تزايد الإشارات الأميركية حول تغيير قواعد اللعبة مع إيران

منذ ٤ ساعات ١٧

قال وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، إن جماعة الحوثيين في اليمن لم يكن بمقدورهم استهداف خطوط الملاحة في البحر الأحمر "لولا الدعم الإيراني"، وذلك في مقابلة أمس الأحد مع شبكة "سي بي إس نيوز"، رداً على سؤال حول الغارات الأميركية العنيفة السبت ضد مواقع للحوثيين في اليمن.

تصريح تبعه السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام على للشبكة نفسها، قال خلاله إن إيران التي تقوم بتخصيب اليورانيوم "بدرجة 60% غير لازمة لاستخدامه في أغراض تجارية"، تريد "تصنيع القنبلة" النووية. وأضاف بأن نسبة نجاح حملِها على صرف النظر عن هذا الهدف عبر الدبلوماسية والمفاوضات، لا تزيد عن "واحد بالتريليون". كلام الوزير والسيناتور ليس بجديد عموماً رغم شدة لهجته وما كان ليستوقف لو لم يأتِ في امتداد إشارات وخطوات أميركية توالت مؤخراً في سياق تصعيدي يوحي بأن قواعد اللعبة مع النووي الإيراني تغيّرت. ثم جاءت تطورات إقليمية لتساهم على ما يبدو في تسريعها.

بدأ هذا التوجه يتجلّى مع الرسالة التي بعث بها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قبل نحو أسبوعين إلى القيادة الإيرانية، بخصوص الملف النووي، طارحاً معالجته بالتفاوض "المفضّل" إذا أمكن وإلا "فبالخيار العسكري". ردود طهران التي بدت أقرب إلى "نعم"، أدت إلى رفع العيار من خلال عملية أمس ضد الحوثيين كرسالة ثانية، أو هكذا قُرأت. سبق ذلك خطوتان: إعادة ضمّ الحوثيين إلى "لائحة الإرهاب" ثم الإعلان عن صفقة أسلحة بقيمة ناهزت 7 مليارات دولار أميركي لإسرائيل التي تردد أنها في صدد التحضير لضربة إيرانية.

مثل هذا الاحتمال جرى التلميح إليه في مجرى التصعيد الإسرائيلي خلال الأشهر الماضية ضد "الأذرع الإيرانية" في المنطقة، وذلك من باب أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي برئاسة بنيامين نتنياهو تزمع مواصلة مطاردة المحور حتى حلقته الأخيرة، خاصة بعد انهيار نظام بشار الأسد. ثم جاءت أحداث الساحل السوري الأخيرة لتعزز التصعيد ضد طهران، من باب أنها قد تكون ضالعة في إشعال النار بساحة تحرص واشنطن على استقرارها وعلى تصليب عود قيادتها الجديدة، لاعتبارات وحسابات إقليمية وجيوسياسية. ومن شبه المؤكد أن تلك الأحداث كانت في خلفية كلام الوزير روبيو، الذي بقي عند حدود التنديد بها والمطالبة بالتحقيق بشأنها، والسناتور غراهام الذي سبق ووصفها بأنها كانت من "أكثر" ما أقلقه بشأن الوضع السوري.

في ضوء هذه الأجواء المحمومة، ثمة من يربط بينها وبين اللقاء الإيراني الروسي الصيني الذي حصل في بكين يوم 14 مارس/آذار الجاري (نائبي وزيري خارجية موسكو وطهران مع وزير الخارجية الصيني)، من زاوية أن طهران أخذت التلويح العسكري الأميركي على محمل الجد ّوبالتالي سعت إلى هذا الاجتماع علّه يساعد في حمل واشنطن على التبصر ثم التراجع عن الخيار العسكري الذي تتزايد مؤشراته. لكن ما لفت أن البيان الختامي للاجتماع جاء فاتراً إلى حد أنه خلا حتى مما يشبه التحذير من أي حل عسكري للنووي الإيراني، مكتفياً بالتنويه بأهمية المعالجة "الدبلوماسية والحوار" على اعتبار أن ذلك يمثل "الخيار الوحيد والعملي" للتعامل مع هذا الموضوع.

بقطع النظر عما ستؤول إليه إشارات وخطوات إدارة ترامب تجاه إيران، فإن الرسالة التي يبدو أن الإدارة أرادت إيصالها هي أن قواعد لعبة التفاوض التي توالت فصول العمل بها إزاء النووي الإيراني لسنوات في زمن إدارتي باراك أوباما وجو بايدن قد انتهى مفعولها. المعطيات والمعادلات في المنطقة لم تعد على حالها. ثم هناك تفاهم بين الإدارة وحكومة نتنياهو التي ترك لها ترامب "التصرف" في ما تراه مناسباً في ملفات المنطقة ولو في حدود معينة، تتمدد وتتقلص حسب الظروف التي يعتبر فريق كبير من المراقبين، بأنها لم يسبق أن كانت أفضل لإسرائيل مما هي عليه الآن لتصفية الحسابات مع إيران.

قراءة المقال بالكامل