تقاربت الولايات المتحدة مع حلفائها في مجموعة السبع، أمس الجمعة، ولو مؤقتاً، لدعم وحدة أراضي أوكرانيا ومطالبة روسيا بأن تحذو حذو كييف في قبول وقف إطلاق النار وإلا ستواجه عقوبات أخرى محتملة. جاء البيان المشترك لوزراء الخارجية بعد أسابيع من التوتر بين حلفاء الولايات المتحدة والرئيس دونالد ترامب بسبب قرارته التي يترتب عليها تغييرات في السياسات الغربية المتعلقة بالتجارة والأمن وأوكرانيا.
وكان مسؤولو مجموعة السبع يخشون من ألّا يتمكنوا من الاتفاق على وثيقة شاملة تتناول القضايا الجيوسياسية بمختلف أنحاء العالم، في انقسامات قالوا إنها قد تخدم مصالح روسيا والصين. وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في حديثه للصحفيين بعد الاجتماع إن الولايات المتحدة شعرت بالارتياح إزاء البيان المشترك.
وقالت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي للصحفيين "فيما يتعلق بقضايا مختلفة، مثل أوكرانيا والشرق الأوسط، فقد عقدنا جلسات للحديث عن هذه القضايا والموضوعات المختلفة، وكان الهدف هو الحفاظ على وحدة مجموعة السبع القوية". وأكد البيان "دعمهم الثابت لأوكرانيا في الدفاع عن سلامة أراضيها وحقها في الوجود وحريتها وسيادتها واستقلالها".
قالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس لـ"رويترز": "وحدة الأراضي عنصر مهم في البيان و(الإشارة) إلى الأمم المتحدة"، في إشارة إلى دعوة إلى "سلام شامل وعادل ودائم بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة". وجرى تغيير نص سابق يشير إلى الحاجة إلى "ضمانات" أمنية للهدنة بكتابة كلمة "تطمينات"، لكنهم حذروا موسكو مطالبين إياها بأن تحذو حذو كييف في الموافقة على وقف إطلاق النار وإلا ستواجه مزيداً من العقوبات، بما في ذلك وضع سقف لأسعار النفط.
وورد في البيان المشترك "دعا أعضاء مجموعة السبع روسيا إلى الرد بالمثل من خلال الموافقة على وقف إطلاق النار على قدم المساواة وتنفيذه بالكامل". وذكر البيان في إشارة إلى وحدة أراضي أوكرانيا "أكدوا ضرورة احترام أي وقف لإطلاق النار، وأكدوا الحاجة إلى ترتيبات أمنية قوية وموثوقة لضمان قدرة أوكرانيا على ردع أي أعمال عدوان متجددة والدفاع ضدها".
ماكرون: على روسيا قبول مقترح الهدنة مع أوكرانيا
من جانبه، قال الرئيس الأميركي إنه يرى أخباراً سارة قادمة من روسيا، معرباً عن اعتقاده بأن موسكو ستبرم صفقة بشأن الحرب على أوكرانيا. وذكر ترامب أن "هناك أصداء جيدة قادمة من روسيا". في الأثناء، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجمعة إنه يتعين على روسيا قبول اتفاق وقف إطلاق النار لمدة 30 يوماً المقترح الذي تقدمت به الولايات المتحدة وأوكرانيا. أضاف ماكرون أنه ناقش الوضع مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وذكر زيلينسكي في كلمته المصورة مساء الجمعة أنه وماكرون ناقشا "حالة الدبلوماسية، والإمكانات المتاحة... والجوانب التقنية للإشراف على وقف إطلاق النار". وأضاف زيلينسكي "نحظى بدعم واضح من فرنسا" في كل هذه الأمور.
من جهة أخرى، اتّهم رئيس الوزارء البريطاني الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه لا يتعامل بجدية مع مساع تبذلها الولايات المتحدة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في أوكرانيا. موقف سترامر جاء بعدما قال الرئيس الروسي إن لديه "تساؤلات جدية" حول كيفية تطبيق مقترح ترامب لوقف إطلاق النار لمدة 30 يوماً في أوكرانيا.
ونقل بيان لرئاسة الحكومة البريطانية عن ستارمر قوله "لا يمكننا أن نسمح للرئيس بوتين أن يمارس ألاعيب" في ما يتّصل بالصفقة التي اقترحها ترامب. واعتبر ستارمر أن "تجاهل الكرملين التام لمقترح الرئيس ترامب بشأن وقف إطلاق النار يثبت أن بوتين غير جاد بشأن السلام". واتّهم رئيس الوزراء البريطاني بوتين بأنه "يحاول تأخير" وقف إطلاق النار.
ومن المتوقع أن يسعى رئيس الوزراء البريطاني إلى انتزاع التزامات من قادة دول شريكة لبلاده خصوصا في أوروبا وحلف شمال الأطلسي، بشأن كيفية مساهمتهم في دعم أوكرانيا في اجتماع افتراضي حول المسألة سيعقد صباح السبت. ويقود ستارمر مع الرئيس الفرنسي جهوداً من أجل تشكيل تحالف للدول التي تعتزم مواصلة دعم أوكرانيا منذ أن باشر ترامب مفاوضات مباشرة مع موسكو في فبراير/ شباط الماضي.
ويشدد ستارمر وماكرون على ضرورة تشكيل هذا التحالف، مع مواصلة الدعم الأميركي، لتوفير ضمانات أمنية لأوكرانيا عبر ردع بوتين عن خرق أي وقف لإطلاق النار. ويعرب رئيس الوزراء البريطاني والرئيس الفرنسي عن استعدادهما لنشر قوات بريطانية وفرنسية في أوكرانيا، لكن لم يتّضح ما إذا هذا الاستعداد ينسحب على بلدان أخرى.
وكانت واشنطن تسعى إلى فرض خطوط حمراء على الصياغة المتعلقة بأوكرانيا حتى لا تضر بمحادثاتها مع روسيا، وعارضت إعلاناً منفصلاً بشأن الحد مما يسمى بأسطول الظل الروسي، وهي شبكة شحن غامضة تتفادى العقوبات، في حين طالبت بلغة أكثر حدة بشأن الصين. وفي النهاية، وافقت مجموعة السبع أيضا على بيان منفصل بشأن الأمن البحري، بما في ذلك تشكيل فرقة عمل للتعامل مع أسطول الظل، وهو ما كانت كندا تدفع من أجل تنفيذه.
حذف "حل الدولتين" من البيان الختامي
واتخذ وزراء خارجية مجموعة السبع موقفاً صارماً تجاه الصين، إذ صعدوا من لهجتهم بشأن تايوان وألغوا بعض الإشارات التصالحية والتطمينات من بيانات سابقة، بما في ذلك سياسات "صين واحدة"، وهو أمر من المؤكد أنه سيشكل مصدر قلق كبير لبكين. وكان هناك جدل حول الصياغة المتعلقة بقطاع غزة والشرق الأوسط، ولا سيما فكرة حل الدولتين، وهو ما كانت الولايات المتحدة تمانعه.
ولم تتضمن النسخة النهائية أي ذكر لحل الدولتين، إذ حُذفت الصياغة التي أكدت على أهميته في المسودات السابقة للنص. وجاء في البيان "أكدوا على ضرورة إيجاد أفق سياسي للشعب الفلسطيني، يتحقق من خلال حل تفاوضي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني يلبي الاحتياجات والتطلعات المشروعة للشعبين، ويعزز السلام والاستقرار والازدهار الشامل في الشرق الأوسط".
