لا تزال قرى سهل عكار تشهد توافداً للاجئين من الساحل السوري خصوصاً إلى البلدات التي تضمّ مواطنين من الطائفة العلوية، رغم تسجيل تراجع في الأعداد، اليوم الأربعاء، مقارنة بالأيام الماضية، وذلك في ظلّ ترقب التطورات في سورية، ولا سيما بعد توقيع اتفاق يقضي بإدماج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ضمن مؤسسات الدولة السورية وتأكيد وحدة الأراضي السورية ورفض التقسيم.
وتواصل غرفة إدارة الكوارث في محافظة عكار تنسيق الجهود بين مختلف الفاعلين المحليين والدوليين لضمان استجابة منظمة وفعالة مع التركيز على تقييم الاحتياجات، وتوزيع المساعدات، وتعزيز الاستقرار الاجتماعي. كما يتم العمل على تعزيز آليات الرصد والتدخل السريع لمواكبة التطورات الميدانية والحدّ من التداعيات الإنسانية والاجتماعية للأزمة.
وحتى مساء أمس الثلاثاء، قُدّر عدد العائلات التي نزحت إلى محافظة عكار بـ1791 عائلة تضمّ نحو 8500 لاجئ. وقد توزّع هؤلاء على 17 بلدة وقرية في المحافظة، حيث يتم تأمين مساكن لهم في القاعات والمستودعات الموجودة فيها، علماً أنّ عائلات لبنانية استضافت عدداً من اللاجئين.
وتبعاً لتقرير غرفة إدارة الكوارث في محافظة عكار، فإنّ البلدات التي تستضيف اللاجئين هي البربارة (8500 فرد)، الحوشب (35 فرداً)، الحيصة (1000 فرد)، الدغلة (88 فرداً)، الريحانية (286 فرداً)، السماقية (399 فرداً)، العبودية (467 فرداً)، العريضة (41 فرداً)، المسعودية (2331 فرداً)، تلبيرة (1557 فرداً)، تلحميره (402 فرداً) تلعباس الشرقي (363 فرداً)، حكر الضاهري (991 فرداً)، ضهر القنبر (307 أفراد)، عين الزيت (173 فرداً)، القبيات (14 فرداً)، عندقت (13 فرداً).
وتقول مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، إنّ "العائلات تواجه صعوبات أثناء توجهها إلى البلدات العكارية، فهي تختار معابر غير شرعية، بطرقات وعرة، وتضطر إلى اجتياز النهر الكبير من أجل العبور، الأمر الذي يُعرّض الأطفال للخطر، كما يتعرّض البعض لإطلاق نار في أوقات متفرقة خلال محاولتهم الدخول من جانب عناصر من هيئة تحرير الشام، وهناك تواصل يحصل بين اللاجئين لتنسيق عمليات الدخول من أجل سلامتهم". وتلفت المصادر إلى أنّ "البلديات في عكار تعمل على تأمين المساعدات الأساسية للاجئين الجدد، من خلال المبادرات المحلية والفردية، في ظلّ غياب المنظمات الأممية، علماً أن هناك لاجئين موجودين منذ الثورة السورية عام 2011.
ومن أبرز المساعدات التي يُصار إلى تأمينها، الوسائد، البطانيات، الثياب، المصابيح الكهربائية، أدوات للطبخ، مكانس، أكياس للنوم، وغيرها إلى جانب مياه معبأة للشرب ومواد نظافة شخصية وعائلية وغيرها، كما تعمل عائلات على تحضير بعض المأكولات بكميات كبيرة لتوزيعها على اللاجئين. وتشير المصادر إلى أنّ "البلدات لديها قدرة استيعابية ولا يمكنها أن تحتمل توافد أعداد إضافية وكبيرة، فعكار تعاني إهمالاً مزمناً، وتفتقد إلى أبسط الخدمات الأساسية من بنى تحتية وكهرباء ومياه وغيرها، والدولة لا تكاد تنظر إليها وتهتم بشؤون مواطنيها، فكيف الحال مع وجود لاجئين سوريين منذ سنين، وانضمام لاجئين جدد إليهم، ما يحتم على السلطات التحرك فوراً والمنظمات الأممية العمل على تأمين المساعدة".
وتضيف المصادر أنّ "الأجهزة الأمنية وعناصر البلدية يحاولون تأمين سلامة اللاجئين والاستقرار في البلدات وسط مخاوف طبيعية من حصول أي توترات أو إشكالات أمنية، لكن حتى الساعة الوضع هادئ، على أمل أن تتحسن الأوضاع في سورية حتى يتمكن هؤلاء من العودة".
ويروي عددٌ من اللاجئين في بلدات الحيصة وتلبيرة والمسعودية، لـ"العربي الجديد"، كيف أنّ الطريق للوصول إلى الشمال اللبناني من سورية "كان صعباً جداً وخطراً في ظلّ الأحداث والاشتباكات الدامية وعمليات القتل التي يتعرّض لها المدنيون، الأمر الذي أثر على الوضع النفسي للكثير من الأطفال، فمنهم من بات يعاني من تبوّل لاإرادي، وآخرون يشعرون بالخوف بشكل مستمرّ، ويمكن لأي صوت أو حركة أن تثير الرعب في نفوسهم، وغيرها من الحالات التي يفترض متابعتها وعدم إهمالها".
ويضيفون أنّ صعوبات كثيرة تواجههم اليوم في العيش، خصوصاً أنهم لم يتمكنوا من إحضار أغراضهم معهم، منهم من غادر بما يرتديه من ثياب فقط، مشيرين إلى أن "أهالي البلدات العكارية استقبلوهم أحسن استقبال ويعملون على مساعدتهم وتأمين أماكن السكن لهم والمواد الأساسية، ولا سيما الغذائية منها والطعام للأطفال، ويرحّبون بهم"، لكن لا يعلمون إلى متى يمكن أن يتحمّلوا البقاء بعيداً عن وطنهم ومن دون عمل أو مدخول. ويرفع هؤلاء الصوت للمطالبة بـ"حماية دولية"، فهم يعتبرونها "الوحيدة القادرة على حفظ حياتهم وسلامتهم"، آملين بعودة الاستقرار إلى سورية ليتمكنوا من العودة، وإن خسر غالبيتهم منازلهم فيها.