تراجع حاد لطلبات مصانع الصين بسبب الرسوم الجمركية الأميركية

منذ ١ يوم ١٤

سبّبت الرسوم الجمركية الباهظة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الصين تراجعاً حاداً لطلبات المصانع، بحسب ما أفاد مصنعون لوكالة فرانس برس هذا الأسبوع، مع مخاوف البعض من أن الأعمال قد لا تعود أبداً. ومن المناطق الأكثر تضرراً مقاطعة قوانغدونغ الجنوبية الشاسعة في الصين، والتي لطالما كانت تعجّ بمصانع تُنتج كل شيء من الملابس إلى الإلكترونيات، أكبر مركز صناعي في البلاد.

ولعقود من الزمن، أنتجت المقاطعة منتجاتٍ لقاعدة المستهلكين الأميركيين النهمة، بأسعارٍ منخفضةٍ لا ينافسها إلا القليل، وكانت بمثابة محركٍ رئيسي في صعود الصين الصاروخي إلى مكانة القوة الاقتصادية العظمى العالمية. لكن مساعي ترامب لإعادة التصنيع إلى الولايات المتحدة وإطلاق حربٍ تجاريةٍ ضاريةٍ مع الصين تُهدد الآن بقلب ذلك الوضع رأسًا على عقب، مما يزيد من التوقعات الاقتصادية القاتمة للبلاد.

وفي هذا الصدد، تنقل فرانس برس عن شياو جونيي، صاحب مصنع ملابس في قوانغتشو، أكبر مدن المقاطعة، لوكالة فرانس برس أن السوق الأميركية شكلت ما بين 20 و30% من الطلبات. لكن بعد إعلان الرسوم الجمركية، قال: "تأثرنا بشكل كبير... لقد انخفضت مبيعاتنا وطلباتنا بشكل واضح".

وتُباع العديد من منتجات مصنعه للمستهلكين في الولايات المتحدة عبر منصة تيمو، منصة التجارة الإلكترونية الخارجية منخفضة التكلفة التي تديرها شركة التجزئة الصينية العملاقة بي دي دي هولدينغز. ورداً على الرسوم الجمركية الأميركية التي تبلغ الآن 145% على معظم المنتجات وتصل إلى 245% على منتجات أخرى، أصدرت تيمو إشعاراً يفيد بتخفيض الإعلانات في السوق الأميركية مستقبلاً، وفقاً لشياو.

وقال صاحب المصنع البالغ من العمر 24 عاماً إنه يأمل في إيجاد أسواق أخرى لملابسه، مضيفاً: "بصرف النظر عن الولايات المتحدة، يمكننا التعامل مع العالم أجمع". لكنه أقر بأنه "من غير المرجح حقًّا" أن تحل دول أخرى محل السوق الأميركية، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة "دولة متقدمة حقًّا، وحجم الطلبات أكبر".

في مكان قريب، اجتمع رجال أعمال من جميع أنحاء العالم لحضور المرحلة الافتتاحية لمعرض كانتون، وهو معرض تجاري ضخم يُقام كل ربيع وخريف. ويُمثل هذا الحدث فرصة للتجار من جميع أنحاء العالم للقاء المصنعين الصينيين وجهًا لوجه وتقييم منتجاتهم من كثب، وإبرام اتفاقيات توريد جديدة أو تعزيز العلاقات القديمة.

لكن المشترين من الولايات المتحدة هذا العام كانوا قليلين. ورفض الحضور التعليق عندما سألتهم وكالة فرانس برس عن المنتجات التي يهتمون بها، أو ما إذا كانت حرب الرسوم الجمركية ستُعقّد الأعمال. وكانت شركة ووسن لايتينغ تكنولوجي، وهي مورد لشركة أمازون الأميركية العملاقة للتجارة الإلكترونية، إحدى الشركات الصينية الراغبة في التواصل.

وقال آندي لين، مدير تطوير الأعمال في الشركة، لوكالة فرانس برس في أحد مصانعها في تشونغشان القريبة: "إنها جولة جديدة في الحرب التجارية". وأضاف لين: "يصبح الأمر عبارة عن فرض رسوم جمركية، ثم فرض رسوم جمركية، ثم يتحول الأمر إلى منافسة لا حدود لها". وتابع: "لن يدوم هذا الوضع طويلًا، لأنه في النهاية له آثار حقيقية على جميع البلدان، وأعتقد أنه سيؤثر بشكل خاص على حياة الشعب الأميركي".

الصين.. قوة تصنيعية هائلة

قد يؤثر انخفاض الشحنات إلى الولايات المتحدة أيضًا على قطاع التصنيع المحلي، الذي توفر له ووسن مئات الوظائف. ومع ذلك، كانت المصانع التي زارتها وكالة فرانس برس هذا الأسبوع في غوانغدونغ تعج بالنشاط، حيث جلس العمال على خطوط الإنتاج، وامتلأ الهواء بأصوات أزيز سيور النقل.

وأقر العديد من المصنّعين بأن تصاعد الحرب التجارية مع الولايات المتحدة سيسبب اضطرابات للشركات. لكنهم أملوا أن يشجعهم ذلك على البحث عن عملاء جدد في دول أخرى. ومن المرجح أيضاً أن تُسبب الرسوم الجمركية ضرراً للمستهلكين الأميركيين، حيث حذر جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، هذا الأسبوع من أنها قد تزيد من التضخم في البلاد.

وفي ما يتعلق بالرسوم الجمركية المتبادلة التي فرضتها الصين على البضائع الأميركية، قالت لين إنها لا تشعر بالقلق من تأثيرها على نمط حياتها، فهي معتادة على شراء المنتجات من منصات التجارة الإلكترونية المحلية من المصنّعين الصينيين. وأضاف لين: "يمكن إنتاج جميع هذه المنتجات محليًّا تقريبًا". وأضافت: "في النهاية، الصين قوة صناعية عظمى. إذا لم تكن تبحث عن منتجات خاصة معينة، فسيكون التأثير ضئيلاً".

(فرانس برس)

قراءة المقال بالكامل