
يُذكر أن شركة "بلدنا" تأسست في قطر عام 2014، وبرزت بقوة خلال فترة الحصار الخليجي على الدوحة (2017–2021) عبر تحقيق اكتفاء ذاتي من الألبان في السوق القطرية خلال فترة وجيزة، ما أتاح لها تصدير نموذجها الإنتاجي الناجح إلى أسواق أخرى، حتى في بيئات غير مستقرة مثل سورية.
