حذّرت بلدية مدينة غزة في شمال القطاع الفلسطيني المنكوب، اليوم الأحد، من أزمة مياه حادة قد تؤدّي إلى حالة عطش كبرى نتيجة استمرار إسرائيل في إغلاق المعابر ومنع دخول الوقود، بالإضافة إلى تهديدها بوقف خط المياه الرئيسي الذي يغذّي معظم احتياجات المدينة اليومية. وأفادت البلدية، في بيان، بأنّ "خط مكروت يغذّي المدينة بنحو 70%، وفي حال توقف وصول المياه من هذا الخط قد يؤدّي ذلك إلى حالة عطش كبيرة في المدينة وقد يهدّد الحياة (...) فيها ويؤدّي إلى تدهور الصحة العامة وانتشار الأمراض". وتُعَدّ شركة المياه الإسرائيلية "ميكروت" أحد المصادر الرئيسية التي تغذّي قطاع غزة بالمياه، ما يجعل المياه خاضعة للسيطرة الإسرائيلية، الأمر الذي يمثّل أداة ضغط على القطاع.
ومع انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف النار مطلع مارس/آذار الجاري، علماً أنّه كان قد دخل حيّز التنفيذ في 19 يناير/كانون الثاني 2025، أغلقت إسرائيل مجدّداً كلّ المعابر المؤدية إلى قطاع غزة لمنع إدخال المساعدات الإنسانية، في خطوة تهدف إلى استخدام التجويع أداةَ ضغط على حركة حماس لإجبارها على القبول بإملاءاتها.
وأدّى إغلاق المعابر وقرار إسرائيل بقطع الكهرباء عن قطاع غزة إلى توقف محطات المياه والصرف الصحي عن العمل، الأمر الذي زاد من تعقيد الأوضاع الإنسانية. وهدّد مسؤولون إسرائيليون، في أكثر من مرّة، بقطع الكهرباء والمياه عن قطاع غزة للضغط. ففي الرابع من مارس الجاري، قال المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي عومري دوستري إنّ قطع المياه والكهرباء عن قطاع غزة غير مستبعد "بوصفه وسيلة للضغط على حركة حماس". وفي التاسع من الشهر نفسه، أعلنت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية أنّ وزير الطاقة والبنية التحتية إيلي كوهين قرّر وقف تزويد قطاع غزة بالكهرباء "فوراً".
وبيّنت بلدية مدينة غزة أنّ استمرار منع إدخال مصادر الطاقة والوقود اللازمة لتشغيل المرافق الأساسية قد يؤدّي إلى شلل كبير في تشغيل مرافق المياه والصرف الصحي، وهو أمر يزيد من حجم الكارثة الإنسانية، ولا سيّما صحياً، في المدينة. ودعت البلدية الوكالات التابعة للأمم المتحدة إلى التدخّل العاجل و"الضغط على الاحتلال لاحترام القوانين والمواثيق الدولية، وتوفير مصادر الطاقة والمياه من دون أي عوائق"، وفقاً لما جاء في بيانها.
ويوم الأربعاء الماضي، أفاد اتحاد بلديات قطاع غزة أنّ "ثمّة حاجة ملحّة إلى توفير إمدادات كافية ودائمة من المياه والكهرباء، خصوصاً بعد تعطيل محطة تحلية المياه المركزية نتيجة قطع الاحتلال الإسرائيلي الكهرباء عنها، الأمر الذي يهدّد حياة الفلسطينيين ويعمّق الأزمات الصحية والبيئية".
تجدر الإشارة إلى أنّ أزمة المياه في قطاع غزة عموماً، وفي مدينة غزة خصوصاً، ليست وليدة اللحظة، بل تفاقمت بصورة مأساوية بعد القصف الإسرائيلي الذي دمّر البنية التحتية والمرافق الأساسية في خلال حرب الإبادة الجماعية التي ارتكبتها قوات الاحتلال بحقّ الفلسطينيين في القطاع المحاصر على مدى أكثر من 15 شهراً، الأمر الذي جعل الحصول على مياه نظيفة حلماً بعيد المنال لعائلات كثيرة.
ومع استمرار الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة منذ نحو 18 عاماً، يجد الفلسطينيون أنفسهم في شهر رمضان أمام موجات قاسية من العطش والجوع والفقر، في ظلّ حالتهم المأساوية في داخل الخيام وأماكن النزوح التي لجؤوا إليها بعدما هجّرتهم آلة الحرب الإسرائيلية ودمّرت منازلهم وبنية القطاع التحتية.
(الأناضول، العربي الجديد)
