"ترجمان".. مئتا كتاب من الفكر العالمي إلى المكتبة العربية

منذ ٤ ساعات ١٤

منذ انطلاقها، عام 2011، حملت سلسلة "ترجمان"، التي تصدر عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، على عاتقها مهمّة ترجمة وتقديم أهمّ الأعمال الفكرية والعلمية العالمية للقارئ العربي، لتكون نافذته إلى الكتب غير العربية في مختلف الفنون العلمية من الفلسفة، والسياسة، والتاريخ، والعلوم الاجتماعية وغيرها، حتى أتمّت مؤخّراً الكتابَ رقم مئتين مع مؤلَّف الباحث ناصر ضميرية "الحياة الفكرية في الحجاز قبل الوهابية".

تُعنى وحدة "ترجمان"، المُشرفة على السلسلة، بترجمة الكتب المهمّة الصادرة بإحدى اللغات الأجنبية من طرف مترجمين أكاديميين محُترفين ومتمرّسين ويتمتعون بالخبرة وسِعة الثقافة والاطّلاع والتخصُّص في موضوعات الكتب التي يترجمونها. وتتمتّع هذه الكتب بقيمة بَحثية مُهمّة أو بقيم مرجعيّة في موضوعاتها، وتشمل في اهتماماتها الباحث العربي وطلبة الدراسات العليا، والقارئ المختصّ والمتطلّع إلى المعرفة في ميادينها المختلفة.

هنا وقفة مع مجموعة من آخر إصدارات سلسلة "ترجمان".

■ ■ ■

"الحياة الفكرية في الحجاز قبل الوهابية – عقائد التصوّف في فكر إبراهيم الكوراني (ت. 1101ه/ 1690م)" ‏‎لـ ناصر ضميرية، ترجمة: رائد السمهوري

يُضيء الكتاب على النشاط العِلمي والفكري المتّقد لمنطقة الحجاز في القرن الحادي عشر الهجري/ السابع عشر الميلادي، والغبن اللاحق بهذه المنطقة نتيجةَ عدم اعتبارها في مصنّفات المسلمين - بخلاف واقع الحال - من المراكز العِلمية المرموقة في العالم الإسلامي، متناولاً في جزء كبير من مادّة الكتاب بالحديث التفصيلي شخصيةً من أكابر رجال العلم في ذلك القرن، وهو إبراهيم الكوراني. وينقض ناصر ضميرية سرديتَي "الانحطاط" و"الجاهلية"، ويغوص ببحر الحياة الفكرية في الحجاز، وكيف ساهمت فيها تحوّلات ذلك القرن الكُبرى. 
 

"التسلُّطية الجديدة في روسيا: بوتين وسياسة ضبط النظام" لـ ديفيد لويس، ترجمة: عامر شيخوني 

يتّخذ الكتاب، الواقع في 392 صفحة، من الصراع بين الديمقراطية والتسلّطية بعد انتهاء الحرب الباردة ومفاعيلها مجالاً للدراسة، إذ تُعتبَر روسيا "اللاسوفييتية" الرُّقعة الجغرافية الأكثر إثارة للجدل في هذا المضمار، خاصة مع نظام حالي أنشأه فلاديمير بوتين، رجل المخابرات العتيق، والسياسي المخضرم الذي عاش في حقبتين، وورث بلداً كان زعيم جمهوريات سوفييتية انفرط عقدها وهامت كلٌّ في وادٍ نتيجةَ سبعين سنة من التسلُّطية والقمع والديكتاتورية وأقلّ القليل من الديمقراطية، لكنه كافح بعناد حتى كرَّس نسخة جديدة من السياسات السلطوية باتت تُعرف بـ"البوتينية".
 

"اللاهوت السياسي" لـ كارل شميت، ترجمة: رانية الساحلي وياسر الصاروط

يناقش الكتاب علاقة السيادة والحُكم باللاهوت، الذي قرنه شميت بالسياسة وأورده في الجزء الأوّل موصوفاً بها (اللاهوت السياسي)، وكذا الردّ على مقولات إريك الذي قال بنهاية اللاهوت السياسي وتفنيدها. وقد اعتبر مراقبون كثر، إثر صدور الجزء الأوّل، أنّ كارل شميت أوّل من استعمل مصطلح "اللاهوت السياسي" في علم السياسة، وهو يشرحه في الكتاب بالقول إنّ "مفاهيم النظرية الحديثة للدولة (...) لاهوتيةٌ مُعلمَنة".
 

"معنى الدين وغايته" لـ ويلفريد كانتويل سميث (1916 - 2000)، ترجمة: عمر سليم التل

يتضمّن الكتاب ثمانية فصول، خصّص الأول منها للمقدّمة، والأخير للخاتمة، ويناقش في الفصول الستة المتبقية حياة البشر الدينية ومفاهيمهم الموروثة الخاطئة عنها، التي يتحمّل الغرب في المئتَي عام الأخيرة قسطاً وافراً من المسؤولية في وجودها، مقترحاً العمل الجادّ على تخليص الناس من فهم اللاهوت بوصفه كيانات متضادّة،‎ وفتح الباب لمناقشة العلاقة بين الإيمان والحقيقة والتقاليد الثقافية. برزت في الكتاب ملامح عدّة لمنحى شميت الفكري السياسي؛ فهو يعتبر إعطاء الدستور الرئيسَ وليس البرلمان صلاحية إعلان حالة الطوارئ نقطة إيجابية، فالبرلمان في رأيه يعتمد الحلول الوسط بعد نقاشات عقيمة.
 

"السياسة علماً: مقدّمة نقدية" لـ فيليب شميتر ومارك بليشر، ترجمة: باسم سرحان وأنس أبو سمحان

يصف المؤلفان كتابهما بأنه ليس موضوعاً علميّاً يقدِّم فرضيات لاختبارها، أو يبحث عن أنماط ارتباط، أو يحتوي على استنتاجات، بل هو "ما قبل علمي"، يحدِّد ما يحاول فهمه أو تفسيره بسؤال "ما الذي ينبغي عليّ قوله؟" قبل "ما الذي يجب عليّ فعله؟"، ويعترف المؤلفان بأنه يحتوي مستجدّات قليلة، وأن معظم ما فيه افتراضات ومفاهيم مستعارة من الأسلاف، لاقتناعهما بأن المفيد في السياسة قد قيل، وبأنهما لم يُفرِطا في استخدام المصطلحات المتخصصة في محاولة لتجنيب القارئ تعقيدات الفهم، كما أنهما تجنّبا الهوامش الكبيرة.
 

"إسرائيل: التكوين، ترومان واليهود الأميركيون وأصول الصراع العربي – الإسرائيلي" لـ جون ب. جوديس، ترجمة: عامر شيخوني 

ينطلق الكتاب من الهجرات الصهيونية الأولى إلى فلسطين ووصول الاستيطان الروسي في تسعينيات القرن التاسع عشر وتأسيس "اتحاد الصهاينة الأميركيين" عام 1898، ثم الصهيونية الأوروبية والصهيونية الأميركية، وصولاً إلى تبلور القومية العربية الفلسطينية بالتزامن مع تسلّم الرئيس ترومان الرئاسة في عام 1945. أما كاتبه، فيقول إنه لا يخطّ كتابه هذا انطلاقاً من يهوديته ولمصلحة اليهود، بل لاكتشافه عن قُرب، عندما عمل مراسلاً لأخبار الكونغرس، مدى خوف السياسيين الأميركيين من معارضة اللوبي الإسرائيلي القوي؛ ما أقنعه بمواقف اليهود التجديديين، الذين عارضوا ثيودور هرتزل.
 

"هيغل وهايتي والتاريخ العالمي" لـ سوزان باك-مورس، ترجمة: علي حاكم صالح

يستند الكتاب إلى أن هيغل كان أولَ فيلسوف يصف السوق العالمي اللاإقليمي للنظام الاستعماري الأوروبي، إذ يقدِّم هيغل صورة للعبيد يصارعون لإطاحة عبوديتهم وإقامة دولة دستورية في ‏هايتي قبل مئتي سنة من الآن، والتي أسست أول جمهورية مستقلة للسود في العالم، وهنا مفصل يرى فيه هيغل تحققًا ‏للحرية، حين انبثق الاعتراف المتبادَل بين الأكفاء في هايتي، وأظهر العبيد قدرتهم على أن يصبحوا ‏فاعلين نشطين في حركة التاريخ من خلال صراعهم ضد العبودية بعد نسيان استمر قرنين، وهنا تحديدًا يظهر "اللغز" ‏الذي يحفز مقالة ‏‎"‎هيغل وهايتي‎".
 

"المدينة - الدولة في الزمن القديم" لـ نوما دوني فوستيل دو كولانج، ترجمة: حسين جواد قبيسي

ينقد الكتاب مسلَّمةً سائدة في العالم الغربي، تربط جذريّاً ثقافة الغرب وتطوّره وعلومه وفلسفته واجتماعه بشعبَين قديمَين هما الإغريق والرومان. ويُبيّن استقلالَ كلٍّ من المجتمعين الإغريقي والروماني بحكم نفسه بنفسه وبقوانينه، على الرغم من أنهما من عِرق واحد، وتكلُّمهما لهجتين متفرعتين من لغة واحدة، وامتلاكهما تاريخيّاً مؤسسات حُكم بعينها، ومرورهما بسلسلة ثورات متشابهة. ويركّز على الفوارق الجذرية بين هذَين الشعبَين وشعوب الغرب الحالية، منتقداً مقارنة النظام التعليمي والتربوي الغربي حياة الناس بحياة ذلكما الشعبَين القديمَين.
 

"الفرق في الإسلام: مدخل إلى دراسة الدين الإسلامي" لـ هنري لاوست، ترجمة: راضي علوش

هدف الكتاب إلى إبراز العلاقات المتبادلة بين الفِرَق والمذاهب والمدارس التي عارضَ بعضُها بعضها الآخر، على الرغم من انتمائها كلّها إلى المنظومة الدينية ذاتها. ولئِن كانت حقبة الخلافتَين الراشدة والأموية مهمّة في ولادة الانشقاقات الأولى وتشكُّل البناء التركيبي للإسلام نفسه، فقد فتحت أدبيات العصر العباسي باب الانشقاقات الإسلامية وكرّست بقاءَها واستمرارها على مختلف الصُّعُد المذهبية العقدية؛ مع الشيعة وكتّاب الحقبة البويهية، ومع السنّة، ومع المتصوفة، ومع المعتزلة.
 

قراءة المقال بالكامل